26 أبريل، 2024 11:48 ص
Search
Close this search box.

القاعدة التركية في الصومال .. توغل تركي متزايد يجر الأتراك إلى ساحة الحرب

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لتوطيد علاقاتها مع الصومال وتأسيس وجود لها في شرق إفريقيا، افتتحت “تركيا” رسمياً قاعدة عسكرية كبيرة بجنوب العاصمة الصومالية مقديشو.

وتعد القاعدة، التي تضم ثلاث مدارس عسكرية بجانب منشآت أخرى، أكبر معسكر تركي للتدريب العسكري خارج تركيا.

علاقات وثيقة..

يشير افتتاح القاعدة، التي تكلفت 50 مليون دولار، إلى العلاقات الوثيقة بين تركيا والصومال، وتقع على ساحل المحيط الهندي، وتعمل بطاقة تدريب تصل إلى 1500 جندي صومالي.

وقال المسؤولون الصوماليون العسكريون، خلال الاحتفال، إن هذه الأكاديمية مختلفة لأن الأتراك لن يكتفوا بتدريب القوات، بل سيقومون بتجهيزها.

وينتشر في الصومال أكثر من 20 ألف جندي من قوات الاتحاد الإفريقي ودول أجنبية أخرى لمحاربة “حركة الشباب”. وهناك عدد من القواعد العسكرية الأجنبية في الصومال بالفعل.

وتقوم قوى أجنبية أخرى، بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بتدريب القوات الصومالية، وهناك شكاوى من غياب التنسيق في هذا الشأن.

قاعدة إماراتية..

تقوم دولة الإمارات حالياً بتشييد قاعدة عسكرية كبيرة في “أرض الصومال”، التي أعلنت استقلالها عن الصومال، ولم تنل اعترافاً دولياً بعد.

وكان رئيس أركان الجيش التركي “خلوصي أكار”، قد وصل إلى مقديشو، الجمعة 29 أيلول/سبتمبر المنصرم، للمشاركة في الاحتفالات الرسمية بافتتاح القاعدة العسكرية، والتقى الرئيس الصومالي “محمد عبد الله فارماغو”.

كما اجتمع “أكار” مع نظيره الصومالي، “أحمد غمعالي غيدي”، والسفير التركي لدى الصومال، “أولغن بيكر”.

وقال مسؤول تركي كبير، قبل مراسم الافتتاح في مقديشو، إن الضباط الأتراك سيتولون تدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي في القاعدة.

شريك جاهز..

يقول المحللون إن تركيا وجدت شريكاً جاهزاً في الصومال، بعد تعثر سياساتها الخارجية في أعقاب “ثورات الربيع العربي”.

مكافحة جهود الإرهاب..

من جانبه قال رئيس الوزراء الصومالي “حسن علي خيري”: “نود أن نشكر الشعب والحكومة التركيين لدعمهما بلادنا بإقامة هذه القاعدة في وقت نحن في أمس الحاجة إلى المساعدة لتعزيز جهودنا في مكافحة الإرهاب”.

مضيفاً “خيري”: أن “افتتاح القاعدة العسكرية وتدريب جنودنا فيها، سيسهم في إعادة بناء قوة وطنية لا تقوم على أساس قبلي، ولا تنتمي لمكان محدد بل قوات مدربة تمثل الشعب الصومالي”.

لن تضطر للتنافس..

فيما يقول الباحث في مركز أبحاث “كارنيغي” للسلام الدولي “سنان أولغين”: “إنها دولة يمكن أن تمثل أهمية لتركيا دون أن تضطر بالضرورة إلى التنافس مع قوى إقليمية أو عالمية”، مضيفاً أن تركيز أنقرة الأساسي على المساعدات، وليس المساعدات الأمنية أو الدعم العلني للأحزاب السياسية ساهم في بناء الثقة.

مواجهة مخاطر استراتيجية..

الرئيس التركي يعتقد أن فتح قاعدة عسكرية في الصومال سيكون بمثابة الكسب الاستراتيجي لبلاده ومنصة للانطلاق نحو إفريقيا الواعدة بالاستثمارات، لكن خبراء في الشأن الإفريقي يقولون إن التمركز التركي في القرن الإفريقي يضع أنقرة بمواجهة مخاطر استراتيجية كثيرة، خاصة أن امتلاك قاعدة عسكرية يمكن أن يجرّ الأتراك إلى ساحة الحرب في بلد لا يمكن ترقب تعافيه في وقت قريب، خاصة أن “حركة الشباب” لوّحت باستهداف القاعدة الجديدة.

أدوار مثيرة للشكوك..

تساءل الخبراء إذا كان وجود قواعد أو أنشطة لدول المنطقة أو للدول العظمى مبرراً بحساب الأمن القومي والمصالح، فماذا تفعل تركيا في منطقة بعيدة عنها غير البحث عن أدوار مثيرة للشكوك، وتتجاوز التصريح بالدعم العسكري والإنساني للمساعدة في استقرار الصومال.

وتاريخياً، عانت تركيا من التمدد في زمن العثمانيين وانتهى هذا التمدد غير المبرر بانهيار إمبراطوريتها وانكماشها إلى الأناضول فقط مع لسان بسيط في أوروبا، وإلى اليوم لا يعرف مصير الآلاف من الجنود العثمانيين في القرم واليمن وليبيا حتى بعد مرور قرن من الزمن.

ويبدو أن الرئيس التركي الحالي يبحث عن إعادة الأتراك إلى الوراء ليعاودوا نفس المأساة التي عاشتها الإمبراطورية العثمانية، اعتماداً على الهيمنة الناعمة التي تجزل المساعدات وتتولى تغيير مناهج التعليم والتربية وطرق فهم الدين.

تاريخ العلاقات الحديثة..

يرجع الوجود التركي الحديث في الصومال إلى عام 2011، أثناء المجاعة التي ضربت البلاد نتيجة موجات الجفاف المتكررة، عندما زار وفد تركي برئاسة رئيس الوزراء، آنذاك، “رجب طيب أردوعان” العاصمة الصومالية “مقديشو”، وقد حظيت تلك الزيارة، التي وصفت بـ”التاريخية”، بتغطية إعلامية محلية ودولية واسعة.

وأكد رئيس الوزراء التركي، الذي قام بجولة تفقدية إلى مخيمات النازحين في ضواحي العاصمة خلال تلك الزيارة، على عزم بلاده على فتح سفارتها في العاصمة “مقديشو” لتسهيل نقل مهمة الإغاثة الإنسانية لمتضرري الجفاف في مخيمات النازحين بجنوب البلاد.

وعلى الرغم من أن الزيارة كانت عادية، إلا أنه رافقتها تغطية إعلامية موسعة كان الهدف من ورائها محاولة لتحسين صورة الأتراك في أذهان الصوماليين، وبات من الواضح لاحقاً أن أخبار تلك الزيارة تم نشرها بطريقة مبالغة يغلب عليها طابع صناعة زعيم الأسطورة.

ومنذ ذلك التاريخ بدأ الوجود التركي يتزايد في الصومال يوماً بعد يوم؛ حيث بدأ الأتراك إلى جانب المساعدات الإنسانية يقتحمون في المجالات الحيوية الأخرى.

9 اتفاقيات مشتركة..

وقعت الحكومتان التركية والصومالية 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم أثناء زيارة ثانية للرئيس التركي إلى الصومال عام 2015 ضمت كذلك إثيوبيا وجيبوتي. وقد شملت الاتفاقيات المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية والصحية إضافة إلى اتفاقية التعاون في مجالات المياه المعدنية والزراعة، وكلها مجالات وإن كان الصومال بحاجة إليها إلا أن العائد والنفع الأكبر يعود إلى تركيا.

تعزيز القوة الناعمة..

الأتراك يقولون إن هذه الخطوات ستعزز القوة الناعمة لتركيا في المنطقة، لكن مراقبين يرون إن أنقرة يمكن أن تتورط في الأزمات الإفريقية، خاصة في الصومال حيث المخاطر الأمنية العالية، التي قد تدفع الأتراك ليكونوا طرفاً مباشراً في صراع فشلت كل الأطراف الخارجية التي تدخلت فيه الوصول إلى نتيجة.

منافسة غير متكافئة..

قلل مراقبون آخرون من الحديث عن دور استراتيجي لتركيا في القرن الإفريقي، فهو منطقة تتحرك فيها دول ذات مصالح كبرى، مثل “الصين والولايات المتحدة”، ولن تقبل أن تتولى أي جهة منافستها في مجالها الحيوي في القرن الإفريقي أو في غيره من الأماكن التي بدأت أنقرة تتحرك باتجاهها عن طريق المساعدات، لهذا تجد أنقرة نفسها في وضع منافسة غير متكافئة مع دول عربية لديها حضور أكثر فاعلية ومبني على الدعم الدائم وليس الدعم الظرفي كالذي لجأت إليه تركيا، من ذلك أن “السعودية” هي أكبر سوق لصادرات الصومال، الذي يحصل أيضاً على واردات مهمة من دولة “الإمارات” تتراوح من الإلكترونيات إلى مواد البناء.

مهمه الحفاظ على أمن مقديشو..

سبقت “الإمارات” تركيا إلى الصومال، إذ تشغل منشأة تدريب عسكري في مقديشو منذ سنة 2015. وتعتبر القوات التي دربتها الإمارات من القوات الأكثر وثوقاً والأحسن تدريباً في الجيش الصومالي، وهو سبب تكليفها بمهمة الحفاظ على أمن مدينة “مقديشو” قبل عدة أشهر.

لا تحصل على دعم كامل..

كما أن الأتراك لا يحصلون على دعم مختلف مناطق الصومال، ففي الأزمة القطرية نأت ثلاثة أقاليم بنفسها عن موقف “مقديشو”، وأعلنت مناطق “جلمدج” وبلاد “بنط” و”هرشبيلي”، أنها تقف مع السعودية والإمارات.

وتحصل هذه المناطق على دعم سعودي وإماراتي من موارد الطاقة، ما يجعل من مخالفة الحكومة الصومالية أمراً سهلاً عليها.

ستعترضها مشاكل..

كما أطلقت شركة “موانئ دبي العالمية” مشروعاً، مطلع هذا العام، لتطوير ميناء “بربرة” التجاري ضمن عقد بلغت قيمته أكثر من 440 مليون دولار، لذلك ستعترض القاعدة التركية في الصومال مشاكل كثيرة تماماً، مثلما حصل للقاعدة التركية في قطر، التي تحولت إلى ورطة سياسية لتركيا لتوتر علاقتها بكل من دول الخليج والولايات المتحدة.

وكانت تركيا قد أنشأت قاعدة عسكرية في “قطر”، بدأت العمل في تشرين ثان/نوفمبر 2015، وتنص على تشكيل آلية من أجل تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري والصناعة الدفاعية والمناورات العسكرية المشتركة وتمركز القوات المتبادل بين الجانبين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب