بينما يدخل العراقيون في سجالات الانتخابات المقبلة وتحالفاتها “المُريبة”، تكشف مصادر برلمانية عن تشريع مجلس النواب – بعيدا عن أعين الإعلام – لقانون جديد يتضمن إنشاء اتحاد جديد يضم أعضاء مجلس الحكم وأعضاء المجلس وأعضاء الجمعية الوطنية واعضاء مجلس النواب.
وما يزيد الطين بلة أن ذاك القانون أوجد سلطة جديدة في النظام القانوني العراقي القائم يمكن تسميتها بـ ” برلمان الظل ” هي الأولى من نوعها في العراق.
القانون الجديد نشر في صحيفة الوقائع العراقية “الجريدة الرسمية للدولة” بالعدد 4486 في الثامن من يناير / كانون الثاني لعام 2018 – مر نحو أسبوع على تفعيله بشكل رسمي – وحمل رقم (86) لسنة 2018 .
وينص القانون الذي صوت عليه البرلمان العراقي في الحادي والعشرين من ديسمبر / كانون الأول من عام 2017، صراحة على إنشاء اتحاد جديد – ليس منظمة غير حكومية – يضم أعضاء مجلس الحكم الذين تولوا السلطة إبان الحاكم المدني (برايمر) في العام 2004، وكذا أعضاء المجلس الوطني في عهد حكومة “أياد علاوي” بالعام ذاته، فضلا عن أعضاء الجمعية الوطنية في حكومة إبراهيم الجعفري في العام 2005، فهل توقف الأمر هنا؟!
لم يتوقف فقد شمل القانون أعضاء مجلس النواب في عهد حكومتي المالكي ٢٠٠٦ و٢٠١٠، وأخيرا أعضاء مجلس النواب في عهد رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي في عام ٢٠١٤، والذين تنتهي دورتهم بعد أشهر قليلة!
ويشمل القانون كذلك كل من سيتولى منصب عضو مجلس النواب مستقبلا، بحسب ما بينت المادة الرابعة من القانون الجديد، التي أعطت الحق لكل من شغل عضوية السلطة التشريعية وعضوية مجلس الحكم، بالانتماء إلى المؤسسة الجديدة التي شكلها القانون الجديد وهو اتحاد البرلمانيين العراقيين.
الفقرة ( 4 ) من المادة الثالثة من القانون تنص على أن هذا الاتحاد يسعى للدفاع عن حقوق الأعضاء المادية والمعنوية، ما يكشف أن هذا القانون يفتح بابا كبيرا لحماية أي من المتهمين في قضايا فساد وبصيغة قانونية منصوص عليها في الجريدة الرسمية، فضلا عن حماية حقوق الاعضاء المذكورين والدفاع عنها إذا ما تعرضت من قبل أي مؤسسة في العراق لهذه الحقوق!
الكارثة التي تشي بأن ثمة صفقة قد أجريت من أجل الخروج بهذا القانون بين الكتل السياسية، أن ذاك القانون لم يجعل أية جهة لها سلطة رقابة أو إشراف أو متابعة مثلما هو حاصل في قوانين الاتحادات والنقابات والمنظمات غير الحكومية كالصحفيين والمحامين والحقوقيين!
ما يعني أن القانون أوجد سلطة جديدة في النظام القانوني العراقي في سابقة لم تحدث من قبل في أي عهد، في حين أن البرلمان يراقب حتى الحكومة وللحكومة سلطة حل البرلمان كما قرر الدستور ذلك.
بينما “اتحاد البرلمانيين الجديد” سلطة مستقلة ليس لأية جهة الإشراف أو المراقبة عليه، ورغم ذلك جعل موارده المالية جزء منها من أموال مجلس النواب التي تخصص في الموازنة السنوية لمجلس النواب في دورته!
وقد قننت تلك المصروفات ووضعت هذه المادة تحت بند “استثمار الكفاءات والطاقات البشرية من اعضاء مجلس الحكم واعضاء السلطة التشريعية”!
اللافت أن القانون الجديد أنشأ الاتحاد وجعل له رئيسا ونائبا وامينا عاما وهيئة عامة وجعله هيئة مستقلة وحدد أهداف الاتحاد وجعل لجانا للاتحاد اهمها اللجان التي تتشكل في كل محافظة من برلماني تلك المحافظة كما هو وارد في الفقرة اولا من المادة (١٤)، ما يعني أن من صوت على القانون ومن سمح بتمريره، مهد الأرض لما يصطلح عليه “برلمان الظل” في كل محافظة، يجتمع به جميع البرلمانيين السابقين ولم يكتف القانون بمكتب في بغداد!
إن القانونيين أكدوا أن القانون بصيغته الحالية يفرض على مجلس النواب دفع مصروفات هائلة لهذه المكاتب في جميع المحافظات، وفي ذات الوقت فذاك القانون قد يطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية للمخالفات المالية والسلطة غير الخاضعة لأي رقابة!