يدخل العراق الآن صراعاً على الأرض بين الولايات المتحدة، التي تعزز قواتها هناك للإقامة الطويلة، وبين غريمتها إيران التي تغلغلت داخل جميع مرافق الدولة.. مع فارق واضح وهو ان “الرئيس الأميركي لا يعرف حتى الآن ما يريده بالضبط من العراق”، حسب ما نقلت مجلة “الإيكونومست” البريطانية عن مسؤولين وسياسيين عراقيين طلبوا عدم الإشارة لاسمائهم.
وفي تقرير يتساءل عن: “من يحكم ويتحكم في العراق؟”، تذكر المجلة البريطانية، تاريخاً قديماً من طموحات ايران باستعادة السيطرة على العراق، وكيف أن مشهد التنافس الراهن والمستقبلي بينها وبين الولايات المتحدة، يتضمن أرقاماً رسمية تتحدث عن 95 مستشاراً عسكرياً ايرانياً في العراق، في مقابل 5800 عسكري أميركي، معززين بعدة قواعد عسكرية وسيطرة جوية. لكن التقرير ينقل عن مستشارين في مكتب رئيس الوزراء “حيدر العبادي”، أن الرقم الحقيقي للقوات الايرانية في العراق هو أكبر من القوات الأميركية بخمس مرات.
تسلل إيراني داخل أجهزة الدولة..
تنقل “الإيكونومست” شواهد وقناعات بأن “اليد الإيرانية الخفية” موجودة في كل مكان بالعراق. وحسب المحلل الأمني “هاشم الهاشمي” فإن “أميركا أقوى، لكن الإيرانيين أشد خطورة.. لم يتركوا أي جهاز في الدولة إلا واخترقوه”.
ويشير التقرير إلى أن البناء الإيراني في العراق تحقق بالتراكم المنهجي. فبعد الحرب العراقية الإيرانية الأولى، عادت إلى العراق مجاميع الذين هربوا إلى إيران أو ممن أبعدهم “صدام حسين”. وهؤلاء العائدون الموالون لإيران تسلموا السلطة في العراق بعد إسقاط القوات الأميركية لنظام صدام حسين، إذ ملأوا الفراغ العراقي الذي حصل بعد غياب صدام ثم بعد خروج الأميركان عام 2011.
تشكيل المليشيات المسلحة بعد السيطرة..
يؤكد تقرير “الإيكونومست” على أن ظهور تنظيم “داعش” بعد مغادرة الأميركان، أعطى الفرصة لإيران إلى تشكل كتائب ما يسمى بـ”الحشد الشعبي”، وهم من غلاة الشيعة الذين أتاح لهم المستشار الإيراني المقيم في العراق الجنرال “قاسم سليماني”، أن يجتاحوا بغداد ويملأوا الفراغ الذي لم تشغله داعش من أراضي العراق.
وتنقل المجلة البريطانية من تفاصيل سيطرة الميليشيات الشيعية الموالية لإيران على المشهد العراقي، أن ميليشيا “عصائب الحق” قد احتلت قصر ساجدة – زوجة “صدام حسين” – في ضواحي بغداد، بينما بلغ عدد الميليشيات المسيطرة على بغداد حوالي مئة تشكيل.
شيعة عرب يطوقون إلى إستعادة العراق من النفوذ الإيراني..
يوضح تقرير المجلة البريطانية إنه في مقابل الشيعة الذين يدينون بمرجعية آية الله “علي السيستاني”، في النجف، فإن الكثير من القيادات الميليشياوية الأخرى لا يخفون تبعيتهم لمرجعية “علي خامئني”، في إيران.
وتنقل “الأيكونومست” أن قائد مليشيا بدر “هادي العامري”، أكبر التشكيلات المرتبطة بأيران، والتي تزيد عن 20 ألفاً، يعطي أوامره لأتباعه باللغة الفارسية حتى اليوم. كما لا يُخفي صداقته وتبعيته للقيادي الإيراني الجنرال سليماني.
وفي المقابل تنقل “الإيكونومست” عن شيعة عرب مناهضين لإيران، بأنهم فور وفاة “السيستاني” سيسيطرون على النجف ليضعوا حداً للتنفّذ الإيراني المتغلغل في كل المرافق العراقية.
ويكشف التقرير الصحافي عن أن السفير الإيراني الجديد في العراق كان يعمل مستشاراً رئيساً للجنرال سليماني في الحرس الثوري الإيراني. ولذلك فإنه – كما يقول التقرير – يرعى الضخ الإعلامي الذي يتوعد القوات الأميركية في العراق بالمواجهة والاستنزاف.