“الليثيوم” وأشياء أخرى .. عودة ترامب بقناع “بوش” في أفغانستان تثير قلق الكبار !

“الليثيوم” وأشياء أخرى .. عودة ترامب بقناع “بوش” في أفغانستان تثير قلق الكبار !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

أكد الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” على أن التغيير الجديد في سياسة بلاده تجاه أفغانستان سيستند إلى “الظروف بدلاً من الوقت”، في إشارة إلى أن مهمة الجيش الأميركي في أفغانستان رهن بتحسن الظروف الأمنية دون تاريخ محدد. وهو ما يعتبر تكريساً للوجود الأميركي في أفغانستان بالشكل الذي يخدم أهداف الإدارة الأميركية بالتواجد في منطقة شرق آسيا؛ ومن ثم الاستعداد في حال قررت الإدارة الأميركية مهاجة كوريا الشمالية أو إيران (محور الشر).

والتواجد العسكري الأفغاني في أفغانستان من شأنه فرض طوق أمني على إيران وحماية القوات الأميركية في كوريا الجنوبية حال قررت كوريا الشمالية القيام بمغامرة غير محسوبة ضد هذه القوات. كذا فالقرار يكشف عن الصراع الأميركي – الصيني حول استخراج “معدن الليثيوم” في أفغانستان.

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، تبنت الإدارة الأميركية استراتيجية أمنية جديدة تستند إلى مهاجمة أي جزء بالعالم قد يهدد الأمن القومي الأميركي. وفي هذا الصدد صنفت دول “إيران والعراق وكوريا الشمالية” ضمن (محور الشر).

وفي ضوء هذه الاستراتيجية أعلن الرئيس الأميركي آنذاك “جورج بوش الإبن” الحرب على أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب. حينها سادت الاعتقادات الإيرانية بأن الهدف المخبوء وراء الهجوم على أفغانستان ثم العراق هو تطويق الجمهورية الإيرانية. لكن سرعان ما اُنتخب الرئيس “باراك أوباما” رئيساً للجمهورية الأميركية، وقد كان يتبنى سياسة أكثر انفتاحية على إيران. فوضع الرئيس الأميركي جدول زمني محدد لسحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق. وقرر الدخول في مفاوضات مع الجانب الإيراني انتهت بالتوقيع على الاتفاق النووي الشامل بين إيران من جهة ومجموعة الست من جهة أخرى. في المقابل أطلق الرئيس الأميركي يد الميليشيات الإيرانية في المنطقة، بحيث باتت تسيطر على أربع عواصم عربية، الأمر الذي أثار استياء الدول العربية في المنطقة.

لكن الرئيس الأميركي الحالي “دونالد ترامب” ناصب العالم (لا سيما إيران وكوريا الشمالية) العداء، حتى قبيل انتخابه رئيسياً للولايات المتحدة، وكأنه بذلك يعيد انتاج سياسة الرئيس الأميركي الأسبق “جورج دبليو بوش”. فها هو يقرر عودة القوات الأميركية إلى أفغانستان دون تقيد بوقت محدد. في إشارة تحمل دلالات تهدد إيران وكوريا الشمالية، لاسيما في ضوء توتر العلاقات الأميركية مع كوريا الشمالية مؤخراً على خلفية إطلاقها صواريخ “هيدروجينية”، وتصاعد حدة الخلافات الأميركية الإيرانية بشأن الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة الـ(5+1). ولقد أثارت تلك الاستراتيجية ردود أفعال متباينة داخل إطار الجوار الإفغاني على عدة اصعدة..

إيران: السياسات الأميركية تنمي الإرهاب..

دعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية “بهرام قاسمي” الإدارة الأميركية؛ إلى التوقف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، وقال: “إن ما تأخذه الولايات المتحدة اليوم على الدول الأخرى هو نتاج سنوات من السياسات الأميركية المغلوطة، لا سيما في أفغانستان، بحيث لم تثمر سياسات تحين الفرص والسياسات أحادية الجانب والتدخل الخاطئ شيئاً سوى تفشي الاضطرابات ونمو الإرهاب في المنطقة”.

واختتم “قاسمي” تصريحاته بدعوة الإدارة الأميركية إلى التوقف عن التدخل في شؤون الآخرين مضيفاً: “تمتع دول المنطقة بالقدرات اللازمة للتعاون المشترك في مكافحة الإرهاب وإقرار الأمن والاستقرار في المنطقة، وليست في حاجة إلى الاستراتيجيات الأميركية المثيرة للإرهاب”.

في السياق ذاته تطرقت مباحثات وزير الخارجية “محمد جواد ظريف” مع نظيره الباكستاني “خواجه محمد آصف”، إلى الوضع الإقليمي والجهود المبذولة للأمن والاستقرار في أفغانستان، وأكد وزير الخارجية “محمد آصف” على أن باكستان تتبع سياسة الجوار السلمي، وأن بلاده مستعدة للعمل مع إيران لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، واتفق الطرفان ضرورة التسوية السياسية لجلب السلام الدائم في أفغانستان.

باكستان: تبدأ الحشد لمواجهة السياسة الأميركية.. 

اتهم “ترامب” حكومة باكستان باحتضان الجماعات الإرهابية المسلحة، وقال في بيانه: ‏”العمود الجديد في استراتيجيتنا الجديدة هو تغيير في التواصل مع باكستان، فلن يمكننا بعد الآن الصمت عن منح إسلام آباد ملاذاً آمناً ‏للمنظمات الإرهابية كـ(طالبان) والجماعات الأخرى، التي يمكن أن تشكل تهديداً للمنطقة وخارجها”.‏ ودعا الرئيس الأميركي باكستان للانضمام إلى جهود بلاده في محاربة الإرهاب داخل أفغانستان، قائلاً: “باكستان لديها الكثير لتربحه من مشاركتنا في ‏جهودنا داخل أفغانستان، ولديها الكثير لتخسره بالاستمرار في احتضان الإرهابيين”.

وبناء عليه أعلنت باكستان رفضها الحاسم لهذا الانقلاب الأميركي، خوفاً من المصير الأفغاني، فضلاً عن التوغل الهندي في أفغانستان، خاصة بعد الطلب الأميركي إلى الهند بتفعيل دورها في أفغانستان التي أبدت استعدادها للتعاون، بحسب ما ذكرته إذاعة “صوت أميركا”.

وفي هذا الصدد بدأ “خواجه محمد آصف”، وزير الخارجية الباكستاني، جولة في الصين وإيران وتركيا تستهدف الحشد ضد الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان.   

الصين: مخاوف من الصراع على “الليثيوم”..

تعتبر الصين رفيقاً أساسياً لأفغانستان من المنظور التجاري والاستثماري، وبالتالي تهدد الاستراتيجية الأميركية الجديدة مصالح الصين في أفغانستان. وتدير المجموعة الصينية للتعدين عملية بحجم ثلاثة مليارات دولار في منجم “إيناك” للنحاس، في إقليم “لوجار” الشرقي. ويُعد هذا المنجم، الذي يبعد 35 كيلومتراً عن العاصمة، أحد أكبر مصادر النحاس في العالم. فضلاً عن الشركات الأخرى العاملة في حقول النفط الخام والحديد و”اليورانيوم” ومعادن أخرى تقدر بمليارات الدولارات.

وبموجب الاتفاقات المعقودة بين البلدين، فإن بكين رصدت مليارات الدولارات كمساعدات للحكومة ولتدريب آلاف الأفغان خلال السنوات الخمس المقبلة، وايضاً لبناء طرق سريعة في مختلف انحاء البلد ومحطات للطاقة الكهرومائية لتصدير الكهرباء إلى باكستان، وتمويل سكة حديد تصل “شامان”، الواقعة في جنوب شرق افغانستان بـ”قندهار”. لكن الأهم في الموضوع هو الحرب السرية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين على استخراج معدن “الليثيوم” المستخدم في إنتاج البطاريات التكنولوجية لأجهزة اللاب توب والتليفونات المحمولة والسيارات الكهرابئية.

وتستعد مجموعات التعدين الصينية للحصول على امتياز السيطرة العالمية على سوق “الليثيوم”، ومخزون أفغانستان من “الليثيوم” هائل. ومن الأهداف الأخرى غير المعلنة في استراتيجية الأميركية الجديدة، كما يقول “میشل شوسودوسکي”، من مركز دراسات العولمة، هو الحيلولة دون إبرام اتفاقيات بين أفغانستان والصين بشأن استخراج “الليثيوم”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة