خاص : ترجمة – محمد بناية :
يواجه الحمالون، في المناطق الحدودية الإيرانية، الكثير من الأخطار والتحديات، وتزداد أهمية هذه المسألة حين تشارك النساء في رفع الأحمال الثقيلة في المسارات الصعبة والجبال الوعرة على الحدود الغربية، مع زيادة مطردة في أعدادهن بشكل يومي.
ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية، لكن الإحصائيات الميدانية في القرى الحدودية بمحافظات “كُردستان، آذربيغان الغربية”، و”كرمانشاه”، تثبت الزيادة في أعداد الحمالين من النساء والشباب بهذه المناطق. وهي الإحصائيات التي حذرت منها، “هلاله أميني”، مندوب محافظة “كُردستان” في المجلس الأعلى للمحافظات، وقالت: “نواجه نساء وفتيات يُجبرن على القيام بدور الرجال والإنضمام إلى صفوف طويلة من الحمالين”.
وربما لا تكون هذه التصريحات جديدة لو أن الأمر إقتصر على “كُردستان” فقط، لكن حين نلقي نظرة على إحصائيات البطالة في المحافظات الحدودية، حيث ينعدم الأمان، وصعوبة نقل الأحمال عبر المسارات الحدودية الصعبة والمثلجة، (حتى على الرجال)، لقاء مبلغ زهيد، حينها يجب النظر إلى النساء الحمالات بكل حسرة وأسف. بحسب صحيفة (همشهري) الإيرانية التابعة لبلدية “طهران”.
أعمل حمالة لأجل زوجي !
العثور عليهن سهل، لكن الأصعب الحديث إليهن.. لكن بالتأكيد بينهن نساء لا يجدن غضاضة في الحديث، بعد 10 سنوات من نقل الأحمال. في حين تعزف الأصغر سنًا عن الكلام.
فالخوف من خسارة مصدر حياتهن المالي يمنعهن من الكلام. يطلقون عليها، “تهمينه”، وهي لا تتجاوز الـ 33 من العمر، لكنها لم تُعد تقوى على العمل بسبب الإنزلاق الغضروفي. تقول: “بدأت العمل في سن الـ 21، لأن زوجي كان وحيدًا والعمل صعب. هو يحمل سلعًا ويجلب أخرى. أنا أيضًا أجلب جالونات النفط على الحمار حتى الحدود بصحبة ثلاث نساء آخريات. نشتري النفط من السماسرة ونعبر الجبل بجالونات 10 لتر. لم تستمر هذه الحال أكثر من عدة سنوات إذ أصبح الأمر شديد الصعوبة. فكثيرًا ما كانت تستوقفنا دوريات التفتيش ونخسر تمامًا. أذكر أننا كنا نتوقف أحيانًا بالساعات بين الثلوج حتى ينصرف الضباط ثم نستكمل طريقنا. وكنا لفترة نحمل السكر ونجلب الشاي في المقابل. لكن بعد غلاء سعر الدولار لم نُعد نستطيع شراء شيء بأموالنا. ولا تكفي عوائد السلع التي نحملها ونبيعها لتطبيب جرح الحياة”.
عمل ليس “عيبًا”..
تقدم شابة ذات لهجة كُردية غليظة نفسها باسم، “هيوا”، وتتحدث بحسرة عن توديع والداها بين التلال: “لم أكن أنام كلما ذهب أبي للعمل في انتظار عودته. أردت مرافقته، لكنه كان يقول: يجب أن أكون رجلاً لتحمل كل هذه الصعاب”.
متابعة: “كنا خمس شقيقات؛ وكان والدي يحاول بهذا العمل إعالتنا قدر المستطاع. وذهب قبل 7 سنوات إلى الجبال ولم يُعد. لم يكن لدينا شخص آخر يجلب لنا الخبز. وكان علينا إعالة أنفسنا. فالعمل ليس عيبًا. وكانت المرات الأولى في نقل الأحمال صعبة نسبيًا، لكن أعتدت الأمر تدريجيًا”.
مضيفة: “وأنتبه الرجال إلى أنني أنثى، لكن أوضاع الحياة أصعب من تقديم المساعدة. لكن للأسف قوتي ضعفت ولم أعد أستطيع العمل. وكل مرة أخرج للعمل يؤلمني ظهري عدة أيام. أعرف الكثير من النساء اللائي يذهبن إلى الجبال عدة مرات، خلال الشهر، وينقلن الأحمال مع أزواجهن. كنا نصعد الجبال مدة 5 ساعات بأحمال تزن 30 كيلو، ويكون الوضع أصعب أثناء العودة بنفس الأوزان، لكن ما البديل يجب أن نحصل على المال”.
قصة نسوية مريرة.. من الشمال إلى الغرب..
قصة هؤلاء النسوة أكثر مرارة من قصص الرجال في مناطق غرب “إيران”، ممن تحولت المنطقة الجبلية محل عملهم ومصدر دخلهم بسبب البطالة وإنعدام فرص العمل. ينقلون الأحمال الثقيلة عبر الممرات الصعبة للحصول على الخبز. فلم تُعد مهنة الحمال الصعبة في غرب البلاد قاصرة على الرجال؛ وإنما تحولت إلى مهنة نسائية.
كان النساء في شمال “إيران” يعملن، قبل سنوات، في حقول الأرز ولم يكن أحد يشعر بآلامهن، فقد كن يعانين بمجرد الدخول في منتصف العمر؛ الآلام المفصلية والروماتيزم. وكان المشي بدون عصا صعب بالنسبة إليهن. كذا لم يكن الرعي والزراعة يلبي متطلبات حياتهن.
من ثم تحولت ألوان ملابس النساء في هذه المناطق إلى الشكل الرجالي، للحد من مشكلات البطالة من خلال المرور عبر الممرات الصعبة. ويمكن مشاهدة صفوف النساء الطويلة في مناطق “سردشت، پیرانشهر، مریوان”، ثلاث “باباغاني، “غوانرود”، “سقز” وغيرها، اللائي يجلبهن خبزهن بأنفسهن، حيث تدفعهن غيرتهن النسوية للعمل حمالات في المناطق الجبلية.