خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في ختام جولته الأوروبية التي استمرت أسبوع، أعلن وزير الخارجية الأميركي، “ريكس تيلرسون”، أن مجموعات عمل مكلفة بإصلاح عيوب في الاتفاق النووي الإيراني بدأت بالفعل في عقد اجتماعاتها، في محاولة لتحديد نقاط التعديلات المطلوبة ومدى مشاركة إيران في ذلك.
قائلاً “تيلرسون”، في وارسو، إنه تمكن من الحصول على دعم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وكلها دول موقعة على الاتفاق المبرم في 2015، للعمل على تعديل الاتفاق الذي حذر الرئيس “دونالد ترامب” من أن بلاده ستنسحب منه إذا لم يتم إجراء تعديلات فيه.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي للصحافيين: “الظلام يصبح حالكاً عادة قبل الفجر.. مجموعات العمل بدأت بالفعل في الاجتماع في محاولة للاتفاق على المبادئ، وعلى نطاق ما نحاول معالجته، وأيضاً مدى إشراك إيران في المناقشات الرامية إلى معالجة تلك القضايا”.
تخفيف العقوبات مقابل كبح البرنامج النووي..
كفل الاتفاق النووي تخفيف عقوبات دولية كانت مفروضة على إيران وتكلفها مليارات الدولارات مقابل كبح برنامجها النووي.
وتعهد “ترامب” بوقف رفع العقوبات الأميركية على إيران، إذا لم يوافق الأوروبيون على تقوية شروط الاتفاق بالموافقة على اتفاق ملحق سيحذف عملياً بنوداً تسمح لإيران بأن تستأنف تدريجياً بعض النشاط النووي المتطور.
كما يريد “ترامب” أيضاً فرض قيود أكثر صرامة على برنامج إيران للصواريخ “الباليستية”.
جزء صغير من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط..
قال “تيلرسون” إن الاتفاق النووي لا يشكل سوى جزء”صغير” من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وأن واشنطن قلقة بشكل آني أكثر من قضايا أخرى؛ من بينها دعم إيران للحوثيين في اليمن، وتزويدها جماعات في المنطقة بالأسلحة.
وأضاف: أن “مجموعة عملنا تعتزم أيضاً تحديد نقاط لزيادة التعاون (مع) أوروبا لمكافحة سلوك إيران الضار”.
العمل لمنع إيران من حيازة سلاح نووي..
كان الرئيس الأميركي، قد دعا الجمعة، حلفاء الولايات المتحدة إلى العمل من أجل منع إيران من حيازة سلاح نووي.
وقال “ترامب”، في كلمة أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس” بسويسرا: “نكرر دعوتنا شركاءنا للحيلولة دون حصول إيران على السلاح النووي”، مشدداً على أن بلاده ستمنع طهران من الحصول على هذا السلاح.
وعبر “ترامب” في أحاديث خاصة عن إستيائه من اضطراره إلى تمديد تعليق العقوبات مرة أخرى على دولة يعتبر أنها تشكل تهديداً متزايداً في الشرق الأوسط.
مواصلة الضغط في مجلس الأمن..
في السياق ذاته، يعتزم “ترامب”، مواصلة الضغط على إيران من خلال العديد من الإجراءات التي ينوي إتخاذها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ الأمر الذي من شأنه أن يمثل ورقة جديدة للضغط على طهران أو الدول المشاركة الأخرى في الاتفاق النووي.
وقالت صحيفة (واشنطن إكزامينير) الأميركية، إن “ترامب” سيكون على موعد مع لقاءات مختلفة داخل مجلس الأمن، يوم الإثنين المقبل، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي سيحاول إقامة تحالف دولي ضد إيران خلال مناقشاته المتعددة، التي يدعمها بأخرى مع الكونغرس.
مشيرة الصحيفة الأميركية إلى أن “ترامب” سيعقد غداء عمل مع مسؤولين من مجلس الأمن والكونغرس والحلفاء الأوروبيين، وذلك في إطار سعيه لعلاج العيوب التي يراها مُقلقة في الاتفاق النووي الإيراني، لاسيما في أعقاب تهديد “ترامب” بإنسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق حال إبقاء الاتفاق النووي دون تعديل.
“هايلي” تقود الجهود الدبلوماسية الخاصة بتفتيش الصاروخ “الباليستي”..
أشارت إلى أن “نيكي هايلي”، مبعوثة واشنطن الدائمة في الأمم المتحدة، ستتولى مهام قيادة الجهود الدبلوماسية في عملية قيادة مجلس الأمن الدولي خلال عملية التفتيش عن حطام صاروخ “باليستي” تم إطلاقه من عناصر “الحوثيين” في اليمن، ويحمل سمات التصنيع الخاصة بإيران.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يكتشف الخبراء الدوليون بصمات إيران على الصواريخ “الباليستية” التي يستخدمها الحوثيون في اليمن لإستهداف مناطق مختلفة بالمملكة.
إيران ترفض التعديل..
أكدت إيران مراراً رفضها لأي تعديل للاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى الكبرى، وأنها لن تتخذ أي إجراء بعيد عن إلتزاماتها في إطار الاتفاق النووي ولن تقبل بأي تعديل لهذا الاتفاق لا اليوم ولا في المستقبل، ولن تسمح بربط الاتفاق النووي بقضايا أخرى.
هيئة مشبوهة..
انتقد رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما، (مجلس النواب)، الروسي، “ليونيد سلوتسكي”، مجموعة العمل التي شكلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا من أجل صياغة اتفاقيات إضافية حول الاتفاق النووي الإيراني، ووصفها بأنها “هيئة مشبوهة”.
وقال “سلوتسكي”، في تصريحات بثتها وكالة أنباء (تاس) الروسية: إن “مجموعة العمل التي شكلتها الولايات المتحدة و(الثلاثي الأوروبي) لصياغة اتفاقات إضافية حول ما يسمى بالاتفاق الإيراني، تعد بمثابة هيئة مشبوهة لن تسهم في أي حل لقضية البرنامج النووي لطهران”.
يؤثر سلباً على اتفاقيات خطة العمل المشتركة..
مضيفاً: أن “توقيع اتفاقيات إضافية أو إنشاء آليات أخرى، يمكن أن يؤثر سلباً على تنفيذ الاتفاقات القائمة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة”.. مؤكداً على أن زج واشنطن بسياستها الرامية إلى مراجعة الاتفاق الإيراني على المنصات الأوروبية يعد إشارة سلبية للغاية.. ومحذراً من أن هذا الأمر يمكن أن يقوض تنفيذ خطة العمل الشاملة، ويزيد من تفاقم الوضع العام للأمن النووي ونزع السلاح.
وفي 14 تموز/يوليو 2015، توصلت إيران ومجموعة دول (5+1): “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وروسيا وفرنسا مع ألمانيا”، إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. وفي 16 كانون ثان/يناير 2016، تم الإعلان عن البدء في تنفيذ الاتفاق الذي تتحمل إيران بموجبه مسؤولية كبح أنشطتها النووية ووضعها تحت السيطرة الكاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مقابل إلغاء العقوبات الدولية المفروضة سابقاً على برنامجها النووي.
تحتاج لضمانات إضافية..
يرى خبراء في الاتفاق أن الولايات المتحدة تحتاج إلى ضمانات إضافية تحول، بعد انتهاء فترة تطبيق الاتفاق بين عامي 2025 و2030، دون استئناف إيران نشاطات تخصيب “اليورانيوم” إلى مستوى مرتفع، وصنعها أجهزة طرد مركزي متطورة، لكن طهران سترد آنذاك بأن استخدام الطاقة الذرية لأغراض سلمية يشكل حقاً سيادياً، بعد تنفيذها البروتوكول الإضافي.
لا تريد الدخول في صدام مع واشنطن ولا تتعارض مصالحها مع طهران..
الكاتب، “ماهر أبو طير”، يذكر أن واشنطن مصرة على تعديل الاتفاق النووي مع إيران، وبرغم أن الرئيس الأميركي، جدد رفع العقوبات عن إيران، وفقاً للاتفاق النووي، إلا أن إدارته شنت حملة سياسية في أوروبا، من أجل تعديل الاتفاق.
وزير الخارجية الأميركي، زار عدة دول، بما فيها دول أوروبية بارزة، وهذه الدول لا تريد الدخول في صدام مع واشنطن، لكنها في الوقت ذاته لا تريد إلغاء الاتفاق، وتريد إلزام واشنطن به، مع وجود مصالح أوروبية ايضاً، مع إيران، تتعلق بطموحات هذه الدول، بالحصول على مشاريع في إيران، والإستفادة مالياً، من مرحلة ما بعد العقوبات.
أوروبا تراجعت جزئياً..
لكن علينا أن نلاحظ أن أوروبا ذاتها بدأت تتراجع جزئياً، خصوصاً، بشأن ما يتعلق بالصواريخ “الباليستية” من جهة، واستعدادها ولو جزئياً لبحث بعض تفاصيل الاتفاق مع إيران، دون أن تتورط في إغضاب طهران ذاتها، لاعتبارات تخصها مباشرة، وتخص مصالحها.
في تفسيرات موقف الأوروبيين الداعم لإيران أيضاً، أن أوروبا تعتقد أن واشنطن وحدها المستفيدة مالياً، جراء الضغط على إيران، من دول تريد التصعيد ضد إيران، وهي هنا، لا تحصل على أي منافع، لا على طريقة واشنطن، ولا من باب الدفاع عن الاتفاق كلياً.
وزير الخارجية الأميركي قال، في وارسو في ختام جولة أوروبية استمرت أسبوعاً، إنه تمكن من الحصول على دعم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وكلها دول موقعة على الاتفاق المبرم في 2015، للعمل على تعديل الاتفاق، وأن مجموعات عمل بدأت فعلياً بعقد اجتماعات لأجل هذه الغاية.
الوصول لصفقة جديدة تقبلها إيران مهمة صعبة..
في هذا الجانب يتحدث الأوروبيون والأميركان، بمعزل عن الرفض الإيراني الكلي، والمهمة الصعبة تتعلق بوصول الأوروبيين والأميركان إلى صفقة جديدة، تقبلها إيران، التي ستحاول من جهتها تسخير كل علاقاتها مع الروس، من جهة، ومع الأوروبيين من جهة، من أجل ردع واشنطن، لكن نقطة الضعف الأساس، تتعلق بملف الصواريخ “الباليستية”، من جهة، ورغبة واشنطن بوجود ملحق على الاتفاق سيحذف عملياً بنوداً تسمح لإيران بأن تستأنف تدريجياً بعض النشاط النووي المتطور.
الدول الأوروبية الموقعة على القرار، تواجه معضلة كبيرة، إذ لها مصالحها مع واشنطن من جهة، لكنها لا تريد التفريط بمصالحها المالية مع إيران، والطرفان يتفقان فقط على ملف الصواريخ “الباليستية”، وهذا يؤشر على أن مجموعات العمل قد تواجه مشكلة كبيرة، خصوصاً، في ظل الرفض الإيراني المتوقع.
تريد المقايضة على موقفها الداعم..
لا يمكن هنا عدم الإشارة إلى أن أوروبا أيضاً، تريد المقايضة على موقفها الداعم للاتفاق النووي الإيراني، فأغلب الدول التي لها طموحات اقتصادية في إيران، قد تتخلى عن الاتفاق، إذا ضمنت حصولها على منافع اقتصادية بمبالغ مالية كبيرة جداً، من دول أخرى غير إيران، وبهذا المعنى نحن نتحدث عن جانب المصالح، وليس عن الجانب الأخلاقي، الذي قد يتبدى في إصرار الأوروبيين على الاتفاق ذاته دون تغييرات، وربما إذا حدثت إشارات معينة لدول مثل ألمانيا وفرنسا تحديداً، فسوف يحدث تغيير في موقفها إلى جانب واشنطن، فيما بريطانيا ذاتها تتجنب التصعيد كثيراً ضد واشنطن، في هذا الملف، لكون لندن تعتبر أن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة المؤهلة لتعويضها اقتصادياً، عن خسائر الخروج من الاتحاد الأوروبي.
سوف تتضح الصورة نهاية المطاف، وعلينا أن نسأل أنفسنا إذا ما كانت إيران، سوف تعاند أي تغييرات حتى النهاية، أم أنها سوف تقبل بتغييرات، مقابل صفقة مدروسة ؟!.