كتب وائل نعمة : بدأت القوات الأميركية للمرة الاولى، منذ وصولها الى الانبار في حزيران الماضي، الخروج بجولات استطلاعية في مناطق الخالدية والحبانية القريبتين من القاعدة العسكرية.
ولا يمكن الجزم حتى الان فيما لو كانت القوات الأميركية ستشارك في معارك برية الى جانب القوات العراقية في محاولتها استعادة الرمادي. لكن اطرافاً مطلعة في الانبار ترجح ذلك وبقوة، وتقول ان نسب مشاركة القوات الغربية في المعركة التي طال انتظارها ستكون متدنية لكنها “مؤثرة”. وتتوقع تلك الاطراف ان يعمل الجيش الأميركي في الرمادي بنفس “سيناريو” عملياتها قبل الانسحاب، من خلال مرافقتهم القطعات العراقية لتقديم المشورة والتخطيط والدعم اللوجستي والمعلوماتي.
بالمقابل لا يرى مسؤولون محليون وجهات عشائرية مؤشرات تؤكد مشاركة القوات الأميركية في معركة تحرير الرمادي، متوقعين ان يقتصر دورها على تقديم الاستشارات والتدريب.
ولاتزال العمليات العسكرية في الرمادي متوقفة منذ اتساع الاحتجاجات الشعبية في العراق في آب الماضي. في حين يعزو مختصون بالشأن العسكري اسباب تعطل العمليات الى تعثر بعض القوات في محاصرة الرمادي حتى الان، ما تسبب بخسائر كبيرة في صفوف الجيش ومقتل واصابة قيادات كبيرة الشهر الماضي.
خطة أميركية جديدة
وكان مصدر أمني رفيع في محافظة الأنبار كشف لـ”المدى برس” ان القوات الاميركية جمدت عمل الجيش العراقي والحشد الشعبي وتولت قيادة العمليات العسكرية الدائرة حالياً في الانبار.
وبيّن المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن “القوات الاميركية المنتشرة في عدد من القواعد العسكرية بالمحافظة جهزت مقرات عسكرية تابعة لأبناء العشائر بالأسلحة والعجلات القتالية الاميركية من دون الرجوع الى الحكومة المركزية”.
وفي السياق ذاته يعتقد دلف الكبيسي، قائممقام الرمادي ان مشاركة القوات الاميركية في تحرير الرمادي “باتت امراً مؤكداً”، عازيا ذلك الى ان “اعداد القوات الأميركية تزايدت خلال الايام الماضية في قاعدة الحبانية العسكرية”.
واضاف الكبيسي ان “اكثر من مئة عنصر جاء الى القاعدة خلال الاسبوع الماضي والقوات الاميركية بدأت للمرة الاولى بالخروج بسيارات الهمر من قاعدتي الحبانية والخالدية”.
معركة الرمادي المقبلة
المسؤول المحلي، وهو ضابط في الجيش السابق، يرجح ان “تكون نسبة مشاركة القوات الأميركية في المعركة المقبلة قليلة لكنها ستكون مؤثرة لانهم سيتواجدون مع كل سرية وفوج لتقديم الاسناد والمعلومات والدعم اللوجستي”.
ويعرب الكبيسي عن اعتقاده بأن “القوات الاميركية ستعمل بنفس طريقة عملها السابقة في اعوام 2006 و2007 حين كانت تتواجد اعداد منها مع كل مجموعة من القوات العراقية او العشائرية”.
ويرجح قائممقام الرمادي ان “تأخذ القوات الاميركية مسؤولية الاشراف والتخطيط في ملف الانبار بالكامل”. ويلفت الى ان “عدد الآليات المدرعة الموجودة في المعسكر لا تشير الى ان الاميركان يريدون استخدامها في الحرب الوشيكة لانها قليلة”.
ويقول المسؤول المحلي ان “زمن تحرير الرمادي بحاجة لاشهر وليس اياماً”، خلافا لاعتقاد بعض المسؤولين وقادة العشائر في الانبار الذين رجحوا انتهاء ازمة نازحي الرمادي في تشرين الاول المقبل.
وكان الكبيسي اكد قبل اسبوعين ان اعداد القوات الأميركية وصلت الى اكثر من مئتي عسكري بالاضافة الى وصول فرق استطلاع يعتقد انها ستمهد لمجيء “قوات خاصة” امريكية للمشاركة برياً في حرب تحرير الرمادي.
الخوف من معركة خاسرة
ومازالت العمليات العسكرية التي انطلقت في حزيران الماضي تراوح مكانها منذ اسابيع، في حين يكثف الطيران الأميركي من طلعاته للاسبوع الثالث على التوالي مستهدفاَ نقاطاً مهمة لتمركز “داعش”.
في هذه الاثناء، يعزو محمد الدليمي، وهو مستشار عسكري في الانبار، توقف العمليات العسكرية الى “اتساع حركة الاحتجاجات في العراق والصراع السياسي في بغداد”، مشيراً الى ان “رئيس الوزراء يخشى خسارة دماء جديدة في الانبار في معركة غير ناضجة مما قد يزيد غضب الشارع ضد اداء حكومته”.
واضاف الدليمي ان “هناك اسباباً اخرى تقف وراء تعطل العمليات في الرمادي منها فشل بعض القطعات العسكرية بمحاصرة الرمادي التي تشرف عليها قيادة الشرطة الاتحادية وقيادة عمليات بابل بالاضافة الى غياب التنسيق مع التشكيلات الاخرى”.
وبرغم هذا التراجع، فقد نجحت الفرقة الذهبية وقوات عمليات الانبار، بحسب الدليمي، من تحقيق ما طلب منها بمحاصرة المحورين الجنوبي والشمالي للرمادي.
ويقول المسؤول الامني ان هذا الخلل العسكري أدى الى تعرض الجيش الى ضربات قوية بسبب التفاف داعش من خلف تلك القطعات كما حدث في آب الماضي حين استهدف انتحاري بآلية مدرعة معاون قائد عمليات الأنبار اللواء الركن عبد الرحمن أبورغيف وقائد الفرقة العاشرة في الجيش العميد الركن سفين عبد المجيد ما ادى الى مقتلهما، بالاضافة الى استمرار هجمات المسلحين من قاطع جويبة وجزيرة الخالدية في شرق الرمادي.
أميركا لن تكرر مغامرتها!
بالمقابل يستبعد محمد الدليمي ان “تغامر القوات الاميركية مرة اخرى في الرمادي عبر ارسال قوات برية للمشاركة في الحرب”.
ويضيف “فشلت الولايات المتحدة في الاعوام السابقة بالسيطرة على الوضع في الانبار وكان لديها 120 الف مقاتل في العراق ولم يتم ذلك الا بمساعدة العشائر”.
وبحسب الدليمي فان “الاعداد القليلة للاميركان في قاعدة الحبانية لا تعطي مؤشرات عن مشاركتهم بالقتال على الرغم من ان هذه القوات بدأت تخرج بجولات استطلاعية”. الا ان المسؤول الامني يعتقد بان “الجولات تهدف الى ابعاد الاذى عنها وحماية القاعدة العسكرية التي بدأت تتوسع”.
ملف الأنبار بيد عراقية
وفي غضون ذلك يقول غسان العيثاوي، المشرف على مجموعة من مقاتلي العشائر، “حتى هذه اللحظة لايوجد ما يؤكد مشاركة القوات الاميركية في حرب برية”.
لكن العيثاوي يؤكد، خلال اتصال مع (المدى)، بان “القوات الاميركية جهزت فوجاً واحداً من متطوعي العشائر بالاسلحة والمعدات وبعلم الحكومتين المحلية والاتحادية”.
ويؤكد القيادي الميداني بان “الحشد الشعبي القادم من خارج المحافظة انسحب من الرمادي ويتواجد على الاطراف”. لكن قادة الحشد في بغداد نفوا اي انسحاب في الانبار.
الى ذلك يقول عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الانبار، ان “ملف الانبار مازال بيد القوات المشتركة العراقية وبان القوات الاميركية لم يتعد دورها حتى الان عن الاسناد الجوي”.
ولا يعتقد الفهداوي، في تصريحه ان “اتساع قاعدة الحبانية دليل على ان القوات الاميركية ستشارك بعملية برية”، لكنه يؤكد ان “الاميركان ينسقون مع القوات المشتركة ولم يصرحوا حتى الان بنزولهم على الارض”.