ترجمات : كتابات – بغداد :
اعتبر تقرير أميركي، أن إحياء “الاتفاق النووي” الإيراني يُشكل اختبارًا لإدارة الرئيس الجديد، “جو بايدن”، والتي تضم العديد ممن خدموا في إدارة “باراك أوباما”، والذي لا تنتابهم أية أوهام كم ستكون هذه المهمة مضللة.
وكان الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، قد نسف في العام 2018، “الاتفاق النووي”، المبرم في العام 2015؛ خلال عهد “أوباما”. وبحسب تقرير لصحيفة (الفايننشال تايمز)، فإن الدبلوماسيين المخضرمين في فريق “بايدن” للسياسة الخارجية، لديهم خبرة مباشرة في حكمة المفاوضين الإيرانيين؛ وكم أصبحت العلاقات عدائية مع “إيران”.
أميركا وإيران وسياسة “أنت أولاً” !
وينقل التقرير، عن الباحث الأميركي البارز، “جو الترمان”، قوله إن “طهران” تعتبر أن المفاوضات وسيلتها لإحتواء “الولايات المتحدة” بدلاً من السعي للتوصل إلى حلول.
وتابع أن حلفاء “أميركا” في المنطقة، كـ”إسرائيل”، يقولون أنه لا يمكن العودة إلى اتفاق العام 2015، على الرغم من أنه أخضع البرنامج النووي الإيراني لمراقبة خارجية. أما “السعودية”، فتقول أنه يجب التشاور مع دول الخليج حول أي اتفاق جديدة مع “إيران”.
وأشارت (الفايننشال تايمز)؛ إلى أن “إسرائيل”، ومن أجل أن توضح وجهة نظرها، تقف بشكل شبه مؤكد وراء اغتيال العالم الإيراني، “محسن فخري زادة”، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، بالإضافة إلى اغتيال أربعة من فريق علمائه، ما بين عامي 2010 و2012.
وبحسب التقرير فإن الطرفين، الأميركي والإيراني، يطبقان مقاربة: “أنت أولاً”. فإيران تقول أن الكرة في الملعب الأميركي، باعتبار أن إدارة “ترامب” مزقت من طرف واحد الاتفاق مع “طهران”، التي كانت تقوم بتطبيقه. ويقول فريق “بايدن” أن على “إيران” أولاً استئناف إذعانها بالاتفاق، (إيران رفعت درجة تخصيب “اليورانيوم” فوق المستوى المحدد، وهو حصل بعد عام على انسحاب واشنطن).
أزمة ثقة من الطرفين..
وتساءل التقرير عما إذا كانت “إيران” ستثق بـ”الولايات المتحدة” مجددًا، وهي خاضعة لعقوبات تستهدف تدمير اقتصادها والإطاحة بنظامها. كما تساءل عما إذا كان جيران “إيران”، خصوم يتطلعون إلى النفوذ الإقليمي ويرون “إيران”، الشيعية، كإمبراطورية فارسية جديدة، سيثقون بـ”طهران” ؟
وبنظر السلطة الدينية والأمنية، فإن اتفاق 2015؛ يُشكل تهديدًا وخدعة. وينوه التقرير كيف أن الإيرانيين رحبوا بحرارة بالاتفاق باعتباره طريق يعيدهم إلى العالم العصري، ورأوا فيه منحدر نحو تغيير النظام. وأضاف انه عندما تخلت “واشنطن” عن إلتزاماتها بإعادة إدخال “إيران” إلى أسواق العالم، فإن الإسلاميين المتشددين في “طهران” تمكنوا من إجبار البراغماتيين الذين يقودهم الرئيس، “حسن روحاني”.
في العام 2003، عندما عرض الرئيس الإيراني، وقتها، “محمد خاتمي”، على “الولايات المتحدة”: “صفقة كبيرة”، فإن الرئيس الأميركي، وقتها، “جورج بوش”، أدرج “إيران” ضمن: “محور الشر”، إلى جانب “العراق وكوريا الشمالية”. وبالنسبة إلى المتشددين، والعديد من الإيرانيين، فإن “ترامب” كان منسجمًا مع المشهد، فـ”أميركا” و”إيران” تحاولان النيل من بعضهما البعض منذ أجيال.
ويتذكر الأميركيون استيلاء “إيران” على سفارتهم في “طهران” واحتجاز الرهائن، بعد الثورة في العام 1979. كما لم يتم نسيان تدمير (حزب الله) للسفارة الأميركية، في “بيروت”، وتفجير ثكناتهم الذي أوقع 241 قتيلاً، في اوائل الثمانينيات. أما المظالم الإيرانية فإنها تعود زمن الانقلاب؛ الذي رعته الاستخبارات الاميركية في العام 1953، (ضد حكومة مصدق).
“العراق” كمنطقة عازلة..
واعتبر التقرير ان الغزو الأميركي لـ”العراق”، بعد ذلك بخمسين سنة، أثار زوبعة “عرقية-طائفية”، وضعت السُنة في مواجهة الشيعة عبر العالم الإسلامي. وكان من الواضح، بحسب “غاردنر”؛ أن تستخدم “إيران”، “العراق”، ذا الغالبية الشيعية كمنطقة عازلة دفاعية، وكمنصة هجوم جديدة لتوسيع نفوذها الإقليمي. وكان هذا أمرًا محتمًا باعتبار أنه في الحرب “العراقية-الإيرانية”، بين عامي 1980 و1988، فإن الغرب زود “صدام حسين” بأسلحة كيميائية ليستخدمها ضد القوات الإيرانية، وصواريخ (باليستية) ليقصف مدنها.
وقالت الصحيفة الأميركية: “الإيرانيون لم ينسوا ذلك”. لكنها إشارت إلى التدخلات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، واحتجاجات في لبنان والعراق، عامي 2019 و2020، ضد إيران وحلفائها في البلدين، بالإضافة إلى تظاهرات حاشدة داخل إيران نفسها، مضيفة أن العديد من العراقيين واللبنانيين لا يريدون أن يكونوا جزءًا من المحمية الإيرانية.
وأشار تقرير الصحيفة؛ إلى أن هذه “الثيوقراطية” الإيرانية، القائمة جعلت الإيرانيين الشعب الأكثر علمانية بتفكيره في الشرق الأوسط. وهناك دراسة هولندية تشير إلى أن ثلثي الإيرانيين يعارضون زج التعاليم الدينية في نظام التشريع الوطني.
الطريق إلى الـ”2015″..
ولهذا، يعتبر التقرير أن “الولايات المتحدة” قد تكون متشجعة للمبالغة بالدور الذي يمكن أن تقوم به. وتابع أن مفاوضي “بايدن” يدركون أنه من خلال المرحلة التي قادت إلى، العام 2015، فإن المفاوضات تبدأ فعلاً ما إن تزيل “واشنطن” خيار: “تغيير النظام” عن الطاولة.
وخلص التقرير إلى دعوة “الولايات المتحدة”، وغيرها من الدول الضامنة لـ”الاتفاق النووي”؛ أن تسير مجددًا إلى الـ 2015، مضيفًا أن الانفتاح الإقليمي يتطلب هندسة أمنية جديدة، تشمل كل اللاعبين. وأوضح أن هذا يتطلب البناء من الأرض صعودًا، يتم تعزيزه من خلال ائتلاف دبلوماسي دولي وواسع يساهم في صياغته.
وختمت (الفايننشال تايمز) تقريرها؛ مؤكدة إن “الولايات المتحدة” فقدت ثقة الحلفاء، والخصوم. لا يمكنها القيام بذلك لوحدها.