حظوظ نوري المالكي في تمديد فترة رئاسته للحكومة العراقية تتراجع إلى مرتبة تداني الصفر لفقده مساندة أبرز الأحزاب الدينية الشيعية التي ينتمي إليها، في موقف لا يرى فيه مراقبون سوى صدى لتخلّي طهران عن المالكي الذي غدا ورقة محترقة في يدها يتحتّم التخلّص منها.
عقّد الحلفاء القدامى لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، مساعيه للحصول على ولاية ثالثة بإعلانهم مرشّحا منافسا له على المنصب من داخل البيت السياسي الشيعي، أو ما يطلق عليه البعض اسم «أحزاب إيران»، ما جعل الأوساط السياسية تتداول فرضية انسحابه من السباق نظرا لتعسّر مهمّته بفقده آخر مسانديه في الداخل، ولرفض المرجعية الشيعية له، بينما لا يستبعد مراقبون أن يكون كلّ ذلك صدى لتخّلي طهران عن المالكي باعتباره أصبح ورقة محترقة يتحتّم البحث عن بديل لها.
غير أنّ ائتلاف «دولة القانون» نفى أمس سحب المالكي ترشّحه. وعلّق مراقبون على ذلك بأنّه موقف منتظر من الرجل بدافع خوفه من المحاسبة والوقوع تحت طائلة القضاء في حال جرّد من سلطاته الواسعة، وذلك بالنظر إلى أخطائه الكبيرة أثناء ولايتيه السابقتين ومسؤوليته عن مقتل آلاف العراقيين بفعل الفشل الأمني والعسكري لحكومته، والحروب الداخلية التي خاضها، فضلا عن ملفات الفساد الكبيرة وقضايا سرقة المال العام التي عرفها العراق خلال فترة حكمه.
وأعلن الائتلاف الشيعي المكون من كتلتي «الأحرار» التي يتزعمها رجل الدين مقتدى الصدر و«المواطن» التابعة لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، عن الاتفاق على اسم المرشح الذي سينافس مرشح ائتلاف «دولة القانون».
وقال ضياء الأسدي رئيس كتلة الأحرار بمجلس النواب إن الائتلاف الوطني «حسم أمره بشأن اسم مرشحه لمنصب رئاسة الحكومة المزمع تشكيلها والذي سيتنافس مع مرشح ائتلاف دولة القانون الذي سيقدمه لهذا المنصب». ورفض الأسدي الإفصاح عن اسم مرشح الائتلاف الذي ينتمي إليه، إلا أنه أوضح بالقول «لن نشترك في حكومة رئيس وزرائها نوري المالكي ولن نتراجع عن هذا القرار».
واستدرك قائلا «نقبل بأي بديل شرط أن يحصل على إجماع وطني داخل التحالف الوطني ومن بقية الأطراف السياسية». وعن إمكانية تسلم المالكي لمنصب آخر في حال لم يتم ترشيحه لرئاسة الحكومة، قال الأسدي «لا يمكن إعطاء المناصب هبة أو إرضاء للآخرين».
ويصر ائتلاف دولة القانون بأنه الكتلة الوحيدة في البرلمان التي يحق لها تشكيل الحكومة المقبلة برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.
وعلى هذه الخلفية نفى قيادي بالائتلاف أمس تقارير تحدثت عن سحب الأخير ترشيحه لمنصب رئاسة الحكومة لولاية ثالثة. وقال محمد الصيهود إن «ما ذكر بأن المالكي سحب ترشيحه لرئاسة الحكومة عار عن الصحة، والمالكي لايزال مرشح كتلة دولة القانون الوحيد لمنصب رئاسة الحكومة».
وأضاف أن «كتلة دولة القانون متمسكة بالمالكي كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة نظرا لامتلاكه مشروعا وطنيا يهدف إلى الحفاظ على وحدة البلاد»، مشيرا إلى أن «المطالبة بتكليف رئيس وزراء توافقي يتعارض مع المشروع الوطني الذي يتبناه ائتلاف دولة القانون». وتابع أن «الكتل السياسية تسعى إلى تسمية رئيس وزراء توافقي ضعيف يوافق على جميع المشاريع التي تتبناها الكتل السياسية سواء كانت الكردية أو السنية والشيعية لذا هم يعارضون حاليا تولي المالكي ولاية ثالثة لرفضه تمرير المشاريع التآمرية».
وكان رياض الساعدي، العضو في كتلة الأحرار الشيعية التي يقودها مقتدى الصدر، قد أعلن أمس، أن المالكي قرر سحب ترشيحه للتنافس على منصب رئاسة الوزراء بعد تعرضه لضغوط خارجية وداخلية. وحذرت كتلة المجلس الأعلى الإسلامي، ائتلاف دولة القانون من الانشقاق عن التحالف الوطني لضمان حصول زعيم الكتلة نوري المالكي على منصب رئاسة الوزراء لولاية ثالثة.
وقال محمد الربيعي، القيادي في الكتلة إن «التحالف الوطني هو الكتلة الأكبر داخل البرلمان باتفاق أطراف التحالف الوطني رغم أن التحالف لم يقدم بصورة رسمية ورقة إلى رئاسة البرلمان تثبت اعتباره الكتلة الأكبر، لكن هناك اتفاق جرى بين كتل التحالف الوطني وبينها دولة القانون.