23 ديسمبر، 2024 8:46 م

القارة العجوز في أزمة .. ضعف إنتاجية الأفراد والتوظيف الكامل وعدم القدرة على التنافس !

القارة العجوز في أزمة .. ضعف إنتاجية الأفراد والتوظيف الكامل وعدم القدرة على التنافس !

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

دخلت “إيطاليا” في أزمة عالمية؛ أواخر عام 2018، ويبدو أن “ألمانيا” أيضًا باتت على مشارف أزمة، وأن “بريطانيا” أصبحت قريبة للغاية منها.. لقد أثرت الحرب التجارية على الصادرات بدرجة خطيرة، رغم أنها تُعد المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي في المنطقة، ومع ذلك لا تشير البيانات السلبية إلى الصراع الدائر بين “الولايات المتحدة” و”الصين” باعتباره سببًا أساسيًا، لقد حان الوقت لأن تنظر “أوروبا” إلى سياساتها.

كانت الصناعة في القارة العجوز مرجعًا عالميًا خلال عقود مضت، لكنها خلال السنوات القليلة الماضية تخلفت عن القفزة التكنولوجية، ومثال على ذلك أن كثير من الشركات التي تعمل في مجالات تكنولوجية؛ نشأت في “الولايات المتحدة” و”الصين”، في حين أقتصر التصنيع التكنولوجي في “أوروبا” على عدة مكونات فقط.

وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، عن فرض تعريفات جمركية جديدة، يرد الزعيم الصيني، “شي جينبينغ”، بقرار خفض قيمة العُملة، (اليوان)، ووسط الصراع بين هذا وذاك يغرق الإنتاج الأوروبي بين سلسلة القيمة و”اليوان”.

إنخفاض إنتاجية الفرد..

من الأمور السلبية أن إنتاجية الموظف داخل القارة تراجعت، وهو ما يعني أن كل عامل يساهم بمبلغ أقل في الناتج المحلي الإجمالي على مدار العام، ويُعد هذا الأمر خطير جدًا بالنسبة إلى القارة العجوز، لأن معدل الوحدات الإنتاجية كان أمرًا أساسيًا من أجل تحقيق فائض اقتصادي.

وتشير البيانات الأولية لمكتب الإحصاءات التابع لـ”الاتحاد الأوروبي”، (يوروستات)؛ بشأن الربع الثاني من العام الجاري، أنه خلال الفترة من نيسان/أبريل حتى حزيران/يونيو 2019؛ تراجع معدل إنتاجية بنسبة 0.1% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وخلال الربعين الأول والثاني من العام السابق تراجعت المعدلات بنسبة 0.1%، و0.2%، وتشير هذه البيانات الدقيقة إلى أسوأ تراجع في الإنتاج منذ الأزمة الاقتصادية العالمية.

تزداد الأمور سوءًا عندما نتحدث عن معدل الإنتاج في الساعة، إذ تراجعت إنتاجية الفرد في الساعة، خلال العام الماضي، بمعدل 0.4%، ويقود هذا الإنخفاض الدول الكبرى في القارة؛ “ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا”، بينما على العكس، تشهد معدلات الإنتاج في عموم القارة، (وليس منطقة اليورو فقط)، نموًا ملحوظًا.

ويرجع السبب في هذا الوضع إلى أمرين هما؛ تراجع الاستثمار وإقتراب مناطق كثيرة في القارة من التوظيف الكامل، أي القضاء التام على البطالة، وتؤدي هذه الأسباب إلى غياب التنافسية في البلاد وتقلل من توقعات النمو.

معضلة التوظيف الكامل في ألمانيا..

تمثل “ألمانيا” مثالًا جيدًا يُعبر عن الواقع الذي تعيشه القارة، إذ تراجعت معدلات البطالة بها إلى 3.1%، أي أنه يمكن اعتبار أن كل شخص قد حصل على الوظيفة التي يحلم بها، لقد بات البلد في حالة “توظيف كامل”، وفي ظل هذا الوضع تفضل الشركات الراغبة في توظيف أشخاص جدد سرقة بعض الموظفين من شركات أخرى، بدلًا من الإعلان عن وظائف شاغرة تمنح بيئة تنافسية بين المتقدمين، ويتطلب هذا الأمر تقديم عروض مغرية مثل راتب أعلى مما يتقاضاه الموظف في شركته الحالية، ويؤدي هذا التوجه في النهاية إلى حالة تضخم بسبب المرتبات.

وكشفت بيانات لـ”مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني” أن المبالغ المخصصة للرواتب في البلاد ترتفع بنحو 4.8% كل عام، بينما يبقى الناتج المحلي الإجمالي سلبيًا.

ويثبت تراجع معدلات الاستثمار في القارة الأوروبية أن المعضلة ليست فقط في ضعف الطلب من الخارج، وإنما قد تكون هناك مشكلات في المعروض، لأنه إذا فقدت المنتجات الأوروبية القدرة على التنافس على مستوى عالمي فإن الآثار المترتبة على الحرب الاقتصادية سوف تتكثف.

محفزات مالية..

وتدرس حاليًا عدة دول أوروبية، ومن بينها “ألمانيا”، كيفية استخدام المحفزات المالية من أجل تخطي أزمة تباطؤ النشاط، ومن المتوقع أن يطرح هذا الموضوع بقوة على طاولات المناقشات خلال الأشهر المقبلة، ويرى جزء كبير من القادة السياسيين أنه حان الوقت لاستغلال المحفزات المالية، لكن يرى البعض أنه يجب تطبيقها عن طريق تخفيضات ضريبية وسُبل أخرى مع وضع قوانين تحكم الإنفاق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة