“الكاتب” الإيرانية تفضح .. الأطفال الذين يقلتهم الجوع

“الكاتب” الإيرانية تفضح .. الأطفال الذين يقلتهم الجوع

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

أضحت جغرافيا “غزة” الصغيرة، هذه الأيام مسرحًا لأكثر مشاهد نهاية الزمان السوريالية فظاعة وإثارة للخزي في القرن الحادي والعشرين، وفي عصر ذروة المناورات الفكرية للإنسانية وحقوق الإنسان ! حيث تتصرف “إسرائيل” منذ ثلاثة أسابيع، بكل عناد وقحة، متجاهلة جميع القيم القانونية والحضارية، وأغلقت جميع المعابر أمام شريحة من الناس الجائعين والمشردين في “قطاع غزة”، وتمنع دخول أي نوع من المواد الغذائية أو الأدوية !؛ بحسب تحليل “صابر گل عنبري”، المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام).

غيبوبة دولية..

وبينما توشك السلع القليلة بالمستودعات على النفاد، رغم الاقتصاد الشديد في الاستهلاك؛ دخل الجوع في هذه المنطقة مرحلة خطيرة جدًا من المجاعة، وأُصيبت جميع الدول بنوع من الغيبوبة واللامبالاة المذهلة تجاه الرقصة الشريرة للوحوش ومصاصي الدماء، ومعاناة الأطفال والنساء في “غزة” التي تثير الشفقة وتفطر القلب، ولا تفعل سوى المراقبة، والإدانة اللفظية، دون ممارسة أي ضغط على “إسرائيل” يُجبرها على فتح الممرات والسماح بدخول المواد الغذائية.

وبالأمس أصدر الثلاثي الأوروبي؛ (فرنسا، ألمانيا، والمملكة المتحدة)، بيان شديد اللهجة يدين المرحلة الجديدة من الهجوم على “غزة” وإغلاق الممرات، ولكنه لا يتضمن أي إجراء عملي، من ثم فقد أصبحت “إسرائيل” في هذا الجو المشجع على الاستغلال، أكثر طمأنينة من أي وقت مضى وتواصل عملها بلا رادع وبلا خجل !

مسلخًا للإنسانية..

لم تُعد “غزة” المظلومة محل قتل للأطفال والنساء الأبرياء فقط، وإنما أيضًا مسلخًا للإنسانية ومذبحًا للأخلاق والحقوق والحضارة، ومعرضًا للشيطان المجهز بالتكنولوجيا ! ذلك أن حجم ونوع الجرائم المروعة التي ترتكبها العصابات الشيطانية اليمينية المتطرفة الإسرائيلية في “غزة” ضد السكان العزل والمقهورين، هي جرائم لا سابقة لها في تاريخ البشرية، ويصعب العثور على مثيل لها حتى في العصور القديمة والوسطى؛ فما بالك بالتاريخ المعاصر وعصر الحضارة والتطور والتقدم !

ويُمثل الأطفال الضحايا الرئيسيون لهذه المذبحة العمياء والدمار الواضح والمثير للشفقة: وهم إما يذهبون كأوراق الخريف نهبًا للخراب حيث تتساقط جثثهم الممزقة والملطخة بالدماء في ذروة براءتهم على الأرض، كما حدث في هذه الأيام الثلاثة حيث قُتل (200) طفلًا صغيرًا، أو يصبحون يتامى بلا رعاية ومشردين، أو يعانون من الجوع والعطش والجروح والمرض، ويتجرعون اللحظات المرة من الحياة وسط أنواع المعاناة والمصائب! إن رؤية وجوه الأطفال الهزيلة والحزينة في غزة، وهم حفاة يبحثون بشكل مثير للقلق عن الطعام والماء، تُثير الألم في قلب كل إنسان يشعر بمعاناتهم. وقد تعرض بالأمس، آخر ملجأ للأطفال مرضى السرطان في قطاع غزة، للقصف والتفجير المباشر، وأعني مستشفى الصداقة في وسط المنطقة!

الإبادة الجماعية..

وقد جعل قطع الغذاء والدواء عن أكثر من مليوني شخص، خاصة الأطفال والنساء، وقصف المستشفيات وآبار المياه وخيام النازحين بعد (16) شهرًا من الحرب المدمرة وإلقاء (90) ألف طن قنابل (ما يعادل 4 قنابل نووية) من هذه المنطقة الصغيرة للغاية أكبر مذبح وغرفة تعذيب، حيث يُترك السكان بعد معاناة أنواع مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي والروحي، للموت بالقصف والهجمات المدفعية !

وقد اكتسبت هذه الإبادة الجماعية الواضحة شكلاً جديدًا في شهر رمضان، حيث تندلع الهجمات والمذابح غالبًا إما وقت السحور أو الإفطار؛ بحيث إذا وجد السكان قطعة خبز أو قليل من الطعام لكسر الصيام، أو تخفيف آهات وأصوات الأطفال الجائعين، إما تُسلب أرواحهم قبل أن يصل الطعام إلى بطونهم، أو تُؤكل في أجواء مرعبة من دوي القذائف والصواريخ والانفجارات، وسط حالة من الدم وبارود الحرب.

وهذا المستوى من الوحشية والحصار غير مسبوق حتى على مدار (16) شهرًا من الحرب؛ لكن ما يحدث الآن يحظى بدعم إدارة “دونالد ترامب” ويهدف ليس فقط لتحرير الرهائن أو الضغط على حماس للاستسلام، بل إرضاءً للمتطرفين الفاشيين مثل (بن غفير) وإبقاء (نتنياهو) في السلطة، وتحويل الانتباه عن الأزمات الداخلية، وفي النهاية، تهجير سكان غزة من المنطقة. ولكن يبدو أن الصمود وتحمل كل هذه الكوارث والمجازر والجوع أسهل على أهل غزة من ترك وطنهم والخروج منه!

وما تزال حماس تقاوم الدعوات والضغوط المطالبة بقطع الدواء والطعام على رهائن إسرائيل، كرد فعل على قطع الإمدادات عن سكان غزة، بهدف إجبار الجانب الإسرائيلي على إعادة فتح المعابر. لكن لو حدث (وهو قرار غير صحيح بالطبع) فهل كان العالم القوى ليبقى صامتًا؟! وإذا كانت بعض الدول تصنف المواطنين درجات، فعلى الصعيد الدولي، هناك شعوب لا تُعتبر حتى بشرًا!

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة