خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
تبدأ اليوم في “روما” جلسات الجولة الخامسة من المفاوضات بين “إيران” و”الولايات المتحدة الأميركية”، وهي جولة بالغة الأهمية والحساسية؛ لا سيّما بعد تصاعد وتيرة الاختلاف بين الطرفين بشأن تخصيّب (اليورانيوم). بحسّب ما استهل “صابر گل عنبري”؛ تحليله المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام).
كذا يتخذ وجود المتغيَّر الإسرائيلي في هذه الجولة شكلين وإطارين؛ ويبدو أكثر بروزًا وثقلًا من أي وقت مضى، الأول: تسّريب معلومات (موجهة) على مشارف هذه الجولة من المفاوضات حول نية “إسرائيل” قصف المنشآت النووية الإيرانية حال فشل المفاوضات، والثاني: وجود مسؤولين رفيعي المستوى هما: رئيس (الموساد) ووزير الشؤون الاستراتيجية في “روما”، ولقاء “ستيف ويتكوف”؛ على هامش المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”.
إسرائيل داخل المباحثات النووية..
ومما لا شك فيه إن “إسرائيل” تُعارض دبلوماسية؛ “دونالد ترمب”، مع “إيران”، ووصّف “بنيامين نتانياهو” انطلاق مارثون المفاوضات: بـ”الضربة السياسية للشرق الأوسط”، لكن هذا لا يعني أن “ترمب” تخلى تمامًا عن “إسرائيل”، وتجاهل أمنها، أو أنه سيوقّع اتفاقًا يضَّر بمصالحها.
لكن يبدو أنه استطاع اقناع “نتانياهو” و”إسرائيل” بضرورة التفاوض والدبلوماسية، في المقابل يبدو أنه قدم وعدًا بعدم التوقّيع على اتفاق لا يُراعي المخاوف الإسرائيلية.
ولا يمكن الحكم الآن على مدى التزامه بهذا الوعد؛ وسوف يُظهر مسّار المفاوضات ومصّيرها في المستقبل؛ لكن المطالبة بتصّفير تخصيّب (اليورانيوم)، خاصة منذ الجولة الثالثة من المفاوضات، بعكس مواقف “ويتكوف” الأولية يؤشر إلى التحرك في هذا الاتجاه.
ومن غير الواضح أيضًا طبيعية قرار “ترمب” نفسه مستقبلًا للخلاص من عقدة تخصّيب (اليورانيوم)، لكن من المنظور الإسرائيلي فقد سلكت “الولايات المتحدة” المسّار الدبلوماسي، ومن ثم فإن أي اتفاق قد يكون خيارًا مطلوبًا كبديل عن الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية وتصّفير التخصيّب، وهو ما تراه “إسرائيل” كمرحلة انتقالية نحو إنهاء البرنامج النووي الإيراني.
رسائل إسرائيلية مؤثرة..
وتسّريب (أكسيوس) وغيرها من وسائل الإعلام؛ “معلومات” بشأن اقتراب موعد الهجوم الإسرائيلي، بالتزامن مع الجولة الخامسة من المفاوضات، يُمثّل للوهلة الأولى محاولة لدفع أجندة تحقيق الشرط المذكور سلفًا من خلال هذه الرسالة التي مفادها أنه إذا لم توافق “طهران” على تصّفير (اليورانيوم)، وبالتالي انهيار المفاوضات، فسوف تتعرض للهجوم.
والأكثر من هذه التهديدات؛ أن “إسرائيل” لم تغبّ مطلقًا عن المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”، ولطالما كانت مشاركة بشكلٍ غير مباشر؛ إما عن طريق أن يضعها “البيت الأبيض” في قلب التفاصيل، أو عبر الحصول على المعلومات، لكن اتخذ وجود “إسرائيل” منذ بداية مفاوضات إدارة “ترمب” مع “إيران” شكلًا مختلفًا يُعتبر غير مسبّوق نسبيًا.
الاطلاع الدائم والحضور المستمر..
فكل يوم من جولة المفاوضات الثانية في “روما”، التقى رئيس (الموساد) ووزير الشؤون الاستراتيجية، في “باريس”، “ويتكوف”، كما كشفت مصادر أميركية عن نزول؛ “ران درمر”، يوم 19 نيسان/إبريل الماضي، في نفس الفندق محل إقامة “ويتكوف” في “روما”.
واليوم أيضًا يتواجد هذان المسؤولان الإسرائيليان البارزان في “روما”. وهذا الوجود قد يعكس للوهلة الأولى خوف “تل أبيب” الكبير من احتمال تحرك فريق “ترمب” على مسّار إبرام اتفاق غير مرغوب مع “طهران”، ولذلك تسّعى إلى مراقبة مسّار المفاوضات عن كثب، والمسَّاهمة عبر المشاورات أثناء المفاوضات الإيرانية مع “ويتكوف” في الحيلولة دون انحراف المفاوضات عن المسّار الإسرائيلي المرغوب.
لكن بالوقت نفسه؛ قد تكون موافقة “الولايات المتحدة” على الحضور المكثف للفريق الإسرائيلي في محل إجراء المفاوضات، والمشاورات مع “ويتكوف” خطوة تهدف إلى طمأنة “تل أبيب” بعدم التوقّيع على أي اتفاق مع “إيران” يتجاهل المصالح الإسرائيلية، وأن هذا ما يمكن أن يتابعوه عن كثب.
من هذا المنطلق، فإن لغز ضغط “الولايات المتحدة” لتغيّير مكان المفاوضات من “مسقط”؛ (مكان إيران المفضل)، إلى مكان آخر في “أوروبا”، كان يهدف (بعكس بعض التبريرات والمزاعم الأولية بما في ذلك بُعد مسقط وقرب أوروبا لتنقل “ويتكوف” وغيرها)، إلى تسهيّل حضور الفريق الإسرائيلي، وبالفعل تحقق ذلك منذ الجولة الثانية.
مما سبق يمكن القول: إن ظلال “إسرائيل” على المفاوضات “الإيرانية-الأميركية” أثقل من ذي قبل، والآن علينا انتظار ما تتمخض عنه الجولة الخامسة من المفاوضات، هل تنتهي كالجولة الرابعة بالاتفاق على استمرار المفاوضات ؟.. أم يتحقق تقدم مهم من خلال طرح أفكار وعملية لحل المشكلة الخلافية الأساسية وهي تخصّيب (اليورانيوم) ؟.. أم نشهد طريقًا مسدودًا وبالتالي توقف المفاوضات ؟