24 أبريل، 2024 3:38 ص
Search
Close this search box.

الفساد ” يحتل ” العراق .. والديون تثقب جيوبه

Facebook
Twitter
LinkedIn

العراق.. هذا البلد الغني بالنفط والذي كانت ثرواته سبباً في شقاء أبناءه، يأتي يوم نشهد فيه إعلان حجم ديونه ووصولها لمئة مليار دولار.. أين موارده؟ لماذا لا تغطي احتياجاته؟.. هل أنهكتها الحروب والمعارك الداخلية، أم هو فساد مؤسسي متجذر ينمو ويستفحل طالما هناك إضطرابات أمنية ومعارك تفتح على جبهات متعددة هنا وهناك؟

في العشرين من شباط/فبراير 2017، ذكر عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية بالعراق النائب “مهدي الحافظ” ان ديون العراق تتجاوز الـ100 مليار دولار، لافتاً إلى أن الإجراءات الإصلاحية لحكومة العبادي نحو معالجة المشكلات الاقتصادية ضعيفة.

يقول الحافظ: إن “الجزء الأكبر من هذه الديون يعود للدين الخارجي بواقع أكثر من 60 مليار دولار، في حين يبلغ الدين الداخلي الذي هو على شكل سندات 40 مليار دولار”.

أطماع مستمرة
السؤال الذي يطرح نفسه دائماً في الشأن العراقي.. كيف لبلد بحجم العراق – ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية – أن يغرق في مثل هذه الديون؟

فيكفي ما يقوله “فريد بلحاج” مدير الشرق الأوسط بالبنك الدولي، أن ثروة العراق من النفط والغاز تشكل ضمانة راسخة لسداد القروض.

مكملاً حديثه ليكشف عن بيت القصيد – دون قصد – وهو أن “العراق أحد أغني الدول على وجه الأرض، العراق لديه إمكانيات ضخمة.. والعراق لديه القدرة على سداد ديونه”، فلا مانع إذاً من إغراقه في الديون طالما لديه القدرة على السداد.

بالطبع هو من أغنى البلاد على وجه الأرض، وإلا لما تسارعت القوى الكبرى في إقراضه لتطويعه والسيطرة على موارده بشكل غير مباشر، ويكفينا ما أعلنه وزير النفط العراقي “جبار علي حسين اللعيبي”، يوم الأحد 19 شباط/فبراير الجاري، من ارتفاع حجم الإحتياطي العراقي إلى 153 مليار برميل، مؤكداً على أن العراق سيطلب من منظمة الاوبك إعتماد ذلك.

ولابد من التأكيد على أن الديون الحالية تعتبر من القضايا الخطيرة لمستقبل العراق، وبالتالي لابد من معالجتها ليكون العراق في وضع سهل لمواجهة المشاكل المالية المحتملة في المستقبل.

ضعف أم فساد بالحكومة
يقر عضو اللجنة الاقتصادية النائب مهدي الحافظ بانه “لا توجد موارد أخرى للعراق غير النفط الذي يعتبر المورد الأساسي للموازنة العامة”، لافتاً إلى أن “الإجراءات الإصلاحية للحكومة لمعالجة المشاكل الاقتصادية كانت ضعيفة ولم تمس جوهر الموضوع الذي يدور حول كيفية إيجاد مورد مالي كبير بجانب النفط لمساعدة البلد في مجال الإنفاق”، فهل وصل العراق لمرحلة أن لا يكفي إنتاجه من النفط للصرف على العراقيين واحتياجاتهم رغم كل هذا الإحتياطي المعلن عنه وتسارع الدول لتوريطه في القروض لعلمها بقدرات وموارد هذا البلد الغني بالنفط، فهل هو حقاً ضعف للحكومة أم فساد متشعب؟

في السادس عشر من شباط/فبراير 2017، تحدثت وكالات الأنباء عن قروض دولية للعراق قيمتها المليارات لدعم النازحين، قروض قيمتها المليارات حصل عليها العراق من البنك الدولي ودول وصفت بالصديقة، كان آخرها المانيا بـ500 مليون دولار، بهدف إعادة إعمار المناطق المحررة، ودعم النازحين.

شماعة إعادة الإعمار
وزير المالية “عبد الرازق العيسى” قال: “إن القروض التي تم تخصيصها للعراق من البنك الدولي واليابان والمانيا وقريباً من بريطانيا ستكون داعمة لإعادة إعمار البلاد”، الكل يسارع في المشاركة في إعادة الإعمار، فهل كل هذه القروض دون مقابل، أم أنها تستنزف بشكل غير مباشر موارد العراق.. لماذا لا يتحمل النفط العراقي نفقات العراق والعراقيين بشكل كامل.. من مسئول عن هذه الهزات الاقتصادية والخلل في توزيع وإنفاق الموارد؟

وننظر كيف برر البنك الدولي قروضه للعراق.. فقد أعلن في 21 كانون أول/ديسمبر 2016 إقراضه بغداد 1.485 مليار دولار بما وصفها بـ”ضمانة راسخة” للسداد، فما هي هذه الضمانة “الراسخة” – ضمانة معلوم مكانها لن تستطيع الهروب أو الحركة وإن تغيرت وتداولت حكومات السلطة وزالت فهي باقية؟

يقول البنك الدولي إنه وافق على قرض جديد بقيمة 1.485 مليار دولار لمساعدة العراق على تخفيف وطأة أسعار النفط الضعيفة على إقتصاده، مؤكداً على أن العراق يخوض “إصلاحات عميقة وواسعة النطاق تزامناً مع خوضه حرباً ضد قوة تدميرية، وثروته تشكل ضمانة راسخة لسداد القروض، بالطبع المقصود هنا ثروته النفطية التي تملأ باطن أراضيه ولن تذهب لأي مكان.

القرض الجديد يرفع إجمالي الديون المستحقة من العراق للبنك الدولي إلى حوالي 3.4 مليار دولار، إذ وافق البنك الدولي على قرضين بقيمة 1.2 مليار دولار و350 مليون دولار لدعم العراق في 2015 بعد عام من سيطرة “داعش” على حوالي ثلث أراضي البلاد، في مشهد ترك “عمداً” التمادي فيه، والأيام وحدها كفيلة بكشف أسباب ترك هذا التنظيم يوسع من سيطرته على الأرض!

لم تتوقف القروض على هذا المشهد فقد وقع العراق مع أميركا قرضاً سيادياً بقيمة مليار دولار في الخامس من كانون ثان/يناير 2017، ويقول وكيل وزارة المالية العراقية “فاضل نبي” إن القرض سيوفر الموارد التي تمكن الحكومة العراقية من الإيفاء بإلتزاماتها “الأساسية” تجاه الشعب العراقي.. إلى هذه الدرجة العراق أصبح “يتسول” إلتزامات شعبه الأساسية رغم كل ما قيل عن هذه الأرض الطيبة وثروات هذا البلد العريق؟

على الفور سارعت واشنطن وأعلنت دخول إتفاقية ضمان قرض المليار دولار مع العراق حيز التنفيذ، حيث لا مجال لتضييع الوقت أو تعطيل الصفقات، والشعب وحده يدفع الثمن من توجيه خاطيء مستمر لموارده لا يلمسه!

مبررات جاهزة
نعلم أن الرد الحكومي جاهز لتبرير هذه القروض، ويكفينا مبررات رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” من ان الحرب ضد “داعش” شردت حوالي 3.4 مليون عراقي وتسببت في خسائر قدرها هو بحوالي 35 مليار دولار.. فهل من شرد من العراقيين وجد نصيبه حقاً في هذه المليارات الدولارية التي تسارع حكومته لإقتراضها من هنا وهناك؟.. هل أمن لهم مسكناً يليق بهم؟.. هل أمن لهم غذاء يستحقوه ولأطفالهم؟.. هل أمن لهم دواء هم في أمس الحاجة إليه؟، فإذا لم يحدث أين تنفق هذه القروض والمليارات وأين تتجه عوائد النفط العراقي؟

إن عجز العراق عن النهوض بصادراته النفطية، وعدم قدرته على تحصيل إيرادات أخرى خارج النفط، فضلاً عن التسارع الكبير في حجم الإنفاق وعدم ترشيده يزيد الطين بلة ويؤكد عدم القدرة على إدارة موارد لا تجدها دول كثيرة، ويكفينا ارتفاع الديون العراقية الخارجية من 39 مليار دولار في عام 2014 إلى أكثر من 60 مليار دولار في بداية 2017، بزيادة قدرها 21 مليار دولار في عامين ونصف العام بحسب خبراء الإقتصاد الذين يرون ضرورة في تغيير سياسات إدارة الموارد.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب