انقضت عشر سنوات منذ الغزو الذي قادته قوات أمريكية للعراق والذي أطاح بالرئيس السابق صدام حسين لكن العراقيين الذين عاصروا قصف مدنهم من الجو صباح مساء يقولون إن عواقب الغزو لم تنته حتى الآن.
وتقول الفنانة العراقية هناء مال الله إن أعمالها تأثرت جدا بما حدث في بلدها منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات حتى الغزو عام 2003. وتصور الفنانة في لوحتها “ليلتي” أمسية في شهر يناير كانون الثاني عام 1991 بدأ فيها تحالف عسكري قادته الولايات المتحدة حملة من القصف الجوي للمدن العراقية بعد أن غزا صدام الكويت عام 1990.
واستخدمت الفنانة في لوحتها قطعا من القماش المحترق ومن الحطام للتعبير عن الدمار الذي لحق بالعراق. وقالت هناء مال الله “ليلة السادس عشر إلى السابع عشر (من يناير كانون الثاني) 1991 بالنسبة لي أنا أعتبرها النقطة اللي أثرت في تاريخ العراق وأعتبر احتلال العراق ابتدأ من هذه السنة. في هذه الليلة اللي لا يمكن أن تغادر ذاكرتي أبدا واللي هي أتصور أثرت في كل الأعمال الفنية لحد الآن واللي أي فنان أو إنسان عاش هذه الليلة أتصور لا يمكن.. لا أعرف.. بس هي أثرت بشغلي بشكل كبير. وإذا أحب أن أصفها فهي الليلة التي سقطت بها بغداد.”
وكانت هناء محاضرة في جامعة بغداد لكنها رحلت من العراق عام 2006 بعد أن قتل بعض زملائها وتركت عملها ومنزلها وكل أعمالها الفنية. وذكرت أن حرب العراق أصابت الحياة الثقافية العراقية في مقتل حيث نهبت المتاحف وتوقفت الصحف عن الصدور وأغلقت معاهد الموسيقى والباليه أبوابها.
وشددت هناء على أن الفوضى التي أعقبت الغزو أضاعت كل أمل في تعاف سريع.
وقالت “الألفين وثلاثة القصف الأمريكي يشبه تماما قصف 1991 . تماما نفس القصف.. تماما نفس التحطيم.. بس أسرع. يعني انهيار الجسور.. قطع الكهرباء ولحد الآن.. قطع الماء.. تدمير البنية التحتية.. تدمير الجامعات.. نفس اللي حدث في 1991. 1991 أكو نظام أو ما يشبه الدولة اللي يمكن تدير هذا الخراب فتوقفه لصالحها.. لصالح الحكومة في هذا الوقت. وراء الاحتلال ماكو حكومة تدير الخراب الموجود.. بالعكس.. تزيده.”
المعرض تستضيفه مدرسة تشيلسي للفنون في لندن ويحمل عنوان (بعد عشر سنوات) وتشارك فيه ايضا الباحثة مو ثورب التي ذكرت أنها لا تزال تتذكر الجدل الذي أحاط بقرار الحكومة البريطانية الاشتراك في العمل العسكري في العراق.
وقالت “أعتقد أن أهم ما تحتفظ به الذاكرة.. الجمهور.. الجمهور البريطاني.. حاول (رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني) بلير إقناعنا قائلا إن علينا التصدي لأسلحة الدمار الشامل.. سلام العالم بأسره مهدد.. علينا أن نذهب ونعثر على أسلحة الدمار الشامل. أتذكر أننا خلال متابعتنا للأخبار أننا لم نجدها. أثبت ذلك أن أخطاء قد ارتكبت.”
وتشارك مو ثورب في المعرض بخمس شاشات تعرض عليها لقطات لقصر صدام عقب قصفه وشاحنات تسير على طريق لا نهاية لها في الصحراء تتخللها روايات شهود بعض العراقيين والجنود البريطانيين.
وذكرت الفنانة أن عملها يعبر عن استمرار مشاعر الصدمة التي نجمت عن حرب العراق.
وقالت “هذه مأساة.. روايات تبعث على الصدمة.. صدمة يستحيل التغلب عليها. الحياة يوميا وسط هذا وغياب أي تقدم نحو حل أو وضع أفضل.. أعتقد أن هذا العمل يعبر عن استمرار الأوضاع دون تحسن ولا حل ولا فائدة من أي نوع.”
ويشارك في المعرض كذلك الفنانان البريطانيان بيتر كينارد وكات فيليبس بعمل يصور دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي إبان غزو العراق وسط مشهد للموت والدمار.