خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
انتهت الاحتجاجات الأخيرة في “إقليم كُردستان العراق” بأعمال شغب، واشعال النيران في عدد من المنشآت؛ بخلاف مقتل وإصابة عدد من المواطنين.
ولطالما كان الإقليم منطقة حساسة واستراتيجية، ومنطقة صراع بين القوى الإقليمية، بل والدولية. وقد بدأت الاحتجاجات قبل أسبوع، حيث اندلعت المظاهرات ضد حكومة الحكم الذاتي للإقليم والأحزاب الرئيسة، أي “الديمقراطي الكُردستاني” و”الاتحاد الوطني”.
وقد اتسعت دائرة التظاهرات وشملت نصف مدن محافظة “السليمانية” تقريبًا؛ بحيث تحولت إلى ساحة للصراع والشغب. بحسب موقع (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
مقتل 6 على الأقل بغضون أيام..
استنادًا إلى تقرير “لجنة حقوق الإنسان العراقية”، (منظمة شبة حكومية)، ومقرها “بغداد”، فقط بلغ عدد القتلى في احتجاجات، الأسبوع الأخير، بـ”إقليم كُردستان العراق”، نحو 6 أشخاص، لكن بعض المصادر تتحدث عن مقتل 8؛ والبعض الآخر يقول بعدد 21 شخصًا.
وطبقًا للمراسلين المستقلين، فقد أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين، واستخدمت المدرعات في تفريقهم.
كذلك؛ وبحسب التقارير؛ فقد أشعل المواطنون الغاضبون النيران في مقرات “الحزب الديمقراطي”، و”حركة التغيير”، (كوران)، في مدينة “تشمتشمال”.
وقد أعلنت “لجنة حقوق الإنسان” العراقية، مقتل إثنين من المتظاهرين في مدن “بندخان” و”كفري”. ورغم تزايد عدد القتلى لم تتوقف المظاهرات، وسعى المتظاهرون في مدينة “تكية”، على مسافة 60 كيلومتر جنوب غرب “السليمانية”، لإشعال النيران في مقرات الأحزاب السياسية الكُردية وأقسام الشرطة.
وعقب المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن بالمدينة، توفي شاب بطلق ناري وقد أكدت “لجنة حقوق الإنسان” العراقية نبأ الوفاة.
وفي مدينة “صادق خان”، شرق “السليمانية”، لقي إثنان من المتظاهرين مصرعهما طبقًا لتصريحات، “أميد هاما علي”، النائب السابق بالبرلمان الكُردستاني.
وقد أعلن مسئولون بالإقليم فرض حظر التجول بين مدن محافظة “السليمانية”، من منتصف الثلاثاء وحتى منتصف الأربعاء؛ كمحاولة لإحتواء الاحتجاجات. وبعدها أعلنت اللجنة الأمنية بـ”السليمانية”، (أن قوات الأمن لن تسمح بإصدار تراخيص للمظاهرات).
مع هذا استمرت أعمال الشغب في “كُردستان العراق”، ووقع انفجاران في أحد الحقول النفطية شمال “كركوك”؛ وقد وصفت “وزارة النفط”، هذه التفجيرات، بـ”الإرهابية”. ولم تٌصدر أي تقارير عن وجود خسائر، لكن التفجير كان محل نقاش الحكومة المركزية مع حكومة الإقليم، حيث يستفيد تنظيم (داعش) بالعادة من الفراغ الأمني بتلكم المنطقة.
وقد ألقت قوات الأمن، (علاوة على القتلى والمصابين)، على عدد من المتظاهرين وأخلت سبيلهم بعد توقع تعهد. كذلك تعرضت بيوت بعض الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان للتفتيش.
دعوات للتهدئة ومخاوف من إنتهاك حقوق الإنسان..
يقول المتظاهرون أن الحكومة لم تلبي مطالبهم وكفاحهم المدني، خلال السنوات الماضية، ولم تترك مجالاً إلا للاحتجاجات والتظاهر بالشوارع.
مع هذا يشير بعض أعضاء الأحزاب، لاسيما ممن تعرضت مقارهم للهجوم، بأصابع الاتهام للقوى السياسية الكُردية، وبخاصة “حزب العمال الكُردستاني” التركي، بسبب الخلافات القديمة مع “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”.
وقد سعت قيادات الطوائف المختلفة، مؤخرًا، للعمل على تهدئة الأوضاع. ودعا “برهم صالح”؛ إلى ضبط النفس والفصل في مشاكل الجماهير. كذلك انتقد مكتب “الأمم المتحدة” بالعراق، أعمال العنف في “إقليم كُردستان”، ودعا للتحقيق الفوري والتعرف على المتورطين في أعمال العنف ومعاقبتهم. علاوة على ذلك، اتهمت 6 منظمات ناشطة في مجال حقوق الإنسان، منها “منظمة العفو الدولية”، حكومة “إقليم كُردستان العراق”، بقمع المجتمع المدني وإنتهاك حرية الرأى والإعلام والحق في التظاهر السلمي.
مطالب المتظاهرين..
لطالما وجهت الاتهامات للمسؤولين والأحزاب الرئيسة بالإقليم بالفساد المالي، والاستفادة من ثروات الإقليم في تحقيق أهداف شخصية أو سياسية.
يُذكر أن الإقليم شهد مظاهرات مشابهة، بالتوازي مع مظاهرات “الربيع العربي” في العام 2011م. كما أعلن عدد من المواطنين، خلال السنوات الماضية، تنظيم الاحتجاجات بسبب إنعدام خدمات الماء والكهرباء.
وقد كان الإقليم، (لاسيما السليمانية)، يحظى بهدوء نسبي بسبب التدابير الأمنية. وما دفع المواطنين للتظاهر، هو سوء الأوضاع المعيشية؛ وبخاصة خفض المرتبات وعدم دفع رواتب العاملين بالدولة.
ولقد كان معظم المتظاهرين، خلال الأسبوع الماضي، من الشباب سواءً العاطل أو العاملين في أجهزة الدولة، علمًا أن حكومة الإقليم تمكنت فقط، خلال العام الجاري، من دفع رواتب العمال مدة 4 شهور فقط، بينما خفضت، بحسب التقارير؛ الرواتب بنسبة 21%. واتهم “مسعود البارزاني”، الحكومة المركزية في “بغداد”، بتأخير الميزانية. وتعاني حكومة العراق من أزمة في العوائد بسبب التراجع الشديد في أسعار النفط.