القاعدة البحرية في السودان .. مفتاح دخول “روسيا” إلى إفريقيا !

القاعدة البحرية في السودان .. مفتاح دخول “روسيا” إلى إفريقيا !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

وقعت “روسيا”، بتاريخ 8 كانون أول/ديسمبر 2020م، اتفاقية مع “السودان”، مدتها 25 عامًا، تنص على إنشاء قاعدة بحرية في “ميناء السودان” على ساحل البحر الأحمر، بغرض تطوير المساعدات العسكرية الروسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبموجب الاتفاقية؛ سوف تتمكن “روسيا” من تسكين عدد 4 قطع بحرية مع طاقم بحد أقصى 300 جندي في “ميناء السودان”، لقاء بيع السلاح والمعدات العسكرية إلى “الخرطوم”. بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية.

أهمية الموقع السوداني..

وقد ظهرت فكرة القاعدة الروسية في “السودان”، بعد أسابيع من إعلان “الولايات المتحدة الأميركية” حذف السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد الاتفاق على التطبيع السوداني مع “الكيان الإسرائيلي”، تشرين أول/أكتوبر الماضي. وقد تم إدراج اسم “السودان” على قائمة الدول الراعية للإرهاب، منذ العام 1993م، بدعوى احتضان “الخرطوم” تنظيم (القاعدة)؛ وإيواء “أسامة بن لادن”.

وكان السودان أكبر الدول الإفريقية والعربية، قبل انفصال الجنوب بعد استفتاء شعبي في العام 2011م، من ثم تحول السودان إلى الثالث بين الدول الإفريقية؛ والثاني بين الدول العربية، من حيث المساحة.

و”ميناء السودان”؛ أحد أنشط الموانيء الإفريقية، باعتباره بوابة السودان الطبيعية إلى “البحر الأحمر”، وطاقة استيعابية 1.3 مليون كونتنر سنويًا. وهو ليس الميناء السوداني الوحيد، لكن هو الأهم بالنسبة لدول الجوار المحصورة باليابسة مثل “إثيوبيا، وتشاد، والسودان الجنوبي”.

الاستفادة الروسية من إرث “السوفييات” في إفريقيا..

وقد ابتدأ الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، سياسة التوسع الجيوإستراتيجي الروسي نحو إفريقيا، تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي، بعد لقاء بين القيادات الروسية والسودانية في مدينة “سوتشي”.

وتسعى “موسكو”، بعد غياب 25 عامًا تقريبًا، للاستفادة من إرث “الاتحاد السوفياتي” السابق في دعم حركات التحرر الإفريقية بالسلاح والتدريب على المقاومة ضد قوى الاستعمار. وكانت “موسكو” قد وجهت رسالة، في “سوتشي”، تتعلق بتوفير السلاح بأسعار أقل من الأميركي، وغض الطرف عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية.

ولطالما كانت “روسيا” أكبر مورد للسلاح في إفريقيا؛ وعقدت على مدة العقدين الماضيين اتفاقيات عسكرية مع مختلف الدول الإفريقية، مثل “إثيوبيا ونيجيريا وزيمبابوي”. وكان “بوتين” قد جعل تعميق العلاقات مع دول القارة الإفريقية على رأس أولويات سياسته الخارجية بغرض التخلص من تأثير العقوبات الغربية وتدعيم مكانته الجيوإستراتيجية.

امتداد الأذرع الروسية..

وقاعدة بحرية في السودان؛ ستكون مفتاح دخول “موسكو” إلى “البحر الأحمر” و”المحيط الهندي”، وسوف تتيح لها توسيع نطاق قواتها البحرية وتحقق أهدافها في القارة الإفريقية على النحو التالي:

– إنشاء قاعدة بحرية في “السودان”؛ يعكس رغبة “موسكو” في تقوية مكانتها الجيوإستراتيحية في منقطة آسيا وإفريقيا من خلال الوجود البحري العالمي. والمساعي الروسية لإقامة علاقات مع السودان قد يؤدي لاستعادة النفوذ الروسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي إنهار بسقوط “الاتحاد السوفياتي”، عام 1991م.

– “ميناء السودان” بما له من موقع إستراتيجي على امتداد “البحر الأحمر”، الذي يربط المياه الأوروبية والآسيوية، قد يحد من مشكلة روسيا الجيوإستراتيجية بسبب الوقوع بين اليابسة. علمًا أن “ميناء طرطوس”، في “سوريا”، هو القاعدة البحرية الروسية الكبرى خارج حدودها، وقد تمكن في تحرير روسيا من مشكلتها الجيوإسترايتجية، والآن وبعد امتلاك قاعدة بحرية أخرى في “السودان”، فسوف تتحقق الآمال الروسية في امتلاك، (موانيء مياه حارة)، في القارتين وفي نقطتين مهمتين على البحرين “الأحمر” و”الأبيض”.

– كما غيرت القواعد البحرية الروسية في “ميناء طرطوس” السورية؛ المعادلات الإستراتيجية بـ”البحر الأبيض”، بتعويض حاجة “موسكو” إلى المضايق التركية، فالقاعدة الجديدة بالسودان وبالقرب من “قناة السويس” قد يؤثر على تغيير المعادلات في منطقة البحر “الأحمر”، و”الأبيض” أيضًا.

– وصول روسيا إلى القواعد البحرية في “ميناء السويس” قد يهيء للنفوذ البحري الروسي شمال شرق إفريقيا وعلى امتداد المسارات الحيوية للطاقة والسلع من ناحية “خليج عدن” مرورًا بـ”البحر الأحمر” للوصول إلى “البحر الأبيض” والعكس. والقاعدة البحرية السوادنية تتيح، للجانب الروسي، إمكانية السيطرة على مسارات الناقلات النفطية من منطقة الشمال الشرقي الإفريقي.

– موقع “ميناء السودان” على البحر الأحمر؛ والقرب من “مضيق باب المندب”، قد يوفر الإمكانية للمشاركة الروسية في الدوريات ضد القرصنة البحرية في “الصومال”. علمًا أن مهمة القوات البحرية لـ”الاتحاد الأوروبي”، في “الصومال”، سوف تنتهي كانون أول/ديسمبر الجاري، وهي بمثابة فرصة بالنسبة للسفن الحربية الروسية في “السودان” ومليء الفراغ.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة