اللاجئون السوريون .. بين مطرقة النظام وتخلي دول الجوار !

اللاجئون السوريون .. بين مطرقة النظام وتخلي دول الجوار !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

يعيش اللاجئون السوريون في دول المنطقة حالة من الخوف والترقب؛ مع قرب إنتهاء الحرب الأهلية السورية. فهم من ناحية يخشون العودة إلى بلادهم حتى لا ينتقم منهم نظام “بشار الأسد”، ومن ناحية أخرى بدأوا يلمسون غضب الشعوب بسبب استمرار بقائهم.

وفي هذا السياق؛ نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية؛ مقالًا للكاتب الإسرائيلي، “إيال زيسر”، تناول فيه معاناة اللاجئين السوريين منذ بداية الأحداث في “سوريا” وحتى الآن.

إدلب على وشك السقوط..

يقول “زيسر”: توشك الحرب الأهلية، في “سوريا”، أن تضع أوزارها، ولم يتبقى لنظام “الأسد” سوى السيطرة على منطقة “إدلب” الشمالية، باعتبارها آخر معقل للمتمردين. فيما يُعد هجوم الجيش السوري على “إدلب”، بمساعدة روسية وإيرانية، مجرد مسألة وقت، خاصة أن “تركيا” ربما لن تتحرك لوقف ذلك الهجوم المتوقع؛ نظرًا لأن العلاقات بين “أنقرة” و”موسكو” في أفضل حالاتها.

ولأن كثيرًا من السوريين المعارضين لنظام “الأسد” قد لاذوا بالفرار، خلال السنوات الأخيرة، إلى محافظة “إدلب”، فمن المرجح أن تكون المرحلة الأخيرة من الحرب هي الأكثر دموية وبشاعة على الإطلاق.

وعلى أية حال؛ فإن تلك المرحلة ستدفع مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، للفرار إلى خارج حدود “سوريا”، وخاصة إلى الدولة المجاورة من الشمال، ألا وهي “تركيا”.

تركيا ضاقت ذرعًا باللاجئين السوريين..

ولكن؛ ربما سيجد اللاجئون السوريون أن الأبواب في هذه المرة قد أصبحت مغلقة أمامهم، حيث أعلنت “تركيا”، مؤخرًا، أنها لن تسمح للاجئين السوريين بالدخول إلى أراضيها.

وفي واقع الأمر، فإن “أنقرة” بشكل عام، تفكر الآن جديًا في إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعدما وفرت لهم المأوى طيلة السنوات الماضية.

ومؤخرًا قد ضاق الأتراك ذرعًا بمشكلة اللاجئين السوريين، البالغ تعدادهم مليوني شخص أو يزيد، والذين تم استقبالهم بكل ترحاب قبل بضع سنوات. وهناك سياسيون أتراك يطالبون الآن بشكل صريح وعلني بإخراج اللاجئين السوريين من البلاد، بل وبالتصالح مع نظام “الأسد”، وهم بذلك يعبرون عن الرأي العام السائد في “تركيا”، والذي بدأ ينظر للاجئين السوريين باعتبارهم مثيري شغب ومتورطين في حالات إجرام وعنف، فضلًا عن أنهم ينافسون الأتراك  في الحصول على فرص العمل.

وفي بعض المدن التركية، أشتد الغضب من اللاجئين السوريين ليتحول إلى حالات عنف ضدهم، وخاصة الباحثين منهم عن عمل.

بُغض اللاجئين السوريين يعُمُّ دول الجوار !

يوضح “زيسر”؛ أن “تركيا” ليست هي الدولة الوحيدة التي تبدلت فيها مشاعر التعاطف مع اللاجئين السوريين. إذ تشهد “مصر” أيضًا، حالة من الاحتجاج الشعبي ضد اللاجئين السوريين، الذين يبلغ تعدادهم قرابة ربع مليون لاجيء أو أكثر.

بل إن هناك شعور بالغضب أيضًا من اللاجئين الأغنياء الذين أقاموا مشاريع تجارية في “القاهرة” تنافس المشاريع المملوكة للمصريين.

كما يسود “لبنان” حالة من السخط الشديد على اللاجئين السوريين، لأنهم يمثلون عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد اللبناني، وكثيرًا ما تحول ذلك السخط إلى حالات عنف.

وأخيرًا، فحتى “المملكة الأردنية” – التي حرصت، عبر السنين الماضية، على تركيز حوالي مليون ونصف لاجيء سوري داخل مخيمات في شمال البلاد – بدأت تتعالى فيها الأصوات المطالبة بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

التعاطف مع اللاجئين له أجل محدود..

إذاً فإن ما نشهده الآن، يُعَدُّ تحولًا تامًا في موقف البلدان التي تأوي المهاجرين السوريين. فبعد أن قوبل اللاجئون في بداية الأمر بترحاب شديد من قِبل السكان المحليين، الذين تعاطفوا مع “الثورة السورية” – على اعتبار أنها كانت تمثل نضال الجالية السُنية ضد “النظام العلوي” بقيادة “الأسد”، المتحالف مع دولة “إيران” الشيعية – إذا بمشاعر التعاطف مع اللاجئين السوريين قد تغيرت في نهاية المطاف؛ بسبب المصالح المحلية والضغوط المعيشية وضيق الرزق، إضافة إلى الشعور بأن اللاجئين هم مجرد أجانب في نهاية الأمر.

والآن بات اللاجئون السوريون يدركون الحقيقة المرة، وهي أن شعور التعاطف معهم كان مشروطًا بتاريخ إنتهاء الصلاحية، وإنه حينما يصبح اللاجيء مقيمًا بشكل دائم، فان المواقف تجاهه يتغير إلى النقيض تمامًا.

اللاجئون و”الأسد”.. مخاوف متبادلة !

غير أن اللاجئين السوريين – بحسب الكاتب الإسرائيلي – لا يرغبون على الإطلاق في العودة إلى قبضة النظام الوحشي الذي فروا منه هاربين أو مطرودين.

أما النظام السوري، فإنه من جانبه، يعتبر اللاجئين أعداء له؛ فلا يأمن مكرهم في المستقبل، خاصة أنهم من أهالي المناطق التي اندلعت فيها الاحتجاجات، كما يخشى النظام من أن عودة اللاجئين ستمثل عبئًا اقتصاديًا ثقيلًا لا يمكن أن يتحمله.

ولا يجب أن ننسى هنا أن النمو السريع للسكان في “سوريا”، (الذي بلغ حوالي 25 مليون في عام 2011)، كان أحد أسباب اندلاع  الثورة. والآن بعد أن أصبح حوالي ثلث تعداد “سوريا” من اللاجئين، فقد بات السكان، على حد تعبير “الأسد” نفسه، “أكثر تجانسًا”.

العالم يتخلى عن اللاجئين..

ختامًا يقول الكاتب الإسرائيلي؛ إنه في ظل المأساة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون السوريون، يظل العالم غير مبال بما يحدث لهم. إذ تخلى عنهم ولم يقف معهم في السابق عندما قام النظام السوري بقتلهم وطردهم من بلادهم، والآن يتخلى عنهم العالم ثانية، ليلاقوا مصيرهم وحدهم وما لهم من نصير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة