خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
قام السيد “رفائيل غروسي”؛ مدير عام “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، بزيارة “الجمهورية الإيرانية” في توقيتٍ بالغ الحساسية على الصعيدين الإقليمي والدولي. بحسّب “صابر ﮔل عنبري”؛ في تحليله المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام).
ورُغم تقديرات الطرف الإيراني للحوار: بـ”الإيجابي” و”البناء” و”المهم”، لكن تصريحات “غروسي” نفسه؛ في المؤتمر الصحافي مع “محمد إسلامي”؛ رئيس “منظمة الطاقة الذرية الإيرانية”، تسترعي الانتباه والتأمل.
قراءة لموقف “غروسي”..
وقد تكون هذه التصريحات قراءة “غروسي” للوضع الراهن، وقد تكون أيضًا بمثابة رسائل تحذير من جانبه أو من جانب الدول الغربية؛ حيث قال: “الأجواء في ظل الظروف المتوترة الحالية، تُزيد من ضيق مساحة العمل الدبلوماسي.. يجب أن نصل إلى نتائج ملموسة، تبُعدنا عن مسار التعارض”.
وأكد ضمن وصف أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية: بـ”غير القانونية”، مشددًا على عدم القيام بذلك: “يمكن القضاء على شبح الحرب والحيلولة دون التعارض عبر الوصول إلى حلول”.
أهداف إيرانية..
وربما تٌريد “إيران” الوصول إلى تفاهم ملموس مع “غروسي”؛ بشأن بعض وليس كل، القضايا محل الخلافات، يُلبي بعض وليس كل مطالب “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، بغرض إدارة أجواء الصراع والحيلولة دون احتدامها، في ظل الأوضاع الصعبة الحالية.
الهدف الإيراني الآخر؛ هو تمهيد الأجواء للدخول في مفاوضات نووية مستقبلًا. في غضون ذلك، وبغض النظر عن رغبة “إيران” في إحياء المفاوضات النووية في الشهرين المتبقين من عمر إدارة “جو بايدن”؛ بحيث تستمر بشكلٍ طبيعي في عهد “دونالد ترمب”، والقضاء على أي عذر بشأن استئناف المفاوضات في عهده، لكن من غير الواضح حتى الآن ما مدى استعداد الإدارة الأميركية الحالية للاسئتناف المفاوضات ولو بشكلٍ ظاهري.
لكن إلى أي مدى قد تؤثر إدارة التوتر من جانب “إيران” على توجهات الطرف المقابل، وعلينا أن نرى فيما يفكر وماذا سيحصل. فإذا غادر “غروسي”؛ “إيران”، بارتياح كبير، فقد يساعد خطابه وتقريره بعد ذلك إلى “مجلس حكام الوكالة” في تلطيف الأجواء.
لكن من غير المستبعد بعذ ذلك، أن ترى الأطراف المقابلة، أن التفاهم المحتمل بين “إيران” و”الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ “غير كافٍ”، والتصديق على قرار عقوبات جديدة بهدف زيادة الضغوط.
أجواء إيجابية مؤقتًا !
وحتى في حال عدم التصديق على قرار عقوبات، وتبلورت أجواء إيجابية، فإن هذه الأجواء ستكون مؤقتة للأسباب التالية:
01 – إدارة “بايدن”؛ باعتبارها الطرف الرئيس الآخر في الملف النووي، ليست في وضع يخولها الدخول في مفاوضات “جادة” مع “إيران” والوصول إلى اتفاق، للعديد من الأسباب مثل الفترة الانتقالية الحالية بعد الانتخابات الرئاسية، والحرب في المنطقة.
02 – تختلف قناعات “الولايات المتحدة” و”أوروبا” للوضع الراهن عما كانت عليه في السابق، وهو ما يجعلها غير مقتنعة بأي امتيازات قد تقدمها “إيران” في أي اتفاق مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، ولذلك يسعون للحصول على “امتيازات أكبر وأكثر”؛ قبل الدخول في مفاوضات جديدة.
في المقابل؛ لا تُريد “إيران” بتقديم هكذا امتيازات يُقلل من قدرتها على المسُّاومة في المفاوضات المحتملة مع الطرف الآخر الرئيس لإلغاء العقوبات.
03 – إعادة طرح الملف النووي ليس بالضرورة بسبب الاجتماع الموسمي لمجلس حكام الوكالة، وعودة “دونالد ترمب” إلى السلطة، أو حتى تطوير البرنامج النووي الإيراني، وإنما في الغالب بسبب المواجهة الراهنة في المنطقة، والتوتر العسكري بين “إسرائيل” و”إيران”.
وترى الأطراف المقابلة في هذه الأوضاع، فرصة أفضل للضغط على “إيران”. في غضون ذلك يبذل رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أقصى جهده، للاستفادة من الوضع الراهن في إدراج قصف المنشآت النووية الإيرانية على جدول أعمال الأطراف المقابلة.
إلى جانب ذلك، رُغم التخطيط لتلك الزيارة قبل الانتخابات الأميركية، لكنها تمت بعد إعلان فوز “ترمب”؛ وربما يكون الاتفاق المحتمل مع الوكالة نتاج عودته “المرعبة”؛ وهذه القراءة سوف تؤثر على كيفية التعامل مع “إيران” مستقبلًا.
على كل حال؛ ما لم يحدث تحول في التوتر “الإيراني-الإسرائيلي”، خلال الشهرين الباقيين من عمر إدارة “بايدن”، فسوف تُستأنف المفاوضات النووية، لا سيّما مع إدارة “ترمب”، ويمكن مع بداية عمله اقتراح تقييم جديد للأوضاع.