وكالات – كتابات :
نشرت مجلة (ذا دبلومات) مقابلة أجرتها؛ “ميرسي كو”، نائب المدير التنفيذي لشركة (بامير) للاستشارات، وهي شركة لتقييم الاستخبارات العالمية في “واشنطن”، وتكتب عمودًا أسبوعيًّا حول السياسة الأميركية في المجلة التي تُعد مجلة للشؤون الدولية لمنطقة آسيا والمحيط الهاديء – مع الدكتور “ألكسندر كوروليف”، المحاضر الكبير في السياسة والعلاقات الدولية في قسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والتصميم والهندسة المعمارية بجامعة “نيو ساوث ويلز”؛ بـ”سيدني”، حول مدى التعاون العسكري بين “الصين” و”روسيا”؛ خاصة في ضوء الحرب الأوكرانية وما يمكن أن تُقدمه “الصين”؛ لـ”روسيا”، في هذا الوضع.
تتواصل المؤلفة بالمجلة؛ “ميرسي كو”، بانتظام مع خبراء متخصصين وممارسي سياسات ومفكرين إستراتيجيين في جميع أنحاء العالم لمعرفة رؤاهم المتنوعة في سياسة “الولايات المتحدة” في “آسيا”. وهذه المحادثة مع الدكتور “ألكسندر كوروليف” – المحاضر الكبير في السياسة والعلاقات الدولية في كلية العلوم الاجتماعية، كلية الآداب والتصميم والهندسة المعمارية بجامعة “نيو ساوث ويلز”؛ بـ”سيدني”، ومؤلف الكتاب الذي سينُشر قريبًا: (الاصطفاف الصيني الروسي في السياسة الدولية)، (مطبعة جامعة أمستردام) – هو المقال رقم: 318 في: “سلسلة رؤى عبر المحيط الهاديء”.
تاريخ التعاون العسكري بين روسيا والصين..
وتقول الكاتبة إنه بسؤاله حول تاريخ التعاون العسكري بين “الصين” و”روسيا” وانعكاس الدور مؤخرًا، أجاب الدكتور “ألكسندر كوروليف”؛ قائلًا: يعود التعاون العسكري “الصيني-الروسي” إلى أوائل التسعينيات؛ عندما تبنى البلدان إجراءات بناء الثقة؛ (CBMs)، التي تهدف إلى نزع السلاح من الحدود المشتركة وإلغاء تأمينها. ومع حل القضايا الحدودية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، تطورت تدابير بناء الثقة إلى آلية شاملة للمشاورات العسكرية المنتظمة على مختلف المستويات. وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، سهَّلت هذه التطورات صعود التعاون العسكري التقني الثنائي؛ (MTC)، مصحوبًا بتبادل زيارات الأفراد العسكريين والتدريبات العسكرية المنتظمة. أصبحت “الصين” هي: “الشريك المميز”؛ لـ”روسيا”، في مجال التعاون العسكري التقني.
وأضاف “كوروليف”؛ أن حجم ونوعية عمليات نقل الأسلحة الثنائية ارتفع، مما مهد الطريق لأشكال أكثر تقدمًا من التعاون العسكري. وشمل ذلك التطوير المشترك لمحركات الفضاء، وتصدير “روسيا” لأنظمة الأسلحة المتقدمة المضادة للطائرات إلى “الصين”، والطائرات المقاتلة فائقة المناورة، والمروحيات العسكرية.
وتُضيف الكاتبة أنه بحسب “كوروليف”: كان وصول التعاون العسكري “الصيني-الروسي” إلى مرحلة متقدمة للغاية؛ هو إعلان الرئيس؛ “بوتين”، في تشرين أول/أكتوبر 2019، أن “روسيا” تُساعد “الصين” بنشاط في إنشاء نظام رادار للإنذار المبكر بالهجوم الصاروخي، والذي يُعزز في الأساس القدرة الدفاعية لـ”الصين”.
مزود للمواد الأساسية للأسلحة الروسية..
ووفقًا للكاتبة، يرى “كوروليف”؛ أن من المبكر الحديث عن: “انعكاس الدور” على هذا النحو في التعاون العسكري بين “الصين” و”روسيا”، مشيرًا إلى أن الوصف الأكثر دقة هو تزايد الاعتماد المتبادل مع تحول التعاون الثنائي إلى: “طريق ذي اتجاهين” متبادلين. وترسخ هذا النمط بعد الأزمة الأوكرانية في عام 2014، عندما بدأت “روسيا” في اعتبار “الصين”، ليست فقط سوقًا، ولكن أيضًا مزودًا للمواد الأساسية للأسلحة الروسية.
وتُضيف الكاتبة: غيَّرت “روسيا” موقفها تجاه تعاون عسكري أكثر شمولًا وترابطًا مع “الصين”، ولم تُعد حذرة بشأن الاعتماد على “الصين” في هذا المجال. وتُعيد “روسيا” النظر في نموذجها السابق للتعاون العسكري مع “الصين” القائم على تقديم المعدات الدفاعية مقابل النقد لصالح مشروعات التعاون طويلة الأجل التي تتشابك مع الإنتاج العسكري في كلا البلدين وتزيد من الاعتماد المتبادل.
التعاون العسكري العادي والتعاون في وقت الحرب..
وفي تفسيره للفرق بين: “التعاون العسكري التقني العادي”؛ بين “الصين” و”روسيا”، وبين المساعدة العسكرية الصينية لـ”روسيا” في زمن الحرب، أوضح الدكتور “كوروليف” للكاتبة أن: “التعاون العسكري التقني العادي”، إذا وجد مثل هذا الشيء، هو جزء من التنمية طويلة المدى في التعاون العسكري التقني بين الدول. وهناك عنصر من تبعية المسار فيه؛ لأنه متأصل في اتفاقيات الشراء، والتي تتداخل مع الشبكات القائمة للمعاهدات الثنائية أو العقود أو الاتفاقيات الأخرى في المجال العسكري التقني. إنها نتيجة التكوين المؤسسي السائد للعلاقة.
غير أنه يُصبح مسألة سياسية في زمن الحرب عندما يُصبح الخط الفاصل بين: “التعاون الطبيعي” و”المساعدة العسكرية” ضبابيًّا وغير واضح. وانتقد البعض بشدة حقيقة أن المركبة القتالية الروسية؛ (بي. إم. دي-4)، التي استخدمت في الحرب في “أوكرانيا”، مزودة بكاميرات تصوير حراري من إنتاج مجموعة “تاليس” الفرنسية، بوصفها محاولة لتجاوز العقوبات. غير أن هذا التعاون يسبق حرب “أوكرانيا”، وليس من الواضح ما إذا كانت الشركة الفرنسية ستبيع هذه التكنولوجيا اليوم. وفي حالة المساعدة العسكرية الصينية لـ”روسيا” في زمن الحرب، سيكون من الصعب معرفة ما هو “العادي” وما هو غير العادي.
وسألت المحاورة: هل يمكن أن توضح لنا بعض الأمثلة على الاعتماد المتبادل في التعاون العسكري بين “الصين” و”روسيا” ؟.. ولماذا هي مهمة ؟
وأجاب “كوروليف” قائلًا؛ إن من الصعب تعقب العقود “الصينية-الروسية” الخاصة بالتصميم المشترك لأنظمة الأسلحة والبحث والتطوير العسكري. غير أنه من المعروف أن حصة عمليات نقل التكنولوجيا والمشروعات المشتركة في عمليات النقل الإجمالية للمعدات العسكرية الروسية إلى “الصين” قد زادت. وبدأت صناعة الدفاع الروسية أيضًا في البحث عن موردين في “الصين”. وتشمل الأمثلة شراء “روسيا” لمحركات الديزل البحرية التي تُنتجها شركة “هينان لمحركات الديزل بدلًا من الشركات الألمانية لتجهيز سفن حرس السواحل وطرادات الصواريخ”. وتأخذ بعض المشروعات شكل الإنتاج المشترك للأسلحة في الأراضي الصينية مع تطوير “روسيا” للعناصر المهمة من النظم الأساسية المختلفة؛ (مثل هياكل الطائرات أو أنظمة التعليق)، بدلًا من النظم الأساسية الكاملة.
وأضاف أن البرامج الثنائية الأكثر شمولًا ترتبط بمحركات الطائرات والأسلحة المضادة للطائرات. وعلى سبيل المثال، تقوم مؤسسة (تشيرنيشيف موسكو) لبناء الآلات والمؤسسة الصينية الوطنية لاستيراد وتصدير التكنولوجيا الجوية بتحديث المحرك التربيني المروحي؛ (كليموف آر. دي-33) للطائرة المقاتلة خفيفة الوزن الذي أصبح المحرك الأساس للمقاتلة الصينية (ثاندر) خفيفة الوزن ومتعددة المهام من طراز (CAC/PAC JF-17).
تعمل الشراكات التكنولوجية القائمة على أعمال التعاقد من الباطن على مختلف العناصر الأساسية للتصميم الشامل والبرامج المشتركة للابتكار الدفاعي على تغيير طبيعة المعاملات العادية للتعاون العسكري التقني بين “الصين” و”روسيا”. وهذا يُقلل تدريجيًّا من دور “روسيا” بوصفها مزودًا للأسلحة الكاملة ويخلق تبعيات متبادلة طويلة الأجل؛ بحسب مزاعم الخبير الغربي.
قدرات تتمتع الصين فيها بميزة على روسيا..
وحول القدرات، التي تتمتع فيها “الصين” بميزة على “روسيا”، وما إذا كانت “الصين” ستُقدم مساعدة عسكرية لـ”روسيا”، والأصول التي سيشملها ذلك، أوضح الدكتور “كوروليف” أن لدى “الصين” حاليًا الكثير لتقدمه، لاسيما المكونات الإلكترونية، بما في ذلك تلك الخاصة ببرنامج الفضاء والمواد المركبة وتقنيات الطائرات المُسيرة، ومحركات السفن الحربية. وفي هذا السياق، يعمل البلدان على شراء “روسيا” وحصولها على تكنولوجيا إنتاج مكونات إلكترونية مقاومة للإشعاع من الدرجة المستخدمة في الفضاء من شركة “الصين لعلوم وصناعة الفضاء” المملوكة للدولة، مقابل محركات صاروخية روسية تنطلق إلى الفضاء وتعمل بالوقود السائل من طراز (آر. دي-180) وتكنولوجيا الإنتاج.
وأضاف “كوروليف” أن المجال الآخر الذي قد تتمتع فيه “الصين” بميزة هو الفضاء الإلكتروني. اعتبارًا من عام 2019، كانت مجموعة “هواوي للتكنولوجيا الصينية” تُسهل التكامل السيبراني بين “الصين” و”روسيا” من خلال فتح مراكز للبيانات في “موسكو” و”سانت بطرسبرغ” و”كازان” و”نوفوسيبيرسك” و”نيغني نوفغورود”.
بالنظر إلى المزايا التكنولوجية النسبية الحالية بين “الصين” و”روسيا”، إذا كانت “الصين” ستُقدم أي مساعدة عسكرية، فإن “روسيا” ستكون مهتمة بالطائرات العسكرية المُسيرة. وعند مشاهدة الحرب في “أوكرانيا”، أثبتت الطائرات المُسيرة أنها فعالة للغاية، لكن قدرة “روسيا” على إنتاج طائرات مُسيرة عسكرية محدودة؛ كما يدعي “كوروليف”. وحققت “الصين” قفزات تكنولوجية كبيرة في هذا الاتجاه من حيث النوع والكم.
مخاطر المساعدة العسكرية الصينية لروسيا..
وتساءلت “ميرسي”؛ في الجزء الأخير من الحوار: لتُقيِّم لنا المخاطر والأسباب المنطقية للمساعدة العسكرية الافتراضية التي تُقدمها “الصين” لـ”روسيا”؛ في نزاع طويل الأمد وتداعياتها بالنسبة لـ”الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” و”حلف شمال الأطلسي”.
ويدعي “كوروليف” قائلًا: إذا قررت “الصين” تقديم المساعدة العسكرية لـ”روسيا”؛ في الحرب التي طال أمدها في “أوكرانيا”، فسوف تُخاطر بأن تُصبح هدفًا، ليس فحسب لـ”العقوبات الثانوية”، ولكن أيضًا للعقوبات المباشرة. وبدأت “الولايات المتحدة” بالفعل في فرض عقوبات على “الصين”، حتى بدون أدلة كافية على المساعدة العسكرية الصينية لـ”روسيا”.
وفيما يتعلق بالأساس المنطقي، من المهم تكبير الصورة والنظر إلى ما وراء العلاقات “الصينية-الروسية” وحدها. والمشكلة هي أن “بكين” تُدرك على نحو متزايد أن “الصين” و”الولايات المتحدة” على مسار تصادمي طويل الأجل؛ وأن “واشنطن” شرعت في إستراتيجية لاحتواء “الصين”؛ على حد مزاعم الخبير الغربي؛ التي لا تخرج تحليلاته عن كونها جزء هش من مزاعم الآلة الدعائية الأميركية.
وتفهم “بكين” مبادرة (أوكوس-AUKUS)؛ (الاتفاقية الأمنية الثلاثية بين: أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) الأخيرة؛ على أنها تحالف صريح مناهض لـ”الصين”. كما أن مبيعات الأسلحة رفيعة المستوى إلى “تايوان”؛ والزيارات إليها من قبل المسؤولين الأميركيين والمشرعين البارزين التي تُمثل شكلًا من أشكال التلويح باستقلال “تايوان” تُثير “الصين” أيضًا، مما يدفعها إلى إجراء تدريبات بحرية وجوية مكثفة حول “تايوان”؛ وإعادة النظر في تعاونها العسكري مع “روسيا”.
ويُشدد “كوروليف” في ختام حواره على أن احتمالية وجود تحالف عسكري أقوى بين “الصين” و”روسيا”، حيث يُقدم كلا البلدين المساعدة العسكرية بعضهما إلى بعض في مواجهتهما مع الغرب، سيكون له تداعيات جيوسياسية عالمية خطيرة. وكما جاء في تقرير خاص حديث إلى “الكونغرس”، فإن التفوق العسكري لـ”الولايات المتحدة” قد تآكل إلى درجة خطيرة، إلى الحد أن “الولايات المتحدة” قد تكافح للفوز، أو ربما تخسر، حربًا ضد “الصين” أو “روسيا”، خاصة إذا اضطرت إلى القتال على جبهتين أو أكثر في وقت واحد.