يدرك نوري المالكي وحزبه الحاكم، الدعوة ان المرحلة المقبلة هي مرحلة الإستحقاقات القانونية للجرائم التي أقترفها المالكي وحزبه ضد الشعب العراقي، ولذا فقد سلمت بريطانيا وامريكا مفاتيح القضاء العراقي له، ومنذ فترة طويلة عمل حزب الدعوة على أستدراج القضاء العراقي وجعله مطيعا يضعه في جيبه متى شاء، وبات رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود المنصب من قبل الحاكم الامريكي السباق للعراق بول بريمير تابعا منقادا لنوري المالكي، لا يتوانى عن تقديم أية خدمات تدعم سلطات حزب الدعوة ، وتعزز سلطاته، حتى وأن تعارض ذلك مع الدستور والقانون والقضاء العراقي، فمجلس القضاء جاهز مسبقا لكتابة بنود وفقرات تدعم حزب الدعوة وتكبر ديكتاتوريته الهشة.
من جانبه يبدو أن المالكي يعي تماما الدور الذي يقوم به المحمود ولذا فهو مستمر في تقديم الهدايا الثمينة له، من أجل زيادة تبعيته له، وآخرها أهدائه ارضا ثمينة تعود ملكيتها لـطه ياسين رمضان المحجوزة لدى أموال الدولة العراقية تقديرا لخدماته المقدمة له.
مصادر واسعة الإطلاع من داخل مجلس القضاء الأعلى ابلغت موقع “العراق تايمز” ان المالكي اهدى المحمود هذه الارض وتبلغ مساحتها خمس وعشرين الف متر مربع ويقدر ثمنها بخمسين مليون دولار تقع في منطقة ذراع دجلة شمال غرب الكاظمية تقديراً لخدمته ومكافأة له، “لما يبذله من جهود في خدمة القضاء العراقي وترصين استقلاله” كما جاء في كتاب التخصيص الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء.
واوضحت المصادر ان الأرض (الهدية) كانت مسجلة باسم نائب رئيس الجمهورية الاسبق طه ياسين رمضان وتم الحجز عليها بعد قوط النظام السابق عام 2003، وهي غير مشمولة باجراءات رفع الحجز التي اعلنت وزارة العدل مؤخرا البدء بها، باعتبار ان هذه الاجراءات تشمل دار السكن فقط، وليس الممتلكات الاخرى.
وقد أعرب المحمود في رسالة جوابية على كتاب التخصيص الصادر من قبل المالكي، عن “شكره لرئيس الحكومة”، معلنا فيه انه “سيبقى جنديا وفيا لدولة رئيس الوزراء” على حد قوله، متعهدا بـ ”حماية الدستور وتطبيق القوانين وفقا للعدل الذي هو اساس الملك، كما جاء في كتاب الشكر.
وتقول أوساط مجلس القضاء الأعلى بان هذه الهدية الثمينة هي لترضية المحمود بعد الحملة العشواء التي يشنها ضده النائب المستقل صباح الساعدي، حيث كان المحمود تعرض في الفترة الاخيرة الى سلسلة من الانتقادات والاتهامات التي قادها الساعدي، اكد فيها بالوثائق فساد المحمود وتنفيذه لخطط المالكي وحزب الدعوة والرضوخ لاوامرهما.
يأتي هذا في وقت يجتهد المحمود كثيرا هذه الايام في حماية المالكي من الدعاوى القضائية التي توجه ضده، وخاصة بعد أوامره المباشرة بأستهداف المتظاهرين في مدينة الفلوجة، والتي أدت لمقتل سبعة أشخاص من المدنيين المسالمين، وحراك أهالي الضحايا بالترويج لدعوى قضائية ضد المالكي وسعدون الدليمي وزير الدفاع وكالة بالتورط بصورة مباشرة في دماء أبنائهم، وأصدار أوامر بقتلهم.
وكان مدحت المحمود وقف بقوة أمام تفعيل دعوى قضائية رفعها أولياء دم محافظ البصرة الأسبق محمد مصبح الوائلي، الذي أغتالته قوة خاصة تابعة لنوري المالكي ويشرف عليها تمويلا وإدارة رجل الأعمال الموالي للمالكي عبد الله عويز الجبوري وعصام الأسدي، حيث أستخدم كل الإجراءات غير الشرعية من أجل إيقاف سير هذه الدعوة في المحاكم المختصة وعدم تفعيلها فضلا عن منع صدور أمر أستدعاء المالكي والمتهمين الباقين المتورطين بعملية الإغتيال والوقوف أمام القاضي لإستجوابهم، وعدم شمول المالكي بالمادة ٤ ارهاب، وتجميد القضية واصدار أوامر بمنع التحقيق بمقتل الوائلي.
يذكر ان الحاكم المدني الامريكي بول بريمر هو الذي اختار المحمود رئيسا للسلطة القضائية في العراق نهاية عام 2003، رغم ان الاخير كان من المسؤولين البارزين في عهد النظام السابق وتولى العديد من المناصب القيادية ابرزها المستشار القانوني لصدام حسين.