كشفت مصادر سياسية وأمنية مطلعة، اليوم الاربعاء، ان إدارة المنطقة الخضراء عاشت ليلة امس حالة من الرعب والخوف، من خلال حالة الانذار القصوى التي دخلتها القوات الأمنية واستحداث ابواب حديدية سميكة في مداخل الرشيد ومجلس النواب، اضافة الى الانتشار الامني المكثف وقطع جميع الشوارع والجسور المؤدية إلى المنطقة، وأكدت الحكومة حاولت عبر العديد من المسؤولين إقناع الصدر بفض الاعتصام خوفا من أن اقتحام المنطقة الخضراء.
وقالت المصدر لـ (المدى برس)، إن “اعتصامات التيار الصدري امس قرب مداخل المنطقة الخضراء اثارت الرعب لدى إدارة المنطقة الخضراء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة واغلب السياسيين العراقيين الموجدين هناك، خوفا من اقتحامها ليلا من قبل المعتصمين”.
واوضحت أن “المكتب القائد العام للقوات المسلحة أعلن حالة الاستنفار القصوى في محيط المنطقة الخضراء وبداخلها منذ قبل ظهر الثلاثاء بسبب الاعتصام إلا أن الأمر تطور إلى رعب وقلق شديد بعدما أعلن المتظاهرين تحويل التظاهرة إلى اعتصام مفتوح”.
ونظم المئات من انصار التيار الصدري تظاهرة قبل ظهر الثلاثاء أمام المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بإقرار الموازنة المالية للعام الحالي 2013، منددين بالجهات السياسية التي تعرقل إقرارها، لكن ما لبثوا أن قرروا تحويل التظاهرة إلى اعتصام مفتوح لحين إقرار الموازنة.
وبينت المصادر أن “مكتب القائد العام لم يكن يتوقع أن يبقى المتظاهرون في المكان مما اضطره إلى جلب مزيد من القوات من بينها الفرقة الذهبية لمكافحة الإرهاب، خصوصا وأن بعض الاحتكاكات سجلت بين المعتصمين والقوات الأمنية”، مضيفا أن “أوامر عليا صدرت استحداث دفاعات حديدة سميكة عند مدخل فندق الرشيد ومدخل البرلمان المؤديين الى المنطقة الخضراء”.
ولفتت المصادر إلى أن “رئيس الحكومة وقادة مكتبه العسكري خشوا استخدام القوة لفض الاعتصام واستعانوا بمسؤولين كبار للاتصال بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في بيروت واقناعه بالطلب من المعتصمين العودة إلى منازلهم”، مبينين أن “الاتصالات نجحت بإقناع الصدر وطلب من المعتصمين إخلاء المنطقة والعودة خصوصا بعدما تخوفت الحكومة من دخول بعض المندسين وتحويل الاعتصام إلى عملية لاقتحام المنطقة الخضراء”.
وشهدت مداخل المنطقة الخضراء أمس الثلاثاء حظرا على المركبات والمارة من غير أهالي المنطقة وانتشارا امنيا مكثفا استمر حتى فجر اليوم كما شوهدت قوات الفرقة الذهبية المرتبطة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة وقوات مكافحة الشغب وقوات التدخل السريع او ما يسمى بقوات “سوات”، منتشرة بشكل كبير في مداخل الخضراء.
وأكدت المصادر أن “الاعتصام انتهى قرابة الساعة العاشرة ليلا”، مشيرا إلى أن “الصدر اتصل بالشيوخ الذين كانوا يقودون الاعتصام وطلب منهم شكر المعتصمين على تلبية ندائه بالتظاهر للضغط على السياسيين لإقرار الموازنة وفض الاعتصام وبالفعل قام الشيوخ ووجهوا نداءات عبر مكبرات الصوت إلى المعتصمين اعلنوا فيها عن شكر الصدر لهم وطلبوا منهم العودة إلى منازلهم”.
ولفتت المصادر إلى أن “تظاهرة التيار الصدري ادت أيضا الاستنفار في جميع أنحاء مناطق بغداد”، موضحا أن “القيادة العسكرية كانت تتخوف دخول متظاهرين من المناطق الغربية إلى بغداد لمحاولة استغلال اعتصام التيار الصدري في اقتحام المنطقة الخضراء، ولهذا تم فرض إجراءات مشددة في العاصمة وقد تم إرجاع جميع مواطني المحافظات”.
وكان مواطنون من سكان بغداد أفادوا، مساء أمس الثلاثاء، بأن القوات الأمنية فرضت إجراءات أمنية مشددة في عموم مناطق العاصمة وشوارعها، وبينوا أن تلك القوات أجرت عمليات تفتيش دقيقة للسيارات والأشخاص وتدقق بهوياتهم وتمنعهم من الدخول إلى مناطق لا ينتمون لهما، في حين اكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية العراقية أن تعليمات صدرت إلى القوات الأمنية تفيد بضرورة إخلاء بغداد من جميع المواطنين من غير سكانها وإرجاعهم إلى محافظاتهم، مبينا أن المعلومات تشير إلى دخول أعداد كبيرة من التظاهرين المتنكرين إلى العاصمة.
وشهد الأسبوع الأخير شدًّ غير مسبوق بين رئيس الحكومة وائتلافه من جهة وبين المتظاهرين وقادتهم والسياسيين الداعمين لهم، إذا هاجم قادة التظاهرات في الرمادي في 22/ 2/ 2013 الحكومة العراقية اكدوا انها تنفذ مشروعا “صفويا، فاطميا كسرويا” للقضاء على سنة العراق، داعين شيعة العراق الى مراجعة أنفسهم ومواقفهم بشأن إيران من أجل التعايش السلمي مع باقي مكونات الشعب العراقي، مطالبين بحل المحكمة الجنائية والإفراج عن سلطان هاشم احمد وحسين رشيد التكريتي المدانين بتنفيذ عمليات الانفال خلال عام 1988 والتي اسفرت عن مقتل الالاف من المواطنين الكرد.
لكن رئيس الحكومة نوري المالكي رد بعدها بيوم واحد على تلك التصريحات بهجوم شديد اللهجة من البصرة خلال افتتاحه مؤتمر محافظات الوسط والجنوب، هجوما لاذعا على التظاهرات التي تشهدها المحافظات الغربية والسياسيين الداعمين لها، ووصف تصريحات “الشركاء” السياسيين بانها ”تصريحات حمقاء مقيتة” وصورهم على انهم “مصابون بمرض خطير هو الطائفية”، فيما أكد أنه سيقدم طلبا إلى القضاء لمحاكمة المتحدثين بالطائفية ومن أي جهة كانوا، محذرا “أمراء الميليشيات” من الاستمرار بالتصعيد “تنفيذا لأجندات إقليمية”,
وتعد كلمات قادة التظاهرات في الأنبار (في جمعة العراق أو المالكي)، هي الأبرز منذ انطلاق التظاهرات في (21 كانون الاول 2013)، وتشير بشكل واضح الى تأزم الوضع الطائفي في البلاد خصوصا خلال الأسابيع القليلة الماضية بالتزامن مع فشل الحكومة والبرلمان في التوصل الى حلولا واضحة تضمن تنفيذ مطالب المتظاهرين.
ويرى مراقبون أن ما يحصل في العراق الآن ينذر باقتتال طائفي، لا سيما مع الدعوات التي يطلقها هذا الطرف او ذاك والتي تؤجج الشارع العراقي من منطلقات مظلومية الطائفة وأبنائها، والتي القت بظلالها على تأخير التصويت على الموازنة العامة للعام 2013، وكذلك التصعيد الكلامي السياسي منذ انطلاق التظاهرات والذي بدأت تدخل فيه عبارات ومصطلحات يقول مراقبون إنها “سوقية”.