يسعى نائب رئيس الوزراء رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك الى تحقيق مكاسب وظيفية وسياسية من خلال اللعب على حبل التوازنات بين القوى السياسية .
ففي الوقت الذي ينسق المطلك مع رئيس الوزراء نوري المالكي وعينه على منصب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي فأنه يغازل من جهة اخرى متظاهري الاحتجاجات والتهديد بقطع ايدي المعتدين عليهم مع علمه ان قتل وجرح متظاهري الموصل قد تم بتوجيه من رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي لقوات مكافحة الشعب بالتصدي لهم.
وتؤكد معلومات حصلت عليها (كتابات) ان المطلك قد عقد صفقة مع المالكي من اجل الحصول على وزارة المالية لتكون من حصة حليفه جمال الكربولي رئيس كتلة الحل وانسحاب الاثنين من القائمة العراقية وتشكيلها لتحالف سياسي جديد يلتحق به لاحقاً سعد الجنابي رئيس التجمع الجمهوري .
وتقضي الصفقة بأن يعود كل من وزير التربية محمد تميم الجبوري عضو جبهة الحوار ووزير الصناعة أحمد الكربولي القيادي في كتلة (الحل) الى اجتماعات مجلس الوزراء اعتبارا من الثلاثاء المقبل والدوام في وزارتيهما على عكس ما تطالب به القائمة العراقية التي دعت وزراءها إلى الاستقالة من حكومة المالكي وقد أمتثل لقرارها وزيرا المالية رافع العيساوي والزراعة عز الدين الدولة فيما ينتظر ان يقدم وزير العلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرائي استقالته من الوزارة .
وللتغطية على هذه الصفقة فقد طالب المطلك اليوم بمحاسبة المسؤولين عن “الاعتداءات” التي تعرض لها المعتصمون في الانبار والموصل و”قطع ايديهم” على حد قوله. وقال المطلك في بيان “تلقينا بسخط وغضب شديدين الحدث الإجرامي الذي طال متظاهري الموصل وادى إلى استشهاد وجرح عدد من المنتفضين الذين يشاركون بمظاهرات سلميه تطالب برفع الظلم وأحقاق الحق”. وأكد اأن ”استمرار تمادي سلوك البعض من القوات العسكرية بأطلاق النار على المتظاهرين ما كان ليحصل لو تم محاسبة من اطلقها سابقا في تظاهرات الفلوجة”، مطالبا الحكومة بـ”قطع اليد التي امتدت على المتظاهرين بهذه الطريقة البشعة”.
وكانت ساحة الأحرار في محافظة نينوى شهدت أمس الجمعة الـ8 من أذار 2013، حادث إطلاق نار من الشرطة الاتحادية على المتظاهرين في ساحة الاعتصام، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، وذكر رئيس اللجان التنسيقية لمتظاهري ساحة الأحرار بالموصل حمد سلمان أن الحادث اسفر عن مقتل اثنين من المتظاهرين وإصابة ستة آخرين بجروح، فيما اكد قائد الشرطة الاتحادية في نينوى أن قوات مكافحة الشغب هي من قام بإطلاق النار.
وكان رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي دان، أمس الجمعة الـ8 من أذار 2013، بشدة ”الممارسات الطائفية بامتياز” التي تقوم بها الحكومة، واكد أن منع الصلاة في جامع أبي حنيفة واستخدام السلاح ضد المتظاهرين في الموصل وقبلها في الفلوجة هو “جريمة منظمة”، وطالب القضاء والادعاء العام ومجلس النواب بالتحقيق فورا بحادثة إطلاق النار على المتظاهرين، ليعلن وزير الزراعة العراقي عز الدين الدولة، بعد ساعات، من حادثة الموصل استقالته من الحكومة العراقية وانضمامه إلى صفوف المعارضة، احتجاجا على “مقتل متظاهرين بنيران أجهزة الأمن” في الموصل، ليصبح الوزير الثاني في القائمة العراقية الذي يعلن استقالته من الحكومة بعد وزير المالية رافع العيساوي.
كما أستنكر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمس الجمعة الـ8من أذار 2013، الاعتداء على المتظاهرين في الموصل وشدد على أنه أمر “حرام وممنوع”، مطالبا بفتح تحقيق في البرلمان واستدعاء من يقف خلف ذلك “الاعتداء السافر”.
وبدأت التظاهرات في محافظة الموصل في 24 كانون الأول 2012 وهي ثاني محافظة بعد الأنبار تحتج ضد سياسات الحكومة، وتطورت إلى اعتصامات مفتوحة في ساحة الأحرار وسط مدينة الموصل، فيما تشهد المحافظة عمليات شد وجذب بين القوات الأمنية وهيئة علماء ودعاة نينوى، إذ منعت قوات من الشرطة الاتحادية في الأول من شهر أذار 2013، هيئة علماء دعاة نينوى من إقامة صلاة موحدة في جامع التكاي غربي الموصل على الرغم من إعلان الهيئة استحصال الموافقات الأصولية لإقامة الصلاة في هذا الجامع وفي عشر أماكن أخرى في المحافظة.
وكان إقدام الحكومة، في 20/ 12/ 2012، على اعتقال عناصر من حماية وزير المالية رافع العيساوي، السبب المباشر في التظاهرات الحاشدة التي تشهدها البلاد والتي تندد بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، وتطالب بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات، وإطلاق سراحهم، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.
وعلى الرغم من أن التظاهرات هذه جاءت كرد مباشر على عملية اعتقال عناصر حماية العيساوي فإن أهالي المحافظات الغربية والشمالية كانوا وعلى مدى السنوات الماضية قد تظاهروا في العديد من المناسبات ضد سياسة الحكومة الحالية وإجراءاتها بحقهم، وأهمها التهميش والإقصاء والاعتقالات العشوائية والتعذيب في السجون وإجراءات المساءلة والعدالة وهي نفسها المطالب التي يرفعونها اليوم.