14 أبريل، 2024 10:54 م
Search
Close this search box.

الفساد والاهمال يقوضان انجاز المشاريع الخدمية في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

بسخرية لا تخلو من المرارة، يردد ابو جعفر وهو يتمشى في احد شوارع الكوت جنوب بغداد ان برج ايفيل في باريس استغرق بناؤه عامين قبل اكثر من قرن، بينما الشارع الذي تقع فيه اهم مؤسسات الحكومة حفر منذ ثلاثة اعوام دون ان ينجز حتى الآن. ويعد العراق من بين اكثر دول العالم فسادا وفقا لمنظمة الشفافية الدولية حيث احتل مؤخرا المرتبة التاسعة على لائحتها.

ولا تبدو المقارنة مثالية بين برج يعد احد ابرز المعالم السياحية في العالم، وشارع في مدينة صغيرة في اطراف بغداد، لكنها تعبر عن تلكوء يعرقل المشاريع الخدمية في معظم مدن العراق اثر منح عقود الاعمار لشركات غير كفوءة.
ويلقي المسؤولون المحليون باللوم على وزارات الحكومة الاتحادية بعرقلة اتمام المشاريع بسبب البيروقراطية التي تطبع عملها، وايضا بسبب منح عقود المشاريع الى مقاولين يفتقرون للخبرة.
ورغم ان المراقب يرى في تجواله في عدد من المحافظات عمليات حفر واعمال مستمرة، الا ان الواقع يفيد بان معظم هذه المشاريع بوشر العمل فيها منذ ثلاث او اربعة سنوات، او انها تنجز ثم يعاد العمل بها من الجديد.
ويقول النائب خالد الاسدي القيادي في ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي ان هذه المسالة “جزء من حالات الفساد المرصودة، ونحن نكافح من اجل معالجتها”. وفيما اقر في تصريح لوكالة فرانس برس بصعوبة هذه المهمة “لانها تمرر بطريقة ملتوية، في اطار مجموعة من القوانين”، شدد على ان “كثيرا منهم (المقاولون) لا يمتلكون الخبرة اللازمة وربما يقدمون رشى”.
ويعد العراق من بين اكثر دول العالم فسادا وفقا لمنظمة الشفافية الدولية حيث احتل مؤخرا المرتبة التاسعة على لائحتها.
ويطال الفساد عددا كبيرا من المؤسسات الحكومية في بلاد تبلغ موازنتها السنوية نحو 100 مليار دولار.
ويرى الاسدي ان الحكومة “مضطرة الى منح المشاريع الضخمة لشركات محلية بسبب عزوف دخول الشركات الاجنبية”، موضحا ان “الظروف الامنية التي مر فيها البلد جعلت الكثير من الشركات العالمية تحجم عن الدخول الى السوق العراقية”.
ويعيش العراق منذ اسقاط نظام صدام حسين على ايدي قوات تحالف دولي عام 2003 اعمال عنف يومية تشمل السيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة والاغتيالات قتل فيها عشرات الآلاف.
وتلقي اعمال العنف هذه بظلالها على الاستثمارات في العراق حيث تحجم شركات عالمية متخصصة عن العمل هناك.
ويذكر ان رئيس الوزراء نوري المالكي قدم الى مجلس النواب في منتصف ايلول/سبتمبر الحالي مشروع قانون مشاريع البنى التحتية للمصادقة عليه، علما ان هذا القانون سبق وان طرح للمرة الاولى عام 2009 من دون ان يحصل توافق حوله.
وينص مشروع القانون الذي تبلغ قيمة المشاريع الخدمية المرتبطة به اربعين مليار دولار تدفع بالاجل والتي من المفترض ان يحكمها “التوزيع العادل على كل المحافظات” في بلاد تعيش منذ تسع سنوات على وقع تناقضات قومية وطائفية ومناطقية.
وتعارض القانون كتل سياسية بينها قائمة “العراقية” بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي حيث ترى فيه “بابا من ابواب” الفساد المالي.
ويقول رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة النجف جنوب بغداد محمد عايد ان “التلكوء الحاصل في المشاريع المنفذة من قبل الوزارات هو الاكبر وذلك كون الشركات المنفذة لا تخضع لرقابة مجلس المحافظة”.
ويضيف “احد الامثلة على ذلك مشروع الخطوط الناقلة للمجاري ومحطات التصفية في النجف والذي كان من المفترض ان ينتهي العمل فيه قبل سنوات ما يسبب الان مشكلة كبيرة في كثير من شوارع المدينة خصوصا في الاحياء الشمالية”.
ويوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي احد اشكال الفساد الذي يعتري العمل في مجال الاعمار واصلاح البنى التحتية.
ويقول ان “بعض المقاولين يبيعون المشروع الى جهة اخرى والجهة الاخرى تبيعه الى جهة ثالثة ورابعة مما يؤدي الى عدم تنفيذه”.
وفي محافظة الديوانية جنوب بغداد، بلغ عدد المشاريع المتلكئة 43 مشروعا وبكلفة اجمالية تصل الى اكثر من 400 مليار دينار (نحو 350 مليون دولار)، وفقا لمعاون المحافظ للشؤون الفنية المهندس حسين كاطع صالح.
ويمثل التلكوء في انجاز المشاريع الخدمية اليوم حالة عامة في معظم محافظات البلاد، وبينها العاصمة بغداد حيث حفرت بعض الاحياء منذ اعوام من دون ان تنجر حتى اليوم، وبينها اعمال حفر في شارعي ابو نواس والسعدون.
ويقول الهنداوي ان هذا الامر دفع الحكومة مؤخرا الى اتخاذ عدة اجراءات بينها “سحب المشاريع التي تبلغ قيمتها عشرة مليارات فما دون من الوزارات ومنحها الى مجالس المحافظات”.
كما قررت الحكومة “حرمان الشركات المتلكئة في تنفيذ المشروع من الحصول على اي مقاولات جديدة”، مؤكدا حرمان 155 شركة من تولي مشاريع جديدة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب