القصور الرئاسية .. انقسام نيابي حول جدوى بيعها لسد جزء من عجز الموازنة

القصور الرئاسية .. انقسام نيابي حول جدوى بيعها لسد جزء من عجز الموازنة

تقـريـر..يـوسـف سـلمـان .. الحديث عن تسخير ملف القصور الرئاسية للخروج من الازمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد ،وجد صداه واسعا لدى الاوساط النيابية التي انقسمت بشأن مقترح لبيع ما تبقّى منها، سعياً لسد عجز الموازنة العامة للدولة العراقية الذي خلّفه انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية.
وبحسب نواب فأن الحكومة تدرس مقترحات لبيع نحو 60 ألف عقار، منها أكثر من ألفا من قصور الشعب التي اشرف على بنائها النظام السابق والمسجلة باسم وزارة المالية، وذلك بهدف توفير إيرادات لسد عجز الموازنة العامة للدولة، خاصة في ظل التدني الكبير والمستمر في أسعار النفط.
ولعل المفارقة الاغرب، والتي تجنب اغلب النواب الافصاح عنها ،هي ان أياً من القصور الرئاسية المنتشرة في كل محافظات البلاد،والمحصنة بحكم مواقعها وهندستها ضد الاختراقات الأمنية التي قد تستهدفها ،لم تسجّل باسم النظام السابق وانما قيدت عائديتها باسم الدولة.
وازاء ذلك اعلنت لجنة السياحة والاثار النيابية عزمها لاعداد وصياغة مقترح قانون يقضي بعرض القصور الرئاسية المملوكة للدولة للاستثمار امام الشركات العالمية.
وقالت عضو اللجنة النائب ليلى البرزنجي للوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/ ان”اللجنة النيابية طالبت بعرض تلك القصور كفرص استثمارية مهمة امام الشركات العالمية للاستفادة منها في توفير عائدات وايرادات مالية للدولة العراقية في ظل الازمة الاقتصادية الراهنة التي تشهدها البلاد”.
وتابعت ان”اللجنة النيابية بحثت ملف القصور الرئاسية بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة ،وهناك تنسيق مشترك وتعاون مستمر بين اللجنة والوزارة للوقوف على كافة التفاصيل والجدوى الاقتصادية من تنفيذ المقترح وصياغته كقانون ملزم للحكومة”.
واضافت ان” اللجنة ستعقد الاسبوع الحالي اجتماعا مشتركا مع اللجنة القانونية النيابية لاعداد الصياغة القانونية للمقترح تمهيدا لعرضه على هيئة الرئاسة وادراجه على جدول اعمال الجلسات المقبلة للمناقشة والتصويت”.
ورأت ان”استغلال تلك القصور وجعلها مواقع سياحية ومنتجعات ترفيهية ومعالم اثرية سيحقق مردودا ماليا جيدا للدولة العراقية التي تواجه التقشف في ظل الازمة الاقتصادية”.
لكن اللجنة القانونية النيابية اكدت ان قانون بيع وايجار عقارات الدولة لا يشمل القصور الرئاسية والابنية التراثية والاوقاف.
وقال عضو اللجنة النائب سليم شوقي للوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/ ان” الحكومة تمتلك الحق المعنوي في ابرام العقود لبيع ممتلكات الدولة العراقية, وهناك تشريعات قانونية نافذة تمكنها من البيع”.
واوضح ان”المادة 27 من الدستور العراقي،لا تجيز بيع وايجار ممتلكات الدولة الى السلطات حتى الدرجة الرابعة لشراء تلك العقارات”.
واضاف ان “البرلمان انهى القراءة الاولى لقانون بيع وايجار عقارات الدولة ودخل حيز القراءة الثانية”.
وتابع ان”القانون سيتضمن مجموعة من الشروط التي تضمن عدم بيع العقار الى السلطات واستغلالها من قبل اصحاب النفوس الضعيفة بأسعار بخسة”. وبين ان”مجلس الوزراء حدد في وقت سابق 60 الف عقار بموضوع المناقشة لامكانية بيعها او ايجارها”.
ولفت الى ان”اغلب العقارات ماتزال مسجلة وفقا للقوانين القديمة، مايتطلب فرزها من دور ومحلات واراض ويتم بيعها او ايجارها بحسب القوانين الجديدة”. واكد ان”الكتل السياسية مع عدم شمول القصور الرئاسية والمواقع والمباني التراثية والاوقاف ضمن قانون بيع وايجار ممتلكات الدولة”.
ودعا الى اخلاء العقارات وعدم وضع اليد عليها تجنبا لان يكون المتزايد عليها لا يدفع السعر الصحيح والابتعاد عن الفساد الاداري”. وشدد على ضرورة تطبيق المادة 27 من الدستور بعدم شمول السلطات حتى الدرجة الرابعة بشراء ممتلكات الدولة.
