خاص : ترجمة – محمد بناية :
صعد “حسني مبارك”، الرئيس المصري الرابع، إلى السلطة بعد اغتيال سلفه، “أنور السادات”، عام 1981، واستمر في الحكم مدة 30 عامًا. وتنحى عن السلطة إثر موجة الاحتجاجات التي إجتاحت العالم العربي والمعروفة باسم “الربيع العربي”، وذلك بعد الإطاحة بـ”زين العابدين بن علي” في “تونس”.
تخرج “مبارك”، في العشرين من عمره، من الأكاديمية العسكرية المصرية، ووصل إلى منصب قائد القوات الجوية المصرية بعد نجاحاته في حرب “كيبور” ضد “إسرائيل”، وبعدها شُغل منصب نائب الرئيس المصري الأسبق، “أنور السادات”، وتمكن بعد اغتيال الأخير مباشرة؛ من إحكام قبضته على السلطة في “مصر” وتحول بذلك إلى أقوى حاكم عربي. بحسب صحيفة (المبادرة) الإيرانية.
ثلاثون عامًا من الرئاسة المصرية..
عقد “مبارك”، طوال فترة حكمه التي استمرت حتى ثلاثين عامًا، انتخابات رئاسية ثلاث مرات. وكانت هذه الانتخابات، كما الحال في معظم الدول العربية، بلا منافس وحصل خلالها على نسبة أصوات تجاوزت 90%، ورغم حالة الطواريء بعد الهزائم المتكررة في الحرب ضد “إسرائيل” ثم التوقيع على اتفاقية “كامب ديفيد”، وكذلك اغتيال “السادات”، تمكن “مبارك” من إحراز بعض التقدم من المنظور الاقتصادي، وعقد علاقات قوية مع العالم الغربي، وتحديدًا “الولايات المتحدة الأميركية”.
ومن منظور العلاقات الخارجية والاقتصادية؛ حقق “مبارك” انفتاح جدير بالملاحظة، مع هذا فقد كان من حيث السياسة الداخلية والحريات الاجتماعية حاكم عسكري يتتبع خطوات أسلافه.
وأخيرًا، وبعد إشتعال شرارة الثورات العربية في “مصر”، تنحى “مبارك” عن منصبه بعد 18 يومًا من المظاهرات الشعبية، وكلف “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” بإدارة البلاد، بتاريخ 11 شباط/فبراير 2011، رغم خطابه المتلفز قبل يوم من التنحي، والذي أكد خلاله الاستمرار في المنصب.
وقد كان من جملة القيادات العربية التي آثرت البقاء وعدم مغادرة البلاد، وتوجه بعد يومين من التنحي على “سيناء”. وبعد أسبوعين من التنحي أصدر النائب العام المصري، آنذاك، “عبدالمجيد محمود”، قرار بمنع “مبارك” من السفر والتحفظ على أمواله. وخضع للمحاكمة ثلاث مرات خلال عام واحد، بعد سقوطه عن السلطة، وكان يصمم على الإنكار في جميع الجلسات، وحصل على البراءة في تهم الفساد، لكنه عوقب بالسجن المؤبد بتهمة القتل.
“السيسي” مُنقذ “مبارك”..
مذلك تذبذبت الأوضاع السياسية المصرية. وفي البداية تمكن، “محمد مرسي”، من الوصول إلى سدة الحكم في انتخابات نزيهة، لكن وبعد عام عُزل من السلطة في انقلاب عسكري، وصدر ضده حكم الإعدام بتهمة الخيانة.
وبعد أشهر مات بشكل مثير للريبة أثناء المحاكمة. ويعتقد الخبراء أن “مرسي”، الذي تمكن من الوصول إلى السلطة كمندوب عن “الإخوان المسلمين”، (بعد 80 عامًا من الممارسة السياسية)، واجه العديد من الأزمات والمؤامرات.
ثم كان سقوط “مرسي”؛ وصعود الجنرال “عبدالفتاح السيسي”، بمثابة ورقة جديدة في التطورات المصرية. فقد عُهد إلى “السيسي”، باعتباره أحد أنصار “مبارك” والعسكريين المصريين، بالرئاسة المصرية، عام 2013، والمساهمة في استمرار الحكم العسكري في “مصر”.
وبعد تسلم “السيسي” السلطة، قضت محكمة الاستئناف ببطلان ملف الاتهامات ضد “مبارك”، والذي ناهز الـ 50 ألف صفحة ويشمل جرائم قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ والفساد المالي وغيرها. وفي العام ذاته حكم القاضي ببراءة “مبارك” من جميع التهم المنسوبة إليه؛ وتم الإفراج عنه.
وفي العام 2017، تم إغلاق ملف قتل المتظاهرين إلى الأبد. وكان “مبارك”، بحسب المراقبين، الأفضل حظًا من جميع القيادات العربية الأخرى؛ فلم يلقى مصير “القذافي” أو “بن علي” أو “عبدالله صالح”، وهذا يعود بنسبة كبيرة للتطورات التي أعقبت الثورة المصرية، وبخاصة صعود الجنرال “السيسي”، إلى سدة الحكم، وإلا لكان الفصل في ملف 30 عامًا من حكم “مصر” مختلف بالتأكيد.
بالنهاية ودع “محمد حسني مبارك”، الدنيا بعد 30 من حكم “مصر” وسنوات من المرض.