8 أبريل، 2024 8:57 ص
Search
Close this search box.

المالكي يحاكي قمع صدام للتغطية على فشله

Facebook
Twitter
LinkedIn

بغداد .. تيم أرانغو : في هذه الأيام في العراق دائما ما تتوافر الشواهد المدعومة من الحكومة التي يقودها نوري المالكي على ‏فظائع حكم صدام حسين. ففي مكتب وزير حقوق الإنسان، تعرض الواجهات المحاطة بالزجاج ملابس ‏ملطخة بالدماء جرت استعادتها من مقابر كبيرة.

 كما تخطط الحكومة لافتتاح متحف يحيي ذكرى ‏ضحايا النظام السابق وانتهاكات الماضي المؤرخة.‏
قد يبدو الأمر كمحاولة رائعة لمساعدة العراقيين في التعامل مع ماضي العنف الطائفي المؤلم في بلدهم ‏لو لم يقع عدد كبير من أعمال العنف المماثلة عبر أنحاء البلاد هذا العام، حسبما يشير مدافعون عن ‏حقوق الإنسان.‏
وفي ظل الانفلات الأمني المتفاقم، يقول عراقيون إنه يتضح أكثر فأكثر مع كل قصف أو تفجير وكل ‏موجة عنف جديدة أن قوات الأمن المدربة على أيدي الأميركيين ليست فعالة، والأسوأ من ذلك أنها ‏أصبحت مصدرا متزايدا للانتهاكات.‏
ويتبدد الأمل في الاستقرار تحت قيادة رئيس الوزراء نوري كامل المالكي، الذي تعهد بأن يكون قائدا ‏لكل العراقيين، ليفسح المجال لمخاوف من أن تحاكي حكومته العديد من الأساليب القمعية التي عانى ‏منها جمهور ناخبيه الشيعة في ظل النظام السابق. فمع شن جماعات مسلحة سنية تفجيرات أكثر ‏تدميرا هذا العام، ردت قوات المالكي بأشرس عمليات القمع، بما في ذلك، بحسب نشطاء حقوقيين، ‏حملات اعتقال السنة دون تمييز واستخدام أسلوب التعذيب لانتزاع الاعترافات والاستغلال المشين ‏لشهادات المخبرين السريين في كيل اتهامات وطلب رشاوى بشكل متكرر من أسر المعتقلين.‏
لقد بدأ المواطنون، الذين أحبطهم عجز قوات الأمن عن حمايتهم، يأخذون الأمور على عاتقهم، على ‏نحو يكشف عن وجه جديد للاضطراب في البلاد. فمع معاناة بغداد من يوم آخر من التفجيرات ‏الأسبوع الماضي، هاجم جمع غاضب في ضاحية شيعية رجلا يتهم أفراد منتمون إليه بزرع قنبلة في ‏سيارة. وقاموا بضربه وطعنه ليلقى مصرعه، ثم ربطوا جثته بسارية علم وأشعلوا فيها النيران. أظهر ‏مقطع فيديو تم التقاطه بهاتف جوال وبث على شبكة الإنترنت قوات الأمن تراقب المشهد ولا تحرك ‏ساكنا.‏
علاوة على ذلك، فإنه مع استجابة المزيد من العراقيين، السنة والشيعة، لنداء الانضمام إلى الأطراف ‏المتناحرة في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، أصبح من الأسهل الاعتقاد بأن الولاء الطائفي ربما ‏يتجاوز الحدود الوطنية. يبدو العنف أقرب من أي وقت مضى، بحسب العديد من العراقيين، إذ ينحرف ‏مفهوم مجتمع موحد عن مساره.‏
وفي خضم كل هذا، شاركت الحكومة بشكل متزايد في التطبيق المبدع للتاريخ، بحسب محللين. ففي ‏وقت سابق من هذا العام، وبعد أن أسفر قمع دموي لمظاهرة للسنة في شمال العراق عن سقوط قتلى ‏واندلاع معارك ضارية بين قوات الأمن التابعة للنظام وميليشيات السنة، بثت المحطات التلفزيونية ‏الرسمية أفلاما وثائقية عن جرائم حزب البعث، الأمر الذي دعا المنتقدين لاتهام الحكومة بمحاولة ‏صرف الانتباه عن أساليبها العنيفة.‏
وقال حميد فاضل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، إن إشارات الحكومة المستمرة إلى فظائع ‏العيش تحت حكم نظام صدام كانت جزءا من استراتيجية علاقات عامة تهدف إلى إخفاء أوجه إخفاق ‏المالكي في توفير خدمات أساسية مثلا الكهرباء والأمن. ويضيف قائلا «تحاول الحكومة إظهار أن ‏الخيار الآخر أمام هذه الحكومة الديمقراطية سيتمثل في عودة البعثيين وتعذيب المدنيين».‏
غير أن منظمة «هيومان رايتس ووتش» وغيرها من المنظمات الأخرى، بما فيها وزارة الخارجية ‏الأميركية، مستمرة في توثيق وقائع تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان في ظل الحكومة العراقية ‏الحالية. وتعتبر اللغة التي يستخدمها العديد من السنة لوصف عمليات الأمن الأخيرة مماثلة لتلك التي ‏تستخدمها الحكومة في عرضها أفعال الحكومة السابقة. على سبيل المثال، وصف وليد محمدي، وهو ‏مشرع سني، أفعال الحكومة بأنها تشجع على «الطائفية» و«الوحشية».‏
وكتب معهد دراسة الحرب، في بحث نشر مؤخرا، أن «الطائفة السنية العراقية كانت تزعجها ‏الاعتقالات للرجال السنة من دون تمييز». وجاء في البحث أنه «على الرغم من هذه الحملة، استمر ‏تنظيم القاعدة في إظهار قدرته على العمل وشن الهجمات في بغداد والمناطق المحيطة».‏
وقبل فترة، حذرت مجموعة الأزمات الدولية من «حرب أهلية طائفية جديدة»، وذكرت أن استراتيجية ‏‏«انتهاج إجراءات أمنية أكثر عنفا من شأنها أن تزيد من تفاقم الوضع».‏
وتتجلى أصداء تلك الاحتمالية في صور التعبير عن الغضب من جانب سنة بارزين. فقد أصدر أسامة ‏النجيفي، رئيس البرلمان، أخيرا بيانا يشجب فيه موجة الأعمال القمعية من جانب النظام، واصفا إياها ‏بأنها «أعمال استفزازية تنفذ يوميا ضد سكان تلك المناطق». وأضاف النجيفي «يجب ألا يأتي تنفيذ ‏القانون على حساب حياة العراقيين، أو كرامتهم أو أملاكهم».‏
وقد ارتدى المالكي عباءة مقاتل ضد الإرهاب، ليقوم بما يتعين عليه القيام به. وفي خطاب أخير، تعهد ‏قائلا «لن نتهاون في مواجهة الإرهابيين». وأشار إلى أن الحكومة اعتقلت أخيرا 800 شخص ‏‏«وقتلت عشرات الآخرين في اشتباكات مع قوات الأمن، التي دمرت أيضا البنية التحتية التي ‏يستخدمونها في تصنيع أدوات القتل والتفجيرات، واستحوذت على أعداد ضخمة من الأسلحة المعقدة ‏والمتفجرات».‏
الآن، يقول الكثيرون من السنة إنهم اعتادوا على الشعور بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، تماما ‏مثلما كان يشعر الشيعة في ظل النظام السابق. ويقول حكيم الأعظمي، العاطل البالغ من العمر 54 ‏عاما ويعيش في منطقة الأعظمية السنية في بغداد «لست مندهشا مما يحدث». ويضيف «إنهم ‏يستغلون السنة ويزيدون خصومهم السياسيين». وقال إن الحكومة ضغطت على السنة لتوفير ‏معلومات استخباراتية عن الأنشطة الإرهابية. وتحدث قائلا «بعدها، هناك التفجيرات، ويتهم السنة ‏بأنهم إرهابيون، ويبدأون في اعتقالهم».‏
ورغم ذلك، فإن التفجيرات أصبحت أكثر تدميرا وتكرارا، بغض النظر عن الإجراءات الأمنية الأشد ‏قسوة. ويتناقص عدد العراقيين، بمن فيهم الشيعة، الذين يعربون عن ثقتهم في قدرة القوات الأمنية على ‏إبقائهم آمنين.‏
وتحت الحصار، يبحث المالكي عن تعزيزات. ومن خلال قيامه بهذا، يستقي مباشرة من صفحة في ‏كتاب سجل النظام القديم الشيطاني. فقد ظهرت دعوة أخيرا في وسائل الإعلام الإخبارية المحلية تحث ‏ضباط القوات الخاصة السابقين ومدربيهم، ممن يحملون رتبة رائد أو أقل، على تلبية احتياجات بلدهم ‏وزيارة الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع لإعادة التقدم بطلب للانضمام للخدمة العسكرية. وكانت تلك ‏القوات الخاصة من بين أكثر القوات المهيبة لدى صدام، وتحملت المسؤولية عن أفظع الجرائم التي ‏ارتكبت ضد الشيعة في العراق.‏
‏* خدمة «نيويورك تايمز»‏

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب