حقق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم نصرا قضائيا واداريا يدعم قراراته وتوجهاته السياسية حيث استجابت المحمكة الاتحادية العليا لاعتراض قدمه ائتلافه دولة القانون على اعفاء رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي مدحت المحمود من منصبه وقررت اعادته اليه وسط مخاوف من هيمنة رئيس الحكومة على قرارات الهيئات القضائية في البلاد.
فقد نقضت المحكمة الاتحادية العليا خلال اجتماع لهيئتها التي تضم 9 أعضاء قانون مجلس القضاء الاعلى واعادت مدحت المحمود الى منصبة رئيسا لمجلس القضاء الاعلى اضافة الى رئاسة المحكمة الاتحادية . وجاء النقض استجابة لطعن تقدم به رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية خالد العطية ضد قانون مجلس القضاء الاعلى الذي صوت عليه مجلس النواب مطلع العام الحالي وقضى بفصل المحكمة الاتحادية العليا عن مجلس القضاء الاعلى والذ تم على ضوئه اعفاء المحمود من رئلسة المجلس.
وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانونا يقضي بعدم جواز الجمع بين رئاسة مجلس القضاء الاعلى ورئاسة المحكمة الاتحادية لكن الطعن فيه من قبل المحكمة الاتحادية اليوم اتاح لرئيسها القاض المحمود
العودة الى منصبه الذي ابعد عنه في رئاسة مجلس القضاء الاعلى . وقد استند طعن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بالقانون على اساس انه مخالف للدستور لانه عبارة عن مقترح قانون وليس مشروعا قدمته الحكومة .
وكانت السلطة القضائية العراقية قد اعلنت مطلع شباط (فبراير) الماضي عن صدور قانون مجلس القضاء الاعلى بفصل رئاسة مجلس القضاء عن رئاسة المحكمة الاتحادية بعد نشره في جريدة الوقائع العراقية. حيث تولى بموجبه رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي حسن ابراهيم الحميري رئاسة مجلس القضاء الاعلى بدلا عن القاضي مدحت المحمود .
مخاوف من هيمنة المالكي على قرارات الهيئات القضائية
واثر صدور القرار اليوم اشارت مصادر عراقية الى انه سيتيح للمحمود السيطرة على جميع مفاصل السلطة القضائية بضمنها محكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي ومحاكم الاستئناف في كل العراق والتي فقد السيطرة عليها بعد خسارته لمنصبه بصدور القانون الملغى اوائل العام الحالي واعتبر خسارة فادحة للمالكي في وقتها نظرا لدعم المحمود لجميع قراراته وطعونه في القوانين التي لايرغب بسريانها.
وقالت المصادر ان الاطاحة بالحميري التي سعى اليها المالكي تأتي نظرا لانه غير مضمون الولاء للمالكي ولا ينفذ اوامر الحكومة مثلما يفعل القاضي المحمود . واوضحت ان خطورة قرار اعادة المحمود لمنصبه تأتي من تطلعات للمالكي يسعى اليها بتأجيل الانتخابات العامة في البلاد المقررة في اذار (مارس) المبل لترتيب اوضاعه الانتخابية بعد الخسارة التي مني بها في انتخابات الحكومات المحلية للمحافظات العراقية التي جرت في 20 نيسان (أبريل) الماضي .
وطالما اتهمت قوى سياسية عراقية وخاصة ائتلاف العراقية المالكي بتسييس القضاء واعابت على المحمود وضع قراراته في خدمة طموحات المالكي السلطوية ومساعيه لتصفية خصومه السياسيين.
واثر صدور النقض اليوم فقد دعا النائب المستقل صباح الساعدي رئيس الجمهورية الى أصدار قرار رئاسي بابطال قرار المحكمة الاتحادية اصادر اليوم بنقض قانون مجلس القضاء الاعلى لانه يتنافى مع شرعية جلسة المحكمة الاتحادية . وقال في مؤتمر صحافي في بغداد انه يجب نقض قرار نقض قانون مجلس القضاء الاعلى لانه يتنافى مع شرعية جلسة المحكمة الاتحادية لوجود عضو فيها غير اصيل وانما من خارج المحكمة باتخاذ القرار”.
وطالب الساعدي هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث بفتح ملف القاضي مدحت المحمود لانه كان مستشارا خاصا لرئيس النظام السابق صدام حسين واصبح رئيس مجلس القضاء الاعلى في عهد الحاكم المدني الاميركي بول بريمر بعد عام 2003 من خلال ابن اخته واخ زوجته اللذين كانا يعملان مترجمين لدى بريمر . كما دعا رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى فتح ملف السلطة القضائية حول القضاة الذين تم تعيينهم بعهد بريمر من البعثيين والذين ليس لديهم اية خبرة قضائية.
وكانت محكمة التمييز الاتحادية قد نقضت في شباط (فبراير) الماضي قرار هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث باجتثاث القاضي المحمود وذلك بعد 6 ايام من شموله بالاجتثاث بسبب ما قالت انه من انصار النظام السابق وهو القرار الذي اثار حفيظة المالكي واقدامه على اعفاء رئيس الهيئة من منصبه مطالبا بالغاء اجتثاث المحمود المتهم من قوى مختلفة بتسييس القضاء ووضعه في خدمة اجندات رئيس الحكومة السياسية.
ومدحت المحمود من مواليد بغداد عام 1933 وتخرج في كلية الحقوق بدرجة ( شرف ) للسنة الدراسية 1958 – 1959ومارس المحاماة بعد التخرج في كلية الحقوق. وكان عين محققا قضائيا في وزارة العدل عام 1960، ثم عين حاكما (قاضيا) في العام 1968 بعد اجتيازه امتحان الكفاءة و القدرة القضائية بتفوق ، عمل حـاكما (قاضيا) في العديد من المحاكم، ليعين في 12 حزيران (يونيو3) عام 2003مشرفا على وزارة العدل ( بمنصب وزير)، ثم عين نائبا لرئيس محكمة التمييز، و رئيسا لمحكمة التمييز الاتحادية، ورئيسا للمحكمة الاتحادية العليا في آذار عام 2005، ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى. يذكر أن القانون العراقي النافذ، ينص على انه يحال على التقاعد كل موظف عمومي لديه خدمة فعلية تصل الى 30 عاما او بلغ سن التقاعد القانوني وهو 63 عاما.