22 يونيو، 2025 12:00 م

الملابس العسكرية في العراق .. لكل من أرادها

الملابس العسكرية في العراق .. لكل من أرادها

انتشرت محال الملابس العسكرية في بغداد بشكل واسع في الشهور الماضية وباتت مصدراً لتجهيزالفصائل المسلحة والجيش والعصابات التي تجوب شوارع بغداد.
يشتري محمد وليد وهو عريف في الشرطة الاتحادية العراقية تجهيزاته العسكرية من الأسواق المنتشرة في بغداد مثل بدلته العسكرية وبسطاله الصحراوي وخوذة الرأس غير الواقية، ودرعه البسيط الذي لا يحميه من أية رصاصة.
سعر البدلة العسكرية التي يكون قماشها من إنتاج صيني تُكلفه قرابة 50 الف دينار عراقي أي ما يعادل 40 دولارا أميركيا لكنها ليست ذات جودة عالية، فلونها سيختفي إذا ما استمر في الوقوف في نقاط التفتيش وتحت حرارة الشمس أو في الصحراء أثناء التدريب والقتال.
وفي منطقة الباب الشرقي وسط العاصمة العراقية بغداد تنتشر محال بيع الملابس العسكرية التي راجت بعد دعوى المرجعية الدينية في مدينة النجف بالتطوع لقتال تنظيم الدولة الاسلامية في مدن مختلفة.
تلك المحال الصغيرة التي تنتشر في بغداد قريبة من مقر وزارة الداخلية العراقية، ويمرّ من أمامها المسؤولون الحكوميون يومياً خاصة أولئك المعنيين بالملف الأمني أبرزهم وزير الداخلية.
يقول المتحدث بإسم وزارة الدخلية العميد سعد معن لمقع نقاش الاخباري إن “الوزارة شكّلت قسماً خاصاً للمحال المرّخصة ودوّنت أسماء بائعي الملابس وأصدرت تعليمات لأصحاب المحال بعدم البيع لغير العسكريين، وهذا ما تعمل عليه وتُراقبه الجهات المختصة”.
ويضيف “هناك تعاون بين تلك المحال والجهات الأمنية المختصة التي تمتلك سيطرة كاملة عليها وهناك اطلاع على عملها”.
وبدا المتحدث بإسم الداخلية العراقية متفائلاً بعمل تلك المحال وعدم استغلالها من قبل الإرهابيين والعصابات الإجرامية، على النقيض من أحد البائعين في محل بمنطقة العلاوي وسط بغداد الذي لا يأبه لهوية الزبون فكل ما يهمه هو أن يبيع ما في المحل.
ويقول هذا البائع ساخراً “أنا أبحث عن البيع، وعلى القوات الأمنية مراقبة من يريد استغلال تلك الملابس من عدمه، لا يمكنني أن ألعب دور رجل أمن وعامل في محل راتبي الشهري منه لا يتعدى 250 دولارا أميركيا”.
في وقت سابق كان علي أبو وليد وهو عامل في محل لبيع الملابس العسكرية يُدقق كثيراً في هويات الأشخاص الذين يبيعهم البدلات، لكنه في العامين الأخيرين بدأ يتذمر من الإجراء الذي وصفه بـ”المزعج” وهو يسأل عن هوية زبونه.
لم تقتصر الموجودات في تلك المحال على الملابس العسكرية إذ يمكن لأية قوة أو مجموعة مسلّحة أن تجهز مقاتليها منها، فهناك الهراوات والأصفاد وكذلك النظارات الشمسية الخاصة بالمقاتلين وحافظات المسدسات والدروع ومطّارات المياه فضلاً عن وجود واقيات الركب وقفازات خاصة.
أصبحت الملابس العسكرية في العراق مُتاحة للجميع في ظل وجود تلك المحال وبات بإمكان أي شخص داخل العراق إرتداء الزي العسكري وبكافة أنواعه، لكن يبدو إن الحكومة العراقية غير آبهة لخطورة هذه الظاهرة التي تستفحل يومياً وبدأت تكبر شيئاً فشيئا.
في الأشهر الأخيرة ازدادت عمليات الخطف والسلب من قبل عصابات ترتدي هذه الملابس، التي لا يمكن التعرف عليها بأي شكل من الأشكال، حتى الهويات التعريفية مُتاحة وبإمكان أفرادها إنتحال هويات أشخاص أمنيين.
القيادي في منظمة بدر وهي إحدى فصائل الحشد الشعبي كريم النوري يقول إن “الفصيل العسكري التابع لهم وهو فصيل بدر ليس لديه تعاون مع أي من تلك المحال، وتجهيزاته من الحكومة العراقية بإعتبار الحشد الشعبي هيئة رسمية”.
النوري يعتقد إن “بعض المقاتلين قد يحتاجون إلى مستلزمات معينة، وبما أنهم في حالة قتال فيشترونها منها لكن ليس بشكل رسمي فتجهيزاتنا من الحكومة فقط”.
ويعزو الخبير الأمني هشام الهاشمي تفاقم وجود تلك المحال إلى “عدم إنضباط المؤسسة العسكرية التي تقع على عاتقها مسؤولية استيراد تلك الأزياء والمستلزمات الأخرى، لا أن تبقى بيد تجّار يبيعونها لأشخاص ليسوا في المؤسسة الأمنية وربما تُستخدم لغايات غير قانونية”.
ويقول الهاشمي إن “وجود هذه المحال يمنح الإرهابيين والعصابات سهولة انتحال شخصيات رجال الأمن خاصة وإن كانت غير مرّخصة، لكن ما تبدو عليه اليوم هي عكس ذلك وهذا يحتاج إلى وقفة وإجراءات صارمة من وزارة الداخلية”.
ويعتقد إن “تلك المحال تابعة إلى ضباط عراقيين مسؤولين في وزارة الدفاع العراقية ولهم مصالح فيها، كما إن بعض التراخيص لتلك المحال تُمنح من عناصر أمنية في وزارة الداخلية مقابل مبالغ مالية”.
علاء عبو وهو قيادي في فصيل سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يقول إنهم “لا يستخدمون الملابس التي يتسلموها من الحكومة لأنها ليست بالمستوى المطلوب في ظل حرارة الجو المرتفعة في العراق، لذلك يشترون كميات ليست كبيرة من بعض التجّار”.
ويضيف “المقاتلون التابعون لسرايا السلام الذين يشترون من تلك المحال يعتقدون إنها مرخصة ورسمية وإلا لما تركتها وزارة الداخلية تمارس عملها”.
اليوم وفي ظل الوضع الأمني الصعب في العراق صار بإمكان أية عصابة إرتداء تلك الأزياء والتجوال في شوارع بغداد أو أية مدينة أخرى وكأنها قوة أمنية رسمية تابعة للدولة العراقية.

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة