8 مارس، 2024 8:29 ص
Search
Close this search box.

الفقر والعنصرية والتمييز .. “قشرة” الديمقراطية الأميركية إلى زوال !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) تقريرًا أعدَّه؛ “بلاك هونشيل”، رئيس تحرير نشرة أخبار (آون بوليتكس)؛ في الصحيفة الأميركية، عن كتاب يتناول الحديث عن الأنظمة الديمقراطية وحقيقة استمرارها. ويطرح الكتاب الجديد تساؤلات عن المعتقدات الراسخة المتعلقة باستقرار المجتمعات الغربية.

صعود الحكم الاستبدادي..

يستهل الكاتب تقريره بالقول: عندما ظهر الكاتب الأميركي والأستاذ في جامعة “جونز هوبكنز” الأميركية؛ “ياشا مونك”، في برنامج تلفزيوني ألماني؛ للحديث عن صعود الحكم الاستبدادي في الديمقراطيات الغربية، لم يتوقع أن تتسبب ملاحظته هذه، التي تبدو غير ضارة، في هذه الضجَّة.

وقال “مونك”: “نحن بصدد تجربة فريدة من نوعها من الناحية التاريخية، والتي تتمثَّل في تحويل الديمقراطية الأحادية العِرق والأحادية الثقافة إلى ديمقراطية متعددة الأعراق”.

وبحسب التقرير؛ جعلت هذه الملاحظة؛ “مونك”، هدفًا مباشرًا للمتطرفين على جانبي “المحيط الأطلسي”. وطرح موقع ألماني يميني متطرف سؤالًا: “مَنْ هم الأشخاص الذين وافقوا على هذه التجربة ؟”، وهاجم موقع (ذا ديلي ستورمر)، وهو موقع أميركي للنازيين الجُدُد، التراث اليهودي لـ”مونك” من خلال التلميح إلى معسكر (أوشفيتز) للاعتقال والإبادة؛ (بنَته وأدارته ألمانيا النازية أثناء الاحتلال النازي لبولندا أثناء الحرب العالمية الثانية).

وكانت تلك التجربة مصدر إلهام لكتاب “مونك” الجديد، الذي جاء تحت عنوان: (التجربة الكبرى: لماذا تنهار الديمقراطيات المتنوعة وكيف تستمر ؟)، والذي يُحذِّر من أن بلدانًا مثل “الولايات المتحدة” ليست مستقرة أو مُحصَّنة ضد الصراعات العنيفة كما يبدو.

ووفقًا لما كتبه “مونك”: “تمتلك تاريخ المجتمعات المتنوعة تاريخًا قاتمًا”. ويرى “مونك” أن السياسيين أمثال؛ “دونالد ترامب”، و”مارين لوبان”، و”فيكتور أوربان”، قد لا يُمثِّلون سوى طليعة رد فعل عنيف ضد التنوُّع العِرقي والديني الذي يمكن أن يُنهي الأنظمة الديمقراطية كما نعرفها.

ويُشدِّد الكاتب على أن هذا الكتاب يُناسب “مونك”، وهو مفكِّر ومتخصص في العلوم السياسية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة “جونز هوبكنز”، على نحوٍ فريد. وقد وُلِد “مونك” في “ميونيخ”؛ لأحفاد البولنديين الناجين من “الهولوكوست”، وتلقَّى تعليمه في جامعتي: “كامبريدغ” و”هارفارد”، وحصل على الجنسية الأميركية، ويصف نفسه بأنه: “يهودي يتمتع بلهجة لا يمكن عَزْوَها إلى مكان محدد”، في إشارة متواضعة إلى تجربته الحياتية في الشعور؛ وكأنه مثقف غريب أينما حل وارتحل.

لماذا تنهار الديمقراطيات المتنوعة ؟

وينقل الكاتب عن “مونك” قوله: إنه من المغري أن نظن أن إقامة نظام ديمقراطي متنوع لا ينبغي أن يكون صعبًا. فما مدى صعوبة أن تكون متسامحًا ؟.. وما مدى صعوبة عدم كراهية جارك لأسباب غير منطقية ؟.. يُجيب “مونك”: كلما فكَّرتُ في هذا الموضوع وبحثتُ فيه، أدركتُ أن هذا أمر صعب للغاية حقًا. ويتمثَّل جزء من السبب في تلك المعضلة في سيكولوجية الإنسان، ذلك أننا لدينا غريزة متأصِّلة بعمق تتمثَّل في تكوين مجموعات ثم ممارسة التمييز ضد أي شخص لا ينتمي إليها.

ونحن نعلم من التاريخ أن كثيرًا من الجرائم والصراعات التي تتسم بمزيد من الوحشية التي تعرَّضت لها البشرية؛ تستند في جزء كبير منها إلى أشكال التمييز الإثنية، والدينية، والعِرقية، وأحيانًا القومية.

ويُضيف “مونك”: وبصفتي ديمقراطيًّا؛ (يتبنَّى آراءً ديمقراطية؛ وليس بالضرورة أن يكون عضوًا في حزب ديمقراطي)، أعتقد أن المؤسسات الديمقراطية يمكن أن تُساعد في حل تلك الصراعات؛ إذ يمكنها فعل ذلك بطرق معينة. ولكن في أحد الجوانب المهمة، تجعل الديمقراطية إدارة التنوع أكثر صعوبة.

تجربة رائعة..

وعند سؤاله عن سبب إطلاقه عليها تجربة رائعة، أوضح “مونك” أن سبب ذلك يتمثَّل في أنه لا توجد سابقة لأنظمة ديمقراطية شديدة التنوع من الناحية الإثنية والدينية تُعامل جميع أعضائها على قدم المساواة.

ويُضيف التقرير: هناك كثير من الأمثلة على الأنظمة الديمقراطية المستقرة والمتجانسة نسبيًّا، مثل “ألمانيا الغربية”؛ بعد الحرب العالمية الثانية. وهناك أيضًا كثير من الأمثلة على الأنظمة الديمقراطية التي تنوَّعت منذ تأسيسها، مثل “الولايات المتحدة”، التي اعتادت أن تمنح وضعًا خاصًا لمجموعة ما وتضطهد مجموعة أخرى، ويحدث ذلك في بعض الأحيان بصورة مروِّعة.

ويعرِّج “مونك” قائلًا: وبصفتي دارسًا لصعود الشعبوية وأزمة الديمقراطية، أدهشتني على مدى العقدين الماضيين؛ الطريقة التي يستغل بها أشخاص بداية من: “دونالد ترامب”؛ مرورًا بـ”فيكتور أوربان”، ووصولًا إلى “ناريندرا مودي” و”مارين لوبان”؛ المخاوف التي أثارتها هذه التجربة.

ولا يقتصر أحد أسباب نجاح هؤلاء الأشخاص على تمتُّعهم بخطاب قوي، بل تتضمن تلك الأسباب أيضًا أن التيار السائد واليسار فشلا في مواجهة ذلك التشاؤم الذي تصدوا له بتشاؤم آخر من جانبهم، وهو ما يعتقد “مونك” أنه حقَّق نتائج غير مثمرة.

وعندما طُلب منه أن يستفيض في ذلك قليلًا، أشار “مونك” إلى حالة المهاجرين في “أوروبا الغربية” و”أميركا الشمالية”، موضحًا أن غالبية هؤلاء المهاجرين لا زالوا يأتون من بلدان أشد فقرًا ويتمتعون بفرص تعليمية أقل بكثير. وهذا يمكِّن اليمين المتطرف من الترويج لقصة مفادها أن المهاجرين لا يتعلمون اللغة، ولا يهتمون بالاندماج في المجتمع الذي يستضيفهم ولن يكونوا منتجين من الناحية الاقتصادية على الإطلاق.

وعادةً ما يرفض اليساريون إلقاء هذا اللوم على المهاجرين، ولكنهم يذهبون بعد ذلك إلى ترديد كثير من نتائجهم الرئيسة، ليشدِّدوا على أن المهاجرين مستثنون من التيار السائد في المجتمع، وأنهم أشد فقرًا بالفعل، وأنهم لا يُعانون من الحراك الاجتماعي والاقتصادي. ويتمثَّل الفارق الوحيد في أن اليساريين يُلقون باللوم في هذه المشكلات على التمييز أو العنصرية وغيرها من أشكال الظلم الهيكلي.

إنهيار الديمقراطية الأميركية..

ويُبرز الكاتب ما قاله “مونك” عن أسباب قلقه من إنهيار الديمقراطية الأميركية؛ إذ أشار المتخصص في العلوم السياسية؛ إلى أنه يمزح في بعض الأحيان ويقول إنه محب للديمقراطية، وأنه جادل بأن الديمقراطية كانت مُعرَّضة للخطر في عامي: 2014 و2015، قبل أن كانت رائعة، وأنه كان يُشاهد صعود المرشحين والأحزاب الشعبوية الاستبدادية في كثير من البلدان حول العالم. وإذا لم يصل هؤلاء الأشخاص بالفعل إلى السلطة، فقد كانت في متناول أيديهم.

ويتمثَّل أخطر ما في هذا الأمر؛ في مناهضة التعددية، وإدِّعاء هؤلاء الأشخاص بأنهم وحدهم يُمثِّلون الشعوب. وهذا يدفعهم إلى تركيز السلطة في أيديهم ورفض قبول الهزائم الانتخابية.

ومن هذا المنطلق؛ لا يوجد شيء يُثير الدهشة على نحوٍ خاص عن الطريقة التي أدار بها “ترامب” نفسه؛ إدارته أثناء توليه مقاليد الحكم، أو الطريقة التي رفض بها قبول هزيمته على أنها شرعية. ويرى “ترامب” أنه من المستحيل من الناحية المفاهيمية أن غالبية أبناء وطنه ربما اختاروا الرئيس “بايدن” بالفعل.

هل تدوم الأنظمة الديمقراطية ؟

وبحسب الكاتب، أكَّد “مونك” عندما سُئل عن كيفية استمرار الأنظمة الديمقراطية، والطريقة التي تتجاوز “الولايات المتحدة” من خلالها النمط التاريخي الذي يُعرب المفكر الأميركي عن قلقه بشأنه، أن هذه مهمة صعبة للغاية؛ إذ لا تزال “واشنطن” تتشكل بعمق بفعل أشكال الظلم المتطرفة التي شوَّهت صورتها على مدى قرون. وسيكون من السذاجة أن نعتقد أنه يمكننا أن نتغلب على هذا الإرث بصورة كاملة في غضون سنوات.

وبصورة أعم، تتمثَّل إحدى أخطر الأفكار في السياسة الأميركية؛ في أن التركيبة الديمغرافية هي قدر لا مفر منه. وهذه فكرة وخيمة للغاية، لأنها تُغذِّي التطرُّف اليميني وسياسات الهوية اليسارية، على الرغم من حقيقة أن الفئات الديموغرافية البسيطة، أي أصحاب البشرة البيضاء وذوي البشرة الملونة، لم تُعد تُمثِّل واقع البلاد المُعقَّد.

ويختم الكاتب تقريره مستشهدًا بما ذكره “مونك”: تتمثَّل إحدى أهم مهام الحزبين السياسيين؛ (الجمهوري والديمقراطي)، في تعزيز وقف الاستقطاب العِرقي للناخبين الأميركيين. وستكون البلاد في وضع أفضل إذا حاول الجمهوريون حقًا إقامة تحالف متعدد الأعراق يشمل الطبقة العاملة؛ وإذا لم يتخلَّ الديمقراطيون عن كثير من الولايات ذات الأغلبية من أصحاب البشرة البيضاء.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب