10 أبريل، 2024 5:17 ص
Search
Close this search box.

المجتمع الأميركي يتفسخ .. “جريمة بوفالو” تكشف مدى تحكم السلاح والعنصرية في الشارع و”بايدن” يتحدث عن “العار” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

شهدت “أميركا”: 33 حادث إطلاق نار جماعي؛ خلال النصف الأول من آيار/مايو 2022 فقط، و202 حادث من هذا النوع القاتل منذ بداية العام، آخرها مجزرة “نيويورك” العنصرية، فهل أصبحت “الولايات المتحدة” أخطر مكان على وجه الأرض بالفعل ؟

“إطلاق نار جماعي”؛ مصطلح يتم استخدامه عندما يفتح شخص ما النار بطريقة عشوائية فيقتل أو يصيب: 04 أشخاص على الأقل، دون أن يكون مرتكب الجريمة من بين القتلى أو المصابين، بحسب التعريف المعتمد لدى المنظمة الأميركية؛ (أرشيف عنف الأسلحة النارية-Gun Violence Archive)، وهو التعريف نفسه الذي يعتمده “مكتب التحقيقات الفيدرالية”.

وكان فتى أميركي يبلغ من العمر: (18 عامًا)؛ قد فتح النار بشكل عشوائي ليقتل: 10 أشخاص ويُصيب: 03 آخرين في متجر بقالة في “بوفالو”؛ بمدينة “نيويورك”، قبل أن يُسلم نفسه للشرطة. الفتى أبيض والضحايا أغلبهم من السود وصنفت الشرطة الحادث على أنه جريمة كراهية وعمل من أعمال: “التطرف العنيف بدوافع عنصرية”.

“جريمة بوفالو” وتفاصيلها المرعبة..

كانت الجريمة التي ارتكبها “بايتون غيندرون”، وهو من البيض، قد سبقها تخطيط ومنشورات على الإنترنت تكشف عن توجهات عنصرية لا لبس فيها، ورغم ذلك تمكن المتهم من شراء سلاح ناري وقام بتعديله لإضافة خزانة رصاص أكبر حجمًا، وقاد سيارته لمسافة ساعات وصولاً إلى “بوفالو”، الحي الذي تقطنه غالبية من الأميركيين السود.

مصدر الصورة: رويترز

وقالت الشرطة إنه سيتم التحقيق فيه باعتبار الحادث جريمة كراهية وعملاً من أعمال: “التطرف العنيف بدوافع عنصرية”. وكان المتهم قد نشر فيما يبدو تصريحات عنصرية على الإنترنت.

القاتل، المدجج بالسلاح ويرتدي سترة واقية من الرصاص وملابس عسكرية وخوذة وكاميرا لبث جريمته على الهواء مباشرة على الإنترنت، أطلق النار أولاً على أربعة أشخاص في باحة للسيارات أمام سوبر ماركت (توبس)، ثلاثة منهم قُتلوا قبل أن يدخل لمتابعة ارتكاب المجزرة.

وأطلق حارس أمن، وهو شرطي متقاعد، النار على المهاجم؛ لكن الأخير بفضل سترته الواقية من الرصاص لم يصب بأذى، بل قام بالرد وإطلاق النار على الحارس. سرعان ما وصلت الشرطة إلى مكان الحادث، فوجه الشاب سلاحه نحو عنقه قبل أن يُسلم نفسه للشرطة، بحسب تقرير لموقع إذاعة (مونت كارلو) الدولية.

القاتل المزود بكاميرا؛ قام ببث جريمته على الهواء مباشرة على (تويتر)، لكن المنصة قامت بحذف المحتوى بعد “دقيقتين” من البث؛ و”حذفت حساب المهاجم نهائيًا”؛ وأعلنت إنها: “تخضع جميع الحسابات التي يحتمل أن تُعيد نشر المحتوى للمراقبة”. كما أشارت وسائل الإعلام الأميركية إلى أن: “بيانًا” عنصريًا نُشر على الإنترنت في هذا الصدد.

ونقلت صحيفة (نيويورك تايمز)؛ عن: “البيان” إن المشتبه به: “استوحى” فعلته من الجرائم التي ارتكبها متطرفون بيض في السابق، بما في ذلك مذبحة عام 2019؛ التي راح ضحيتها: 51 شخصًا في مسجدين في مدينة “كرايستشيرش”؛ بـ”نيوزيلندا”. كما كشفت (بوفالو نيوز) عن وجود كلمة: “مسيئة وعنصرية” ومحظورة في “الولايات المتحدة” حول السود مكتوبة على السلاح الذي استخدمه.

كان الأسترالي؛ “برينتون تارانت”، قد ارتكب، خلال آذار/مارس 2019، جريمة إطلاق نار جماعي بحق مسلمين يؤدون صلاة الجمعة في مسجدين بمدينة “كرايستشيرش”، وأخبر المحكمة بأنه ظل يُخطط لجريمته لمدة عامين، مُقرًا بذنبه في: 51 تهمة بالقتل و40 تهمة بالشروع في القتل وتهمة واحدة بارتكاب عمل إرهابي، وأعرب عن ندمه لأنه لم يقتل المزيد ولم يُحرق المسجدين كما كانت خطته.

وعلى الفور أصدرت “نيوزيلندا” قوانين تحظر امتلاك الأسلحة نصف الآلية ووضع قواعد صارمة لحيازة الأسلحة عمومًا، لكن وعلى الرغم من الصدمة العالمية التي أحدثتها المذبحة بحق مسلمي “نيوزيلندا”، إلا أن ملفي إرهاب اليمين المتطرف وامتلاك الأسلحة النارية في “أميركا” لا يزالان دون حل بل يزدادان خطورة.

تم القبض على القاتل على الفور ووُجهت إليه تهمة: “القتل العمد مع سبق الإصرار”؛ وأودع السجن، وقالت حاكم ولاية نيويورك؛ “كاثي هوشول”، إنه: “متعصب للعرق الأبيض”. بحسب رئيس بلدية بوفالو؛ “بايرون براون”، فإن مُطلق النار سافر عدة ساعات لارتكاب جريمته.

أرقام مفزعة لإطلاق النار في “أميركا”..

شبكة (فوكس نيوز) الأميركية؛ نشرت تقريرًا عنوانه: “حتى الآن.. 33 إطلاق نار جماعي في آيار/مايو 2022″، رصد أرقامًا صادمة عن حوادث إطلاق النار الجماعي في “الولايات المتحدة”، والتي ترصدها تقارير منظمة (أرشيف عنف الأسلحة النارية)، إضافة إلى “مكتب التحقيقات الفيدرالي” وغيرها من أجهزة “وزارة الأمن الداخلي”؛ في “أميركا”.

وأول تلك الأرقام هي أن النصف الأول من شهر آيار/مايو الجاري؛ (من 01 حتى 15 آيار/مايو)، شهد: 33 جريمة إطلاق نار جماعي، ورغم ذلك لا يُعتبر الرقم قياسيًا في تلك الفترة، بل جاء منخفضًا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي؛ 2021، والتي شهدت وقوع: 37 إطلاق نار جماعي. أما عام 2017، فقد شهدت “أميركا”: 10 حالات إطلاق نار جماعي، مقابل: 20 حادثًا خلال 2018، و19 حادثًا عام 2019، ونفس الرقم عام 2020. كل تلك الحوادث خلال فقط النصف الأول من شهر آيار/مايو.

مصدر الصورة: RT

وإجمالاً خلال العام الجاري؛ 2022، أي نحو: 18 أسبوعًا فقط، شهدت “الولايات المتحدة الأميركية”: 202 جريمة إطلاق نار جماعي، مقابل: 205 جرائم خلال نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يُشير إلى أن تلك الحوادث المدفوعة في أغلبها بخلفيات عنصرية وكراهية؛ تزداد حدتها وتُهدد بانفجار المجتمع الأميركي نفسه من الداخل، بحسب نشطاء حقوقيون وخبراء في الأمن المجتمعي.

إذ على الرغم من أنه لا يكاد يمر يوم واحد دون وقوع جريمة إطلاق نار جماعي يفقد خلالها أبرياء حياتهم دون معنى أو ذنب ارتكبوه، لا يبدو أن قضية حيازة الأسلحة النارية في “الولايات المتحدة الأميركية” قد تجد حلاً جذريًا في المدى القصير أو المتوسط على الأقل.

وكان تقرير صادر عام 2019؛ عن مشروع الدراسة الاستقصائية للأسلحة الصغيرة؛ (SAS)، ومقره “سويسرا”، قد رصد وجود نحو: 857 مليون قطعة سلاح ناري حول العالم، يمتلك المدنيون الأميركيون منها النصف تقريبًا.

هل يمكن وضع ضوابط على حيازة الأسلحة النارية ؟

الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، ندد، في بيان أصدره بعد هجوم “بوفالو” الأخير في “نيويورك”، بالهجوم، مذكرًا بأن: “أي عمل إرهابي داخلي بما في ذلك عمل يرتكب باسم إيديولوجية قومية بيضاء بغيضة؛ يتعارض مع كل ما ندافع عنه في أميركا”، وأضاف خلال حفل تخليدًا لذكرى ضباط الشرطة الذين لقوا حتفهم أثناء أداء واجبهم: “يجب أن نعمل معًا لمحاربة الكراهية التي تظل وصمة عار في روح أميركا”.

لكن قضية امتلاك الأسلحة النارية في “الولايات المتحدة”؛ هي من أبرز الملفات التي تُمثل انقسامًا حادًا داخل البلاد، فالحركة الضخمة التي تدافع عن هذا الحق، هي في أغلبها جمهورية من حيث الانتماء السياسي ووجدت في الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”، ممثلاً جديرًا بالالتفاف خلفه ومساندته عندما أعلن ترشحه للرئاسة عام 2015.

وتُذكّر “جريمة بوفالو” بحادثتين أخريين: مذبحة عنصرية؛ في 03 آب/أغسطس 2019، قُتل خلالها رجل يميني متطرف يبلغ من العمر: (21 عامًا)؛ 23 شخصًا بينهم ثمانية مكسيكيين وأشخاص: “من أصل إسباني” في “إل باسو”؛ بولاية “تكساس” الأميركية، وفي 17 حزيران/يونيو 2015، قتل أحد العنصريين البيض تسعة مصلين أميركيين من أصل إفريقي في كنيسة في “تشارلستون”؛ بولاية “ساوث كارولينا”.

لكن على الرغم من تلك المجازر المتكررة لا يزال التيار المدافع عن حق امتلاك الأسلحة النارية له اليد العليا بشكل لافت، ولا يبدو أيضًا أن وضع قيود أو ضوابط على امتلاك الأسلحة قد يجد طريقه إلى النور قريبًا، في ظل الانقسام الحاد في “الكونغرس” بين الديمقراطيين والجمهوريين، بل وتُشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن الجمهوريين ربما يفوزون بالأغلبية في “الكونغرس”؛ خلال انتخابات التجديد النصفي، في تشرين ثان/نوفمبر المقبل.

وتُشير “الفيدرالية الأميركية” إلى زيادة مرعبة في امتلاك الأسلحة النارية في البلاد، إذ رصد تحقيق لمجلة (نيووكر) الأميركية؛ قبل فترة، ظاهرة الارتفاع القياسي في شراء الأسلحة النارية، كشف أن عام 2020؛ شهد شراء نحو: 17 مليون أميركي؛ 40 مليون قطعة سلاح.

مصدر الصورة: رويترز

بينما شهد العام الماضي في نصفه الأول فقط؛ شراء أكثر من: 20 مليون سلاح ناري آخر. وبحسب الأنماط التاريخية لمن يقتنون الأسلحة، تنتمي الأغلبية الساحقة من هؤلاء إلى الرجال البيض المنتمين للمناطق الحضرية في الولايات الجنوبية وينتمون للحزب (الجمهوري)، باختصار القاعدة الانتخابية الرئيسة؛ لـ”دونالد ترامب”.

وترتبط مشكلة حيازة الأسلحة النارية في “الولايات المتحدة” بكارثة الصعود الصاروخي لليمين المتطرف وأفكاره، وهي الكارثة التي تنتشر في الغرب بشكل عام وليس فقط “أميركا”. إذ كشف تقرير ألماني مؤخرًا عن ارتفاعات قياسية في عنف اليمين المتطرف تُشير إلى أنه ربما قد يكون خرج عن السيطرة بالفعل.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب