المجتمع العراقي تحت خطر “التحرش” .. من النساء للأطفال الظاهرة تنتشر مع ضعف الوعي القانوني !

المجتمع العراقي تحت خطر “التحرش” .. من النساء للأطفال الظاهرة تنتشر مع ضعف الوعي القانوني !

وكالات – كتابات :

بات مشهد التحرش وإلقاء الكلمات المُسيّئة في الطرقات والأسواق وفي أغلب الأماكن؛ لاسيما المدارس والكليات، مألوفًا في حين توجد العديد من الحملات المختلفة من قبل القوات الأمنية والمنظمات المدنية ومؤسسات أخرى لمحاولة الحّد من هذه الممارسة التي تناولها “قانون العقوبات” العراقي في أحد بنوده؛ تحت عنوان عقوبة: “الجرائم المخلّة بالآداب” التي تصل عقوبتها إلى السجن.

وتعليقًا على هذه الظاهرة؛ يقول القاضي “ناصر عمران”، إن: “التحرش مفردة لم ترد في قانون العقوبات العراقي؛ لكنه مصطلح متداول اجتماعيًا أكثر منه قانونًا، مع إن مفردة (التحرش) وردت في المادة (11) من قانون العمل العراقي رقم (37) لسنة 2015 النافذ في الفقرة (ثانيًا)، والتي نصت على أن: (يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مليون دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من خالف أحكام المواد الواردة في الفصل الثالث والمتعلقة بتشغيل الأطفال والتمييز والعمل القسّري والتحرش الجنسي)”.

التعريف القانوني..

ويُضيف “عمران” أن: “مفردة التحرش مفهوم واسع لا يمكن وضع تعريف جامع ومانع له؛ إلا إننا يمكن تحديد الاستدلال عليه بماهيات تكوينية لفعله المادي الملموس ويمكن القول بإنه، أقوال وأفعال وحركات وإيماءات ذات طبيعة عاطفية أو جنسية تُمثل انتهاكًا للجسد والمشاعر والخصوصية والاعتداء على الكرامة الإنسانية والذي يشعر معه من وقع عليه هذا الفعل أو القول بعدم الراحة والأمان والإساءة والإهانة والانزعاج وعدم الإرتياح وغيرها من المشاعر السلبية”.

ويُلفت “عمران” إلى أن: “هناك إحصائيات يتم اعتمادها في مواضيع الشكاوى المقامة أمام القضاء ولكن الشكاوى بهذا الموضوع؛ (التحرش)، تدخل ضمن الأفعال المخلة بالحياء الواقعة على الذكر والأنثى وبمختلف الأعمار؛ وبخاصة الأطفال، والقانون العراقي يعتبرها أفعالاً فاضحة مخلة بالحياء الواقعة على ذكر أو أنثى وترتكب بصورة علنية أو خاصة وفق المادة (402) من قانون العقوبات: (يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين: (أ – من طلب أمورًا مخالفة للآداب من آخر ذكر أو أنثى. ب – من تعرض لأنثى في محل عام بأقوال وأفعال وإشارات على وجه يخدش الحياء)”.

قلة الشكاوى..

ويؤكد القاضي إن: “قلة دعاوى التحرش ترجع إلى طبيعة المجتمع العراقي؛ إضافة إلى الردع القانوني والمجتمعي الذي سيتعرض له الفاعل أو المتحرش”.

وبخصوص الدعوى، يؤكد “عمران”؛ أن: “شكاوى التحرش قد تحتاج إلى رأي خبير فقد تعني بعض الكلمات أو التصرفات في مجتمع أو بيئة اجتماعية معنى التحرش في حين تكون في غيرها ليست كذلك”، لافتًا إلى أن: “هناك سلوكيات مجرمة تدخل في مفهوم التحرش رافقت التطور التقني واستخدام الشبكة العنكبوتية ومنها ظاهرة التحرش الالكتروني كما ان هناك ظواهر خطيرة يجب الوقوف عندها وتجفيف منابع تغذيتها وهي ظاهرة التحرش بالأطفال”.

عدم وجود رادع من ضعف الوعي القانوني..

من جانبها؛ توضح الناشطة المدنية ورئيسة مؤسسة (أصوات النساء لبناء السلام)؛ “سهى عودة”، أن: “التحرش أصبح ظاهرة وليس حالات محدودة، لعدم وجود رادع وعدم وجود وعي قانوني، وأيضًا عدم شعور النساء بالأمان حال دون تقديم الشكوى كذلك ضعف العلاقة بين المواطن والمراكز الأمنية من الأسباب العديدة لعدم الإفصاح عن هذه الظاهرة”.

وتؤكد “عودة”، الحاجة إلى: “وجود طرق لحماية النساء خاصة المنتميات إلى الأسر التي تخشى الإفصاح عن الشكوى خوفًا من الفضيحة”، مشيرة إلى أن: “ضعف الحماية للنساء في المجتمع هي من أبرز المشاكل التي أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة، فالحماية المجتمعية مطلوبة وضرورية وهي تكاد تكون معدومة”.

وتُشدد على أن: “يكون للشرطة المجتمعية دور كبير وفعال في معالجة هذه الظاهرة، فعندما يشعر المتحرش أن هناك حماية قانونية وأمنية للنساء سيتولد لديه رادع، وهذا أيضًا بحد ذاته يُشجع على تقديم الشكوى ومحاربة الظاهرة حتى أن الأسرة ستُصبح لديها قوة ذاتية في عملية تقديم الشكاوى”.

وتُشير “سهى” إلى أن: “التحرش لا يشمل النساء فقط بل حتى الأطفال، وأصبحت الظاهرة تدخل إلى المنازل وهناك الكثير من الحوادث المجتمعية بمختلف الفئات صُنفت على أنها تحرش بجميع أنواعه”.

وعن حملتها (اكو تحرش) تقول “عودة” إنها: “محاولة لإعلان بأن موضوعة التحرش بات يُشكل نوعًا من التهديد الاجتماعي ليس للنساء وإنما للعائلات بشكلٍ كامل لأنه أقرب للظاهرة؛ وعلى اعتبار أن المجتمع محافظ فهذا يجب أن يمنح أولوية للأخلاق والقيم؛ لذلك لا نستطيع التكلم عن التعرض للإساءة”، وتوضح: “حملتنا انطلقت في 2018 وتحديدًا هاشتاغ: (#اكو-تحرش)؛ وهذا كان اسم الحملة التي أطلقتها مؤسسة (صوت النساء لبناء السلام) من الموصل؛ وستعمل في كافة أنحاء العراق وسنُطلقها على مواقع التواصل الاجتماعي وكان صداها جيدًا”.

وتُلفت إلى أن: “الأسباب التي دفعتنا إلى قيادة هذه الحملة الإعلامية هو شكوى النساء والفتيات؛ خاصة عبر منصات (السوشيال ميديا) من تعرضهن للتحرش؛ علمًا أن أكثر الحالات في بغداد، إلا أن شجاعة النساء في بغداد أكثر من باقي المحافظات في الإفصاح عن المشكلة”.

وتُضيف أن: “التحرش يصل إلى مرحلة السّب والشتم إذا أرادت الفتاة أن تُدافع عن نفسها وكذلك هناك سبب دفعني لقيادة الحملة هو تعرض امرأة في الستين من عمرها إلى التحرش عندما أقلتها سيارة (تاكسي)؛ وهي كبيرة سن ومصابة بمرض السكري ولا تستطيع المشي مما اضطرها لتكملة الطريق سيرًا وهو بمسافة طويلة فكان الدافع الأكبر لإقامة الحملة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة