7 أبريل، 2024 1:16 ص
Search
Close this search box.

اللحظة العراقيّة الحرجة .. اللاعبون الاقليميون يتسابقون لتسجيل هدفهم !  

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب مصطفى الكاظمي : لفرط ما ردّد العراقيّون طوال السنوات الماضية أن القرار العراقي يُتّخذ من الخارج وأن توافقات إقليميّة ودوليّة تحدّد مسارات الحكومة المقبلة، بات هذا الأمر من المسلمات. حتى أن الأنظار اتجهت فور إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 30 نيسان/أبريل الماضي، إلى خارج الحدود لمعرفة النتيجة الحقيقيّة!
 هل هذا واقع الحال بالفعل؟ وهل يتّخذ قرار مصيري مثل تحديد مسارات الحكومة المقبلة وشخصياتها في دول أخرى؟
لا يمكن تجاوز وقائع ومعطيات على الأرض تؤكّد أن لدول خارجيّة دوراً مؤثّراً في العراق. بالتالي، لا يمكن الحديث عن عدم تأثير إيران في القوى الشيعيّة الرئيسيّة، وعن عدم تأثير تركيا في إقليم كردستان وعلى بعض الفصائل السنيّة، والحال ينطبق كذلك على المملكة العربيّة السعوديّة التي تملك نفوذاً لدى عدد من القوى السنيّة، وبالتأكيد لا يمكن الحديث عن سياسة عراقيّة بمعزل عن دور الولايات المتحدة الأميركيّة وتأثيرها.
لكن كل تلك الأدوار لا تتعدّى كونها نتاجاً لتداعيات “الاختناقات” السياسيّة العراقيّة – العراقيّة، أكثر من كونها تأثيرات أساسيّة في القرار الداخلي.
حتى اليوم، لا يمكن تصوّر أي دور خارجي في أزمة تشكيل الحكومة العراقيّة المرتقبة. لكن مثل هذا الدور متصوّر في خلال الفترة المقبلة.
والسيناريو الذي كان حاضراً في انتخابات العامَين 2006 و2010 والذي يتوقّع حضوره هذا الموسم أيضاً، هو أن القوى السياسيّة العراقيّة ستوصل الأزمة إلى أعلى مستوياتها. فهي ستتشدّد في مواقفها وترفض تقديم تنازلات، وستضع بكل إصرار العمليّة السياسيّة العراقيّة برمّتها على حافة الهاوية، بالإضافة إلى أن مثل هذا الوضع يمثّل بيئة نموذجيّة للتدخّل الخارجي، والقوى العراقيّة لن تتوانى في استدعاء مثل هذا التدخّل.
الثقافة السياسيّة العراقيّة ما زالت تمنح الخارج أدواراً لم يفكّر بالقيام بها ربما، والصراعات السياسيّة تضع التأثيرات الخارجيّة كجزء من لعبة رصّ الصفوف وإضعاف الخصوم.
وعلى سبيل المثال، تحدّثت أوساط سياسيّة وإعلاميّة مبكراً عن أن واشنطن لا تدعم ولاية ثالثة لرئيس الحكومة الحالي نوري المالكي أو أنها لا تدعم تشكيل الحكومة من قبل “الغالبيّة السياسيّة”. ثم تحدّثت أوساط أخرى عن أن طهران تدعم هذه الولاية، في حين رأى البعض أن طهران وواشنطن تدعمان المالكي، وآخرون أن الجهتَين لا تدعمانه.
مثل هذه التسريبات تحاول تأصيل ثقافة اتخاذ القرار من الخارج، وربما تكون محاولة للقوى السياسيّة العراقيّة نفسها لإخلاء مسؤوليتها عن القرار وتحميله إلى دولة خارجيّة.
لا يمكن تصوّر مستقبل بلد تفكّر نخبه السياسيّة برأي الخارج قبل التفكير برأي شعبها، وقبل النظر إلى حقيقة أن القرار العراقي يمكن أن يتّخذ من داخل العراق في حال توفّرت فرص الاتفاق السياسي المطلوبة.
السؤال : لماذا تنتظر القوى العراقيّة تدخلاً خارجياً لتبدأ مرحلة تقديم التنازلات؟ ولماذا لا تشرع في قراءة الخريطة السياسيّة والتصرّف على أساسها؟
من الممكن الإجابة عن هذا السؤال فقط عندما نقرنه برؤية القوى السياسيّة للحكم والدولة ودور الأحزاب فيها، وبمفهوم التداول السلمي للسلطة.
في غياب الأسس المتّفق عليها حول الدولة وشكلها وتوزيع ثرواتها وصلاحيات كل مؤسسة من مؤسساتها، فإنه من الطبيعي أن يتمّ الافتراض أن تشكيل الحكومة هو في كل مرّة بمثابة إعادة تشكيل للدولة، ما يتطلب في كل مرّة إعادة إنتاج مرحلة الصراع المصيري حول الحكومة والمستقبل.
اللحظة السياسيّة الحرجة في العراق هي نقطة تكاد تتكرّر مع كل موسم لتشكيل الحكومة. فتعمد كل القوى إلى التشدّد في مواقفها وصولاً إلى “اللحظة الحرجة” حين تبلغ  الأزمة أقصى حدودها وتستنفد الأطراف كل أسلحتها.. فيبدأ الحلّ من خارجها وليس من داخلها. والأمر ليس أن التدخّل الخارجي هو أمر واقع بفعل حضور قوى خارجيّة في صلب المفاوضات منذ البداية.. بل الواقع هو أن التدخّل الخارجي يكون على الهامش حتى تصل القوى إلى “اللحظة الحرجة” فتُجبَر أو تطلب هي من الآخرين التدخّل.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب