خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
غاية الهجمات الإيرانية أمس، هو الحيلولة (بغض النظر عن الاغتيالات)؛ دون بلورة المعادلة التي يُريدها، “بنيامين نتانياهو”، رئيس وزراء “الكيان الصهيوني”، ولذلك تحظى بالأهمية ويمكن تقييمها. بحسب تحليل “صابر گل عنبري”؛ المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام).
وقد سعى “نتانياهو” بتغيير قواعد اللعبة منذ اغتيال “إسماعيل هنية”؛ رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة؛ (حماس)، في قلب “طهران”، إلى خلق معادلة جديدة بمحورية “إسرائيل” في المنطقة، وقد دخلت هذه المحاولات مرحلة جديدة بإعلان الحرب على “لبنان” واغتيال “حسن نصرالله”؛ أمين عام (حزب الله) اللبناني؛ ووصل الأمر حد الحديث عن تغيير وجه الشرق الأوسط وبناء نظم جديدة، وقد عنى نظم بمحورية “إسرائيل” وبدون “إيران”، وخلق تصور جديد بعد حذف (محور المقاومة) من المعادلات الإقليمية، ومسح صورة السابع من تشرين أول/أكتوبر ومتعلقاتها وتداعياتها من أذهان الإسرائيليين وشعوب المنطقة.
“طهران” تفهم الاستراتيجية الإسرائيلية..
ويبدو أن القصف الصاروخي هو نتاج فهم “إيران” هذا الوضع الخطير؛ بحيث وصلت إلى نتيجة مفادها أنه إذا لم تتخذ “إيران” إجراء سريع، فإن الخطوة التالية فرض حصار كامل على (محور المقاومة) بالمنطقة بعد فرض نوع من الحصار على “لبنان” والحيلولة دون هبوط الطائرات الإيرانية، وكذلك سحب الحرب إلى “إيران” نفسها لاستكمال الأحجية؛ والذي يُنظر إليه على أنه لنظم “إسرائيل” المنشودة في المنطقة.
والسؤال الآن بعد القصف الإيراني: هل ستتوقف “إسرائيل” وتنتهي عن القيام بإجراءات أخرى ضد “إيران” ؟ الإجابة بالنفي طبعًا.
الحقيقة أن القصف الإيراني؛ (بغض النظر عن كمية الصواريخ التي ضربت أهدافها وعن الخسائر)، فقد شعر المجتمع الإسرائيلي بالخوف وعدم الأمن مجددًا، وتواجه “إسرائيل”؛ وبخاصة “نتانياهو”، في ذكرى السابع من تشرين أول/أكتوبر، مأزق ومشكلة مزعجة بعد التحسن الملحوظ في مكانته الداخلية.
مأزق إسرائيلي جديد..
وفي رد فعلها قللت الإدارات الإسرائيلية والأميركية من القصف الإيراني ووصفته بالفاشل، لكن بالوقت نفسه هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرد على الهجوم وبدفع “إيران” تكلفة باهظة. وللحيلولة دون تراجع الصورة التي رسمها مؤخرًا لنفسه، وفشل المعادلة الإسرائيلية الجديدة في المواجهة ضد “إيران” بخصوص النظم الإقليمية التي وعد بها، يجد “نتانياهو” نفسه مضطرًا للرد على القصف الإيراني.
لكن كيف ستكون ملامح هذا الرد المحتمل ؟.. قد يشتمل رد الفعل على مجموعة من الإجراءات الضارة والمؤذية من مثل الاغتيالات، الهجمات العرضية على بعض المرافق، والتخريب وما إلى ذلك.
بخلاف ذلك من المحتمل بقوة أن يكثف من الهجمات على جبهات مختلفة بالمنطقة؛ لا سيما “لبنان”، لإثبات عدم تأثير القصف الإيراني على موقف “إسرائيل” في هذه الجبهات، بخلاف الانتقام.
من هذا المنطلق، من المحتمل بقوة أن يكون أحد رسائل “إيران” من هجمات الأمس، عقب انطلاق الهجوم البري الإسرائيلي على “لبنان”، عدم السماح للحرب اللبنانية بالخروج عن النطاق المحدد، ورفع الروح المعنوية لحلفائها بالمنطقة.
ما تسفر عنه الأيام المقبلة..
والخلاصة؛ من غير المستبعد توقع هجمات متبادلة هذه الأيام في إطار مواجهة المعادلات في نطاق أقل من الحرب، ولا بُد بعد توقف هذه العمليات من تقييم النتائج والصور التي تبلورت. لكن ما يزال خيار اندلاع حرب إقليمية شاملة مستبعد.
وعلى كل حال، فإن أي حرب ستكون مدمرة لأطراف الصراع والمنطقة ككل. والواقع إذا كان القرار بمثل هذه الحرب الشاملة يهدف إلى الفخ السابق، فقد كان من الضروري على “إسرائيل” الإعداد لمثل هذه الخطة من قبل بالتعاون مع “الولايات المتحدة”، وتنفيذ هذا المخطط عقب هجمات “إيران” بالأمس.
وربما كانت “إسرائيل” قد أعدت هكذا خطة لبعض المواقف، لكن عدم الرد السريع والواسع على القصف الصاروخي، ينم بحد ذاته عن انعدام القرارات المسبقة ببدء حرب إقليمية شاملة.
كما تحول المفاجأة والعلم المتأخر بالقصف الإيراني، والمسافة الجغرافية الكبيرة دون تنفيذ هجوم وقائي؛ (حال وجود خطة وقرار مسبق)، بواسطة المقاتلات المتطورة التي تشكل العمود الفقري للعقيدة الحربية الإسرائيلية.
وتجارب العمليات الإسرائيلية ضد “إيران” أثبتت أنها بالعادة لا تعمل في وقتٍ واحد وعلى نطاق واسع، وإنما تركز على العمليات المحدودة بما يحول دون اندلاع حرب واسعة النطاق، لكنها تنطوي بالوقت نفسه على دلالات وتداعيات خاصة وهامة.