عبرت هيئة المساءلة والعدالة اليوم الاثنين عن استغرابها من ردّة فعل بعض النواب والمسؤولين العراقيين على قرارها باجتثاث 32 قاضيا من قضاة محافظة نينوى بشمال العراق. واتهمت الهيئة (هيئة اجتثاث البعث سابقا) في بيان لها “البعض بالتعمد في تضليل الحقائق، والتحريض ضد سلامة العاملين فيها” مؤكدة احتفاظها بحقها القانوني تجاه من يستهدفها.
وقالت إنها “تبدي استغرابها من ردة الفعل والمواقف السلبية التي صدرت من بعض النواب والمسؤولين حول الإجراءات الأخيرة المتخذة بحق المشمولين بها على وفق قانون المساءلة والعدالة ذي الرقم 10 لسنة 2008 وهو قانون نافذ ويستند إلى الدستور”. وشددت على أنها مؤسسة مستقلة تعمل على تنفيذ القانون على وفق الإجراءات المنصوص عليها .
واتهمت الهيئة جهات، لم تسمها، بـ” تضليل الحقائق جهلاً منها، أو بقصد حيث ادّعوا بأن أكثر من ثلاثين قاضياً من محافظة نينوى تم إقصاؤهم وإنهاء خدماتهم”. وأوضحت أن إجراءها “تضمن فقرتين أساسيتين، تتعلق الاولى بـ 26 قاضياً كونهم مشمولين بأحكام المادة ( 6) ثامناً من القانون التي تنص على عدم تسنمهم المناصب العليا من درجة مدير عام أو ما يعادلها ، مع استمرارهم بالخدمة في حين تضمنت الفقرة الثانية شمول خمسة قضاة بأحكام المادة( 6) سادساً من القانون التي تنص على عدم السماح لهم بالاستمرار في الخدمة في الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الأعلى كونهم بدرجة أعضاء فرق بحزب البعث المنحل”.
وأشارت إلى أن قانون المساءلة والعدالة منح المشمولين باحكامه حق الاعتراض على القرارات الصادرة أمام هيئة التمييز، “ومن ثم فإن هيئة المساءلة والعدالة لا تجد مبرراً لهذه الضجّة الإعلامية المفتعلة من قبل البعض، كون القانون قد رسم آليات واضحة للتنفيذ والطعن وهذا ما يجب أن يفهمه القضاة والقانونيون قبل الآخرين كونهم أصحاب الاختصاص”. وطالبت جميع الأطراف بـاحترام الدستور والقانون، وعدم زج قرارات الهيئة في خضم التجاذبات والخلافات السياسية .
ومن جانبه أعلن مجلس القضاء الأعلى عن اتخاذ رئيس المجلس مدحت المحمود الاجراءات بخصوص معالجة اثار قرار هيئة المساءلة والعدالة بشأن قضاة الموصل من خلال اتصاله مع رئيس الوزراء، مؤكدا أنه تعهد بمعالجتها عن طريق القضاء.
وقال المتحدث باسم مجلس القضاء القاضي عبد الستار البيرقدار إن “رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود اتخذ الاجراءات بخصوص معالجة اثار قرار هيئة المساءلة والعدالة تجاه قضاة الموصل بالاتصال مع رئيس الحكومة نوري المالكي”. وأضاف البيرقدار أن “المحمود تعهد بمعالجتها عن طريق القضاء”.
وكان مصدر في محكمة استئناف نينوى كشف، في (31 آب 2012)، أن هيئة المساءلة والعدالة قررت اجتثاث 30 قاضيا في المحافظة، مبينا أن المحكمة ستتخذ بعض الإجراءات لتعديل هذا القرار. ولاقى هذا القرار انتقادات من قبل سياسيي المحافظة أبرزهم محافظ نينوى أثيل النجيفي الذي وصف هذا القرار، أمس السبت (1 أيلول2012) بـ”غير القانوني”، وفي حين اعتبره “استهدافاً لمناطق معينة”، طالب السلطات الثلاث باتخاذ موقف من تلك الإجراءات.
وطالب النائب عن القائمة العراقية عبد ذياب العجيلي، اليوم الأحد (2 أيلول 2012)، هيئة المساءلة والعدالة بإيقاف عملية اجتثاث قضاة الموصل من اجل تفعيل المصالحة الوطنية، داعيا مجلس القضاء الأعلى إلى تحمل مسؤولياته الإنسانية والوقوف إلى جانب القضاة الذين تم اجتثاثهم.
كما اعتبر عضو مجلس محافظة نينوى يحيى عبد محجوب، أمس السبت، أن قرار هيئة المساءلة والعدالة القاضي باجتثاث 32 قاضياً في نينوى”محاولة للضغط على القضاء”، مطالبا مجلس الوزراء برد هذا القرار، فيما حذر من آثار سلبية تجر المحافظة إلى مزيد من الاضطراب في حال الاستمرار بهذه الإجراءات.
واتهم نواب عن محافظة نينوى، أمس السبت (1أيلول 2012)، هيئة المساءلة والعدالة السابقة بالبدء بحملة استهداف ممنهجة لمحافظات معينة بعد اختيار البرلمان للهيئة الجديدة، محملين إياها والحكومة بقيادة هذه الحملة، فيما حذروا من ردة فعل جماهير المحافظة.
كما اعتبرت القائمة العراقية، في اليوم ذاته، أن هيئة المساءلة والعدالة السابقة لا تمتلك السلطة القانونية أو الدستورية لإصدار القرارات كون الهيئة الحالية لم تباشر أعمالها حتى الآن، داعية مجلس القضاء الأعلى ورئيس الجمهورية إلى الوقوف بوجه إجراءاتها والتصدي لقراراتها باجتثاث 32 قاضيا في الموصل، فيما طالبت محافظ نينوى اثيل النجيفي ومجلس المحافظة إلى عدم تنفيذ هذه الاجراءات.
وسبق أن أصدرت هيئة المساءلة والعدالة قرارا باجتثاث 80 موظفا من وزارة النفط بينهم 59 شخصا من مصفى بيجي بمحافظة صلاح الدين، حيث حصلت الـ”السومرية نيوز”، في الـ21 من آب 2012، على نسخة من هذا الكتاب.
وكانت عدد من القوائم السابقة قد وردت إلى مصفى النفط في قضاء بيجي، (40 كم شمال تكريت)، تفيد بشمول أعداد أخرى بقرارات هيئة المساءلة العدالة، ليصل مجموع ممن سيتعرضون للطرد أو الإحالة على التقاعد إلى 130 موظفا، كما اعترضت جامعة تكريت، نهاية العام الماضي 2011، على اجتثاث نحو 140 موظفاً وتدريسيا فيها بسبب إجراءات هيئة المساءلة والعدالة.
يذكر أن الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر، قرر بعد دخول القوات الاميركية إلى العراق في العام 2003، حل حزب البعث الذي كان يقوده الرئيس السابق صدام حسين، وشكل لجنة اسمها “لجنة اجتثاث البعث”، ثم تم تغيير الاسم إلى هيئة المساءلة والعدالة، كما أصدر في أيار من 2003 قراراً بحل الجيش العراقي مع المؤسسات التابعة له.
وكان العشرات من محامي محافظة نينوى بشمال العراق اعلنوا امس اعتصاما مفتوحا احتجاجا على قرار هيئة المساءلة والعدالة،مطالبين بالغاء القرارالذي وصفوه بانه “يمس سيادة القضاء”. وكانت هيئة المساءلة والعدالة قررت نهاية الشهرالماضي اجتثاث 32 قاضيا من محافظة نينوى بدعوى انهم كانوا يتبؤون مواقع متقدمة في حزب البعث المحظور .
وقد واجه “قرار الاجتثاث” انتقادات واسعة من قبل بعض المسؤولين المحليين في محافظة نينوى في المقدمة منهم المحافظ أثيل النجيفي الذي وصفه ب”غير القانوني”، مطالبا التشريعية والتنفيذية والقضائية باتخاذ موقف واضح منه..