مقابل ذلك ،يذهب نواب اخرون الى التأكيد على ان مجلس النواب سيحقق في مصير عائدات اراض وحقول زراعية كان النظام السابق اشتراها انذاك في دول جنوب شرق اسيا لتوريد الشاي الى العراق.
وقال النائب عباس البياتي : ان”النظام السابق اشترى حقول واراض شاسعة لزراعة الشاي في سريلانكا والنيبال ومناطق دول جنوب شرقي اسيا ،لغرض انتاج الشاي وتصديره الى العراق في حينه”. واشار الى انه”بعد سقوط النظام في 2003 ،اصبحت تلك الحقول تعود لوزارة التجارة العراقية، ويشرف عليها بضعة موظفين حكوميين “.واضاف :”حتى الان لاتوجد اية تقارير رسمية موثقة حول وضع تلك الحقول وايراداتها ومصير منتوجها اوملكيتها الحالية”.
وتابع ان” لجنة العلاقات الخارجية النيابية تتابع هذا الملف بالتنسيق مع وزارة الخارجية ،وتم الاتفاق على مناقشة الامر داخل البرلمان في غضون جلسات الاسبوع الحالي”. وبين ان” املاك وعقارات النظام السابق، ومنها مزارع الشاي في الدول الاسيوية ،وكذلك الشقق والفلل السكنية في مدينتي كان ونيس جنوبي فرنسا،ادرجت ضمن عمل لجنة استرداد اموال العراق التي شكلها البرلمان مؤخرا”.
واكد ان”ايرادات املاك وعقارات النظام السابق ستوفر للحكومة ،/في حال تم بيعها/ اكثر من ضعف ماتحتاجه في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي”. ودعا الى بيع املاك النظام السابق في الدول الاوروبية وجنوب اسيا ،افضل من بيع املاك الدولة في داخل العراق ،لتمويل نفقات الموازنة وسد العجز .
فيما ترى اللجنة المالية النيابية ان الحكومة يمكنها الحصول على مليارات الدولارات من بيع هذه العقارات، في ظل ما تواجهه من أزمة حقيقية مع تدني أسعار النفط. واكد عضو اللجنة النائب مسعود حيدر ان الحكومة يمكنها الحصول على 150 مليار دولار من بيع هذه العقارات.
ودعا في تصريح صحفي الحكومة الى وضع آليات للبيع بطريقة لا تسمح للأحزاب والمسؤولين الكبار بالاستحواذ على هذه العقارات بأثمان بخسة، وذلك من خلال حصر هذه الأملاك وتقييمها قبل بيعها في مزادات علنية”.
ورأى ان”هذه العقارات يجب تقييمها وبيعها في مزادات علنية”، فيما حذر من ضياع الأموال التي ستجنى من بيع القصور حال ذهبت دون إدارة رشيدة.
وطالب الحكومة الحالية ببيع عقارات الدولة الفخمة ومنها القصور الرئاسية لرفد الموازنة العامة ،مبينا ان”اموال العقارات التي تباع ستكون مصدرا لإيرادات الدولة وسد العجز بالموازنة المالية العامة للبلاد”.
بدوره أكد الخبير القانوني طارق حرب ان”تطبيق الدستور يتطلّب تشريع قانون برلماني جديد يتضمّن إنهاء عقود إيجار عقارات الدولة بأي صفة كانت وإخلائها من شاغليها سواء مستأجرة أو مشغولة، وسواء كانت للأحزاب أو الشركات أو المنظّمات أو الاستثمار أو الإيجار الطويل أو إشغال العقار دون سند قانوني”.
وأوضح ان”عملية بيع العقار لا تتم من الناحية الواقعية إذا كان العقار مشغولاً لعدم إقبال المشتري على شراء عقارات مشغولة بعقود إيجار، ويجب تحديد مدة لإخلائه، أي عند عدم إخلاء هذه العقارات أو عدم فسخ عقود إيجارها، فإنها تباع بثمن زهيد لا يمكن أن يصل ربع قيمتها”.
وبحسب مختصين ، يبلغ عدد القصور الرئاسية في العراق ، نحو الف قصر ، 200 منها فقط داخل العاصمة بغداد ، بينما تحولت أغلبها إلى مقرات حزبية وحكومية ومبان للسفارات الغربية والاوروبية بعد 2003، فيما صادرت الحكومات المتعاقبة لاحقا نحو 3 آلاف عقار من أملاك مسؤولي النظام السابق ممن كانوا يشغلون مناصب عليا في القيادة العسكرية أو تنظيمات حزب البعث وأجهزة الأمن المنحلة .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة