25 أبريل، 2024 2:21 م
Search
Close this search box.

الـ”فيمنست” داخل إيران الملالي (1) .. بين الصبغة الإسلامية والأغراض العلمانية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

تعرض الباحثين الإيرانيين، “علي أصغر نصيري” و”عبدالله شمسي”، لقضية الـ”فيمنست”، أو القضية النسوية، داخل إيران في ظل حكم الملالي الذي جاءت به الثورة الإسلامية عام 1979، محاولين كشف، عبر عدة تقارير نشرتها الدورية الأسبوعية (الصبح الصادق) الإيرانية؛ كل جوانب تلك القضية من خلال رصد مسارها التاريخي ما بعد الثورة الإسلامية الإيرانية وعلاقتها بالقوى السياسية والاجتماعية ودوافعها داخل البيئة الإيرانية اليوم..

تيار “الفيمنست” في إيران بعد الثورة..

يصدر تيار (فيمنست- feminist، ويقابل النسوية في اللغة العربية)؛ بعد الثورة عن إتجاهين رئيسيين، هما الإتجاه شبه الإسلامي، (الفيمنست الديني المستنير)، والإتجاه غير الديني، (العلمانية والليبرالية والعلمانية الماركيسية).

وسوف نوضح فيما يلي كلاً من الإتجاهين:

التوجه شبه الإسلامي (تيار الفيمنست الديني المستنير).. 

يمثل التوجه شبه الإسلامي أو المستنير؛ أحد أهم توجهات تيار الـ”فيمنست الديني” في إيران بعد الثورة. والتوجه الديني والإسلامي يعني العمل بمقتضى القوانين الإسلامية فيما يتعلق بحقوق المرأة، ولكن يعيد تفسيرها إستناداً إلى الحرية والمساواة بين الجنسين.

جميله كديور

بعبارة أخرى؛ ثمة نوع من الجمع بين تيار الـ”فيمنست” مع التركيز على قيم حركة المساواة بين الجنسين، وهو ما يعتبر نظرة جديدة على القوانين الحقوقية المتعلقة بالنساء. ولذا فإن أنصار هذا التوجه يُعرفون باسم “الديني المستنير”.

ومن أهم قوانين الحقوق الإسلامية، الخاصة بالنساء، والتي تؤكد حركة الـ”فيمنست” شبه الإسلامية على ضرورة إعادة النظر فيها، يمكن الإشارة إلى “قيومية الابن، والنفقة، وزواج المتعة، تنصيب المرأة قاضياً، وتعدد الزوجات، وقوانين العمل الخاصة بالمرأة، والحقوق السياسية للنساء”، وأخيراً “الطلاق”.

وتصف “نيره توحيدي”، ناشطة في تيار الـ”فيمنست” الإيراني خارج البلاد، تيار الـ”فيمنست شبه الإسلامي”؛ بالظاهرة الحديثة النامية وتعتبرها حركة نسائية: “حافظوا على معتقداتهم ويسعون في الوقت نفسه إلى ترويج أخلاق المساواة الإسلامية مستفيدين من الآيات القرآنية الداعمة للنساء في نضالهن للحصول على حقوق النساء، لاسيما حق التعليم”.

بدوره يُعرف أحد نشطاء تيار الـ”فيمنست” الماركيسية، “فالنتين مقدم”، تيار الـ”فيمنست شبه الإسلامي”؛ بالطريق الجديد الذي يقدم تفسيراً للمساواة بين الجنسين من منظور القوانين الإسلامية؛ ويقول: “… يفتح طريقاً جديداً أمام النساء، (المسلمات وغير المسلمات)، لكسب حق المساواة مع الرجال؛ طريقاً يقوم على تفسير المساواة بين الجنسين من منظور قوانين الشريعة الإسلامية”.

ويعتقد أنصار تيار الـ”فيمنست شبه الإسلامي” أن عدم المساواة بين الجنسين كان من المنظور العقلي فرضية سائدة في العالم القديم، وتقوم عدم المساواة من المنظور المادي على ما تواضعت عليه الإنسانية. لذا يسعون للكشف عن أن عدم المساواة المخبوءة في كتب التفاسير والفقه لا يعني بالضرورة مظهراً للإرادة الإلهية، وإنما إبتدعها المفسرون، لا سيما الرجال.

ويرى البعض أن أنصار الـ”فيمنست شبه الإسلامي” يتخذون من الدين الإسلامي أداة وغطاء. على سبيل المثال، ترى “زيبامير حسيني”، في الـ”فيمنست شبه الإسلامي” أداة للتخلض من أحكام الإسلام ضد المرأة وبالتالي الحد من دور رجال الدين.

البعض الآخر؛ ممن يعتقد في إتخاذ الـ”فيمنست شبه الإسلامي” من الدين الإسلامي أداة وغطاء، يرون في هذا النوع من المساواة بين الجنسين مقدمة لتأنيث الهياكل الدينية والسياسية والاجتماعية في الجمهورية الإيرانية، وهو ما يتطلب الاعتراف بعلمانية هذه الهياكل في إيران.

تقول “نوشين أحمدي خراساني”: “تأنيث الهياكل السياسية والحكومية، يمكن أن ينتهي إلى نوع من العلمنة…

من ناحية أخرى؛ يجدر السؤال حين يستخرج أنصار الـ”فيمنست شبه الإسلامي” من النصوص المقدسة، (ومنها القرآن الكريم)، تفسيراً يقول إن “الحجاب” ورد في القرآن على سبيل التوصية للمؤمنات، ولم يرد في أي موقع بالقرآن والتاريخ الإسلامي عقوبة لمن لا يلتزم بتوصيات القرآن، ألا يمكن أن يساهم مثل هذا التفسير للعدالة والوسطية وحرية الحركات النسائية في إيران، في علمانية كل المجتمع ؟

وعليه ثمة رؤيتان لتيار الـ”فيمنست شبه الإسلامي”.. البعض يراها مجرد أداة؛ وهذه الرؤية لها جذور في الفرضيات العلمانية. البعض الآخر معجب بالتوأمة بين الإسلام وتعاليم الـ”فيمنست”، وهم يعتقدون في الحصول على نوع من الجمع بين الإثنين، وتقديم تفسير عن المساواة بين الجنسين من المنظور الإسلامي.

البعض الآخر يعتقد أن الـ”فيمنست شبه الإسلامي” متعدد الإتجاهات، وأنه يمكن التعرف على ثلاث أطياف من الـ”فيمنست شبه الإسلامي”:

من أهم مميزات الطيف الأول؛ يمكن الإشارة إلى الانفصال عن الكيان الحكومي، وإغتراب النشطاء، والإستفادة من الكلمات والأفكار الدينية من منظور مصالح النساء. ولقد كانت “شيرين عبادي”، في السبعينيات أحد أعضاء هذا الطيف.

ومن أهم خصائص الطيف الثاني؛ التواصل القريب مع الهياكل الحكومية، (موقف التكنوقراط وحكومة التعمير)، وإرتباط مصالح النساء بشكل أساس بالإحتياجات والضروريات العالمية، وضعف التواصل مع الطيف الأول. وتعتبر صحيفة (المرأة)؛ من المنابر الرئيسة لهذا الطيف.

ويمتاز الطيف الثالث بالتعلق البعيد مع هياكل حكومة الإصلاح، والاهتمام بالتوأمة بين الإحتياجات والضروريات العالمية حيال المرأة والمتطلبات الواقعية للنساء في تعريف مصالح المرأة في إيران، وأخيراً التواصل مع مختلف الفئات النسائية في الداخل والخارج. ومن الأعمدة الرئيسة لهذا الطيف يمكن الإشارة إلى مجلة (النساء)؛ برئاسة “شهلا شركت”.

وبالإضافة إلى مجلتي (النساء) و(المرأة)؛ تضطلع مجلتي (المرأة المعاصرة) و(رسالة هاجر)، من جملة المجلات المعنية بنشر هذا الجزء من موضوعات المساواة بين الجنسين.

ومن أبرز نشطاء تيار الـ”فيمنست شبه الإسلامي”؛ نذكر “محسن سعید زاده”، “شهلا شرکت”، “أعظم طالقاني”، “فائزه هاشمي”، “فریده ماشیني”، “زهرا رهنورد”، و”جمیله کدیور”.

التوجه غير الديني (العلمانية والليبرالية والعلمانية الاشتراكية)..

الـ”فيمنست غير الديني”؛ هو قسم آخر من إتجاهات الـ”فيمنست” في إيران بعد الثورة.. وهذا التوجه لا يعتقد في الإسلام، لاسيما القوانين الحقوقية المتعلقة بالمرأة، وإنما يعترف هذا التوجه بالعلمانية باعتبارها سبيل النساء الوحيد للتحلل من عقدة النقص وتحقيق التقدم.

وهذا التوجه ذاته ينقسم إلى قسمين: الأول متأثر بالإيديولوجية الماركيسية ويُعرف بإتجاه “اليسار لتيار الفيمنست”.

وهذا القسم، وبخاصة المتشددين، قليل النشاط من المنظور الاجتماعي والمدني، ويقتصر نشاطه في الغالب بين محافل ربات البيوت.

القسم الثاني من التوجه غير الديني؛ متأثر بالإيديولوجية الليبرالية “الأوروبية-الغربية”، وهي الإيديولوجية السائدة بين التوجهات غير الدينية لتيار الـ”فيمنست” في إيران.

وهذا القسم ناشط جداً؛ حيث يضطلع بإعداد وتنفيذ معظم اعتراضات تيار الـ”فيمنست” في إيران. ومن المنصات الإعلامية للتوجه غير الديني الليبرالي؛ يمكن الإشارة إلى “المركز الثقافي للمرأة”، و”ميدان النساء” و”مدرسة الفيمنست”، وتعتبر أسماء مثل: “نوشین أحمدی خراساني”، و”شهلا لاهیجي”، و”شیرین عبادي”، و”مهرانگیز کار”، و”شادي صدر”، و”شهلا اعزازي”، من من أهم أعضاء هذا التوجه.

أعظم طالقاني

كذا ينطوي التوجه غير الديني، (العلماني)، لتيار الـ”فيمنست” على إثنين من الأطياف:

الأول؛ يمكن تسميته بالطيف السياسي لتيار الـ”فيمنست”. ومعنى كون هذا الطيف سياسياً أن لأنصاره نظرة سياسية حيال مسألة حقوق المرأة، بشكل عام يعتبرون حرية المرأة ومساواتها بالرجل مسألة سياسية. ويعزو هذا الطيف منع النساء من الحصول على حقوقهن إلى نظام الجمهورية الإيرانية: “سوف يظهر التغيير والديمقراطية الحقيقية خارج النطاق الديني… ويستحيل إجراء أي تغيير أو إصلاح في الجمهورية الإيرانية…”.

ويمكن تقسيم الطيف السياسي لتيار الـ”فيمنست العلماني” إلى قسمين: يتمتع الأول بماهية نسائية، بينما لا ينطوي القسم الثاني على أي ماهية نسائية، وإنما يتخذ من الـ”فيمنست” أداة.

والحقيقة أن نشطاء القسم الثاني، إنما قرروا الإنخراط في نشاطات الـ”فيمنست” نكاية في الجمهورية الإيرانية.

بعبارة أخرى؛ لا يهتم هذا القسم بحقوق المرأة، بل تمثل معارضة النظام حافزه الأساس. فيرى “داريوش همايون”، مسؤول المخابرات والمستشار الأعلى للشاه “محمد رضا بهلوي”، في طرح مشكلات النساء وخلق حركات الـ”فيمنست” داخل إيران، أحد السبل للإطاحة بالجمهورية الإيرانية: “طرح المناقشات حول مشاكل النساء، وخلق حركات الفيمنست، وحقوق الإنسان، والبيئة، والمجتمع المدني قد تسهم في خلق تحديات كبيرة بالنسبة لنظام الجمهورية الإيرانية”.

وتتركز معظم أنشطة الطيف السياسي لتيار الـ”فيمنست العلماني” خارج إيران. كما يعتبر اليساريون خارج البلاد، وطلاب السلطة، والليبراليون، والأفرع النسائية لجماعة “مجاهدي خلق” من جملة عناصر الـ”فيمنست” السياسي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب