15 نوفمبر، 2024 1:54 م
Search
Close this search box.

الفصائل العراقية تنتقل إلى المواجهة المباشرة مع “واشنطن” .. فهل يستطيع “السوداني” كبحها ؟

الفصائل العراقية تنتقل إلى المواجهة المباشرة مع “واشنطن” .. فهل يستطيع “السوداني” كبحها ؟

كتبت – نشوى الحفني :

رُغم التأكيد المستمر من جانب الحكومة العراقية بحمايتها للبعثات الدبلوماسية الأميركية؛ إلا أن غير ذلك قد حدث، حيث استهدف هجوم صاروخي، محيط السفارة الأميركية، في العاصمة العراقية؛ “بغداد”، أمس الأول، في “المنطقة الخضراء” شديدة التحصّين، والتي تضم سفارات أجنبية ومؤسسات حكومية عراقية، وهو ما يبدو أنه منعطف خطير، حيث لم يحدث ذلك منذ عام ولا حتي في الهجمات الأخيرة المستمرة منذ بدء الحرب على “غزة”؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأعلنت (كتائب سيد الشهداء)؛ في “العراق”، مسؤوليتها عن الهجوم على السفارة وإحدى القواعد العسكرية الأميركية في “العراق”؛ بسبب الحرب على “غزة”، متعهدة باستمرارها طالما استمرت “حرب غزة” التي تُشّنها “إسرائيل” على القطاع.

وكالة (CNN) الإخبارية الأميركية؛ ذكرت أن أول تعليق من قائد (كتائب سيد الشهداء) في “العراق”: بعد الهجوم على مجمع السفارة الأميركية في “بغداد”؛ في الساعات الأولى من يوم الجمعة، تعهد قائد (كتائب سيد الشهداء) العراقية؛ المدعومة من “إيران”، “أبو آلاء الولائي”، بأن الهجمات على المصالح الأميركية في “العراق” ستسّتمر في حالة استمرار الحرب على “غزة”.

ولم يُعلن “الولائي” مسؤوليته عن هذه الهجمات مباشرة؛ وقال عبر صفحته على (إكس)؛ “تويتر” سابقًا: “نحترم كل الوسّاطات العراقية ونرفض الحديث حول إيقاف العمليات أو تخفيفها ما دامت الجرائم الصهيونية مستمرة في غزة؛ والاحتلال الأميركي قائم في العراق”.

وتابع: “نتفهم الدوافع ونؤمن بتعدد الأدوار وتباين المساحات، ولكن ثقوا بنصر الله فالاحتلال إلى زوال، أما المقاومة فهي ثقافة شعوب والشعوب لا تموت”، على حد زعمه.

في الشهر الماضي؛ صّنفت “وزارة الخارجية” الأميركية (كتائب سيد الشهداء) وأمينها العام؛ منظمة إرهابية خارجية.

إدانة أميركية..

من جهتها؛ دانت “الولايات المتحدة”: “بشدة” الهجمات التي استهدفت سفارتها في “بغداد” والقوات الأميركية وقوات التحالف في “العراق”، داعية “بغداد” إلى: “تقديم مرتكبيها إلى العدالة”.

كما استهدفت هجمات بصواريخ وطائرات مُسيّرة؛ القوات الأميركية في “العراق” و”سورية”، خمس مرات على الأقل الجمعة.

وقال مسؤول في “وزارة الدفاع” الأميركية؛ إن ثلاث هجمات استهدفت قواعد في “سورية”، فيما استهدف هجومان قاعدة (عين الأسد) الجوية؛ غربي “بغداد”.

وهذا هو أول هجوم يستهدف السفارة الأميركية منذ أكثر من عام، مما يُشير على ما يبدو إلى توسّع نطاق الهجمات.

واشنطن” تؤكد حقها بالدفاع عن النفس..

ودعا متحدث باسم السفارة الأميركية؛ الحكومة العراقية، إلى بذل كل ما في وسّعها لحماية البعثات الدبلوماسية وقوات التحالف والقواعد العسكرية.

وقال: “نُكرر أننا نحتفظ بحق الدفاع عن النفس وحماية أفرادنا في أي مكان في العالم”.

وبخلاف بعثتها الدبلوماسية في “العراق”، لدى “الولايات المتحدة” نحو: (2500) جندي في البلاد في مهمة تقول إنها تهدف لتقديم المشورة والمساعدة للقوات المحلية ومحاولة منع عودة (داعش) للظهور؛ بعد أن استولى على مساحات شاسعة من “العراق” و”سورية”؛ في 2014.

أعمال إرهابية سيُلاحق مرتكبيها..

في بيان صادر عن؛ اللواء “يحيى رسول”، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، جاء فيه أن رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، قد وجه القيادات الأمنية كافة، بملاحقة مرتكبي اعتداء إطلاق المقذوفات باتجاه السفارة الأميركية في “بغداد”، وتقديمهم للعدالة.

وشّدد البيان على أن: “استهداف البعثات الدبلوماسية؛ أمرًا لا يمكن تبريره، ولا يمكن القبول به، تحت أي ظرف ومهما كانت الادّعاءات والأوهام التي تقف وراء هذه الأفعال المشّينة”.

مؤكدًا: “أن مرتكبي هذه الاعتداءات يقترفون إساءة إزاء العراق واستقراره وأمنه، وأن هذه المجاميع المنفلتة، الخارجة عن القانون، لا تُمثل بأي حال من الأحوال إرادة الشعب العراقي، ولا تعكس القرار العراقي الوطني الذي عبرت عنه الحكومة العراقية في مناسبات رسّمية عدة”.

“رسول”؛ أضاف: “التلاعب باستقرار العراق، والإساءة للأمن الداخلي، ومحاولة التعريض بسّمعة العراق السياسية، واستهداف أماكن آمنة محمية بقوة القانون والأعراف والاتفاقيات الدولية، هي أعمال إرهابية، وإن قواتنا الأمنية والأجهزة الحكومية والتنفيذية، كلُّ حسب اختصاصه وواجبه، ستواصل حماية البعثات الدبلوماسية، وصيانة المعاهدات الدولية والالتزام بتأمينها”.

موقف صارم يُعقّد الوضع..

المراقبون يرون أن تصّعيد الهجمات التي باتت تطال السفارات والبعثات الدبلوماسية؛ وليس فقط قوات “التحالف الدولي”؛ في “العراق”، من قبل فصائل مسّلحة، بات يقتضي موقفًا صارمًا من “بغداد”، وهو ما يُفسّر حدة نبرة البيان الصادر عن الناطق باسم “السوداني”، والذهاب لحد وصف تلك الهجمات بالإرهابية.

بينما يُبدي محللون تشاؤمهم من قدرة “العراق” على كبح جُماح هذه الفصائل المرتبطة بقوى إقليمية، والتي تضّر بالمصالح العُليا للبلاد وتُجرها نحو التورط في صراعات خارجية.

مشيرين إلى أن الذهاب نحو مواجهة مباشرة مع هذه الجماعات المسّلحة، قد يُزيد من تعقيّد الوضع العراقي وتأزيمه.

لن يقود لصدامٍ عسكري..

فيقول مدير مركز (التفكير السياسي) ببغداد؛ “إحسان الشمري”، رُغم أن: “البيان وصف هجمات الفصائل بإنها تندرج في خانة الأعمال الإرهابية، لكن هذا لا يعني أن الحكومة ستدخل في مواجهة معها، كون البيان موجه بالدرجة الأولى لواشنطن من خلال رفع سقف الخطاب الحكومي المُندّد بهذه العمليات، لكن عمليًا لا جديد”.

لهذا؛ فالبيان لن يقود لصدامٍ عسكري بين الحكومة والفصائل، كون البيئة السياسية الحاضنة والداعمة لرئيس الحكومة هي ذاتها التي تنتمي لها الفصائل، إلا إذا قرر “السوداني” التمرد على تلك البيئة.

مضيفًا أن عدم نجاح “بغداد” في كبح هذه الهجمات المتكررة رُغم مرور نحو شهرين على بدايتها، مرده أن الموضوع عابر للشأن العراقي، فالفصائل تدعي تنفيذ هجماتها نُصرة لـ”غزة”، في حين أنها جزء من أوراق الضغط والمسّاومة والابتزاز التي توظفها “إيران”.

لافتًا إلى أنه من الصعوبة مواجهة هذه الجماعات؛ كونها تعني حدوث اشتباك داخلي بين المنظومة الأمنية وتلك الفصائل، والطرفان ليسا في وارد دخول هكذا مواجهة محفوفة بالمخاطر والمحاذير.

تفعيل الجهد الاستخباري..

من جهته؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي؛ “علي البيدر”، وإن تأخرت لكن الحكومة لا بد لها من وضع حد لهذه الفصائل المنفلتة، والتي تعمل على خلق شرخ خطير في العلاقات بين “بغداد” و”واشنطن”، وتُهدد الأمن والاستقرار في البلاد، وتُسيّء لسمعة “العراق” الدولية.

ولهذا فـ”بغداد” أمام تحدي إثبات قدرتها على ضبط الأمن وفرض القانون وكبح تمادي هذه الجماعات، في جر “العراق” لخدمة أجندات خارجية في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية.

والخيار الأمثل هو تفعيل الجهد الاستخباري لكشف وإحباط مثل هذه الهجمات، في ظل تعذر المواجهة المباشرة مع تلك الفصائل والتي ستضر بمصلحة البلاد واستقرارها، خاصة وأنها مجاميع جيدة التسّليح.

وتبنّت (المقاومة الإسلامية في العراق)؛ التي تضمّ فصائل مرتبطة بـ (الحشد الشعبي)، معظم تلك الهجمات التي تقول إنها تأتي ردًا على الدعم الأميركي لـ”إسرائيل”.

وأحصّت “واشنطن”؛ حتى الآن، (78) هجومًا ضدّ قواتها في “العراق” و”سوريا”، منذ 17 تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وردًا على تلك الهجمات؛ شنّت “واشنطن” عدة ضربات في “العراق”، على مقاتلين في فصائل متحالفة مع “إيران”.

وفي 03 كانون أول/ديسمبر 2023، شّن “التحالف الدولي” ضربة جوية: “دفاعًا عن النفس”؛ ضدّ: “(05) مسّلحين كانوا يستعدون لإطلاق طائرة مُسّيرة هجومية في اتجاه واحد”، ما أدّى إلى مقتل المقاتلين الخمسة، وفق بيان لـ”القيادة المركزية الأميركية”.

وأواخر تشرين ثان/نوفمبر، استهدفت ضربات أميركية مرتين مقاتلين في فصائل موالية لـ”إيران” في “العراق”، ما أسّفرت عن مقتل: (09) مقاتلين. وقصفت “واشنطن”: (03) مرات مواقع مرتبطة بـ”إيران” في “سورية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة