29 يوليو، 2025 10:46 ص

المرأة العراقية وأحلام “بلاسخارت” الوردية .. بين قيد “الكوتا” والتمثيل الشكلي ضاعت كفاءة بنت الرافدين !

المرأة العراقية وأحلام “بلاسخارت” الوردية .. بين قيد “الكوتا” والتمثيل الشكلي ضاعت كفاءة بنت الرافدين !

وكالات – كتابات :

عندما ألقت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، “جينين بلاسخارت”، فكرة تولي سيدة عراقية منصب رئاسة الجمهورية وغيره من المناصب العليا في الدولة، كانت كمن ألقى حجرًا حرك المياه الراكدة حول قضية دور المرأة في الحياة السياسية العراقية، وإنما من دون أن تُثير الكثير من الآمال بإمكانية تغيير محدودية الدور النسائي في المستقبل القريب.

قيد “الكوتا”..

وبرغم أن ما من قانون يُلزم الحكومة بتخصيص نسب من المناصب للنساء، إلا أن كل الحكومات المتعاقبة، منذ العام 2003، شهدت حضورًا نسائيًا – ولو متفاوتًا – في تولي المقاعد الحكومية. لكن المشكلة أن المرأة، وهي تُمثل نصف المجتمع، والتي يُقر الدستور بحقوقها المتساوية مع الرجل، كالتصويت والانتخاب والترشيح ما يعني حقها في العمل السياسي، تجد نفسها الوقت نفسه: “شبه مقيدة” بنظام: “الكوتا”، الذي يحدد من حضورها في البرلمان بنسبة: 25% فقط.

ويقلص هذا النظام من المدى الذي يمكن أن تذهب إليه المرأة العراقية في لعب دورها المفتوح على كافة قضايا البلد، ويحجب عنها جزئيًا قدرتها الممكنة على تولي مناصب قيادية أساسية في “العراق”، تارة بسبب ما يمكن وصفه بأنه: “السيطرة الذكورية”، وتارة بسبب: “الهيمنة الحزبية”؛ التي تستفيد من أصوات النساء في صناديق الاقتراع، وترشح بعضهن في لوائحها، لكنها بشكل عام، لا تدفع بهن إلى صدارة العمل البرلماني.

حقوق على الورق فقط !

وبحسب القانون الجديد للانتخابات، المقررة في 10 تشرين أول/أكتوبر المقبل، فإن كل دائرة انتخابية تحدد فوز ثلاثة مرشحين منها، أحدهم يجب أن يكون امرأة. لكن ضمان الحصة النسائية في البرلمان شيء، وضمان إعتلائهن مواقع قيادية عُليا، شيء آخر، بحسب ما أظهرته التحولات السياسية، منذ العام 2003، حتى الآن، إذ أن حجمهن التمثيلي في البرلمان، لم ينعكس بشكل متوازن في تمثيلهن داخل الحكومة.

وقالت المرشحة الانتخابية، “نور خوام أحمد”، تعليقًا على تصريحات “بلاسخارت”؛ أن حضور المرأة عن طريق “الكوتا”: “لن يُتيح لها أن تأخذ دورها في رئاسة البرلمان والجمهورية والوزراء، لأن أغلب الكتل هي أحزاب”.

واعتبرت “خوام أحمد”؛ أن تصريحات “بلاسخارت”: “لا تُطبق على أرض الواقع؛ إلا إذا كان هناك تدخل خارجي”، مشيرة إلى إنها لا تتوقع أن تتمكن سيدة من تولي منصب رئاسة الجمهورية.

وذكرت المرشحة الانتخابية بأن عدد المرشحين: 03 آلاف مرشح، بينهم: 900 سيدة مرشحة، متسائلة كيف سيتم اختيار امرأة في ظل هذا الوضع، داعية إلى: “تدخل أممي لتأخذ المرأة دورها فعليًا في العملية السياسية”.

مسيرة المرأة مع حكومات ما بعد 2003..

وتُشير وقائع الحكومات، منذ العام 2003، إلى مصداقية شكوك، “خوام أحمد”. وباستثناء الحكومة الانتقالية التي ترأسها، “إياد علاوي”، العام 2004، حيث شهدت أكبر مشاركة للنساء، (6 سيدات)، لم تتمثل المرأة بشكل كبير بعدها.

وتُشير الوقائع إلى أن “نسرين برواري”؛ كانت أول سيدة تتولى حقيبة وزارية، (وزارة الأشغال العامة)، خلال حكومة “مجلس الحكم الانتقالي”، بعد العام 2003. ثم في حكومة “إبراهيم الجعفري”، (التي جاءت بعد حكومة علاوي)، تسلمت خمس نساء حقائب وزارية، في العام 2005. وعندما تشكلت أول حكومة منتخبة برئاسة، “نوري المالكي”، (العام 2006)، لم تتمثل المرأة سوى بثلاث حقائب وزارية. وفي حكومة “المالكي” الثانية، جاءت وزيرتان فقط.

أما في العام 2014، في حكومة “حيدر العبادي”، فلم يتم اختيار سوى وزيرتين، في حين أن حكومة “عادل عبدالمهدي”، العام 2018، فلم تأت سوى بوزيرة للتربية، لتزيد عنها بوزارة واحدة خلال حكومة، “مصطفى الكاظمي”، الأخيرة.

وبكل الأحوال، فإن أي امرأة لم يُتح لها تولي أحد المناصب الرئيسة في الدولة، أي رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ورئاسة البرلمان، ولا حتى في السلطة القضائية.

وقالت الكاتبة الصحافية، “أمل صقر”، إن خطاب “بلاسخارت”: “هو مجرد كلام إعلامي”، متسائلة عن دور “الأمم المتحدة” تجاه المرأة، وعما قدمته في داخل “العراق” ؟

وأشارت “صقر” إلى أن المرشحات في الدورات الانتخابية السابقة؛ كان تم اختيارهن من قبل المنظومة الحزبية التي ينتمين إليها، وبالتالي فإن: “الاختيار كان على أساس الولاء لحزب، ولم تكن على أساس الكفاءة”، مضيفة هذا الوضع: “لم يفتح المجال أمام مرشحات مستقلات ذوات كفاءة عالية”.

وبعدما لفتت “صقر” إلى أن وجود بعض النائبات: “شكلي”، قالت تعليقًا على تصريحات “بلاسخارت” أنه: “يجب أن لا نترك الأمر في دوامة الأحزاب السياسية، وهذه الكوتا”.

فشل “الأمم المتحدة”..

ومن جهتها؛ قالت عضو لجنة المرأة في البرلمان العراقي، “ريزان شيخ دلير”؛ أن مشاريع “الأمم المتحدة”: “فاشلة”، موضحة أن دور “الأمم المتحدة” يُفترض أن يكون دورًا حقيقيًا. وأعربت عن استغرابها من: “الاجتماعات الذكورية التي تعقدها، بلاسخارت، مع السياسيين الرجال، وليس مع النساء لتستمتع إلى مطالبهن وتتناقش معهن لإيجاد بعض الحلول”.

ولفتت “ريزان شيخ دلير”؛ إلى أن التسلط في العمل السياسي العراقي الآن هو: “ذكوري”. وأعربت عن تشاؤمها من إمكانية التغيير في الانتخابات المقبلة، قائلة أن أي شيء لن يتغير في ظل سيطرة الأحزاب السياسية.

وتُشير الأرقام إلى أن: 70 مقعدًا برلمانيًا ذهبت إلى النساء في الانتخابات البرلمانية الأولى، العام 2005، (من أصل: 275 مقعدًا). وفي انتخابات العام 2010، نالت النساء: 83 مقعدًا، ثم رقمًا مشابهًا في انتخابات 2014، لكن كان بينهن: 22 سيدة فزن من خارج نظام “الكوتا”. أما في انتخابات العام 2018، فقد حصلت المرأة على: 84 مقعدًا، (من أصل: 329 مقعد برلماني).

ومن الواضح من هذه الأرقام والنتائج، وحجم الدور التمثيلي للمرأة في الحياة السياسية، أقله في السلطة التنفيذية، أن تحكم الأحزاب من خلال تمسكها بضمان الولاءات الحزبية والعقائدية والعرقية، مصحوبًا بالهيمنة الذكورية المجتمعية، لم تفتح الأبواب على مصراعيها أمام المرأة العراقية لتتولى المواقع التي تستحقها على صعيد القيادة في الصفوف الأولى، ما يُحرم “العراق” من كفاءاتهن؛ التي يمكن أن تُساهم في في بناء عراق جديد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة