خاص : ترجمة – آية حسين علي :
يخشى الحلفاء الأوروبيين من أن يؤثر التقارب الظاهر بوضوح بين الرئيسان التركي، “رجب طيب إردوغان”، والروسي، “فلاديمير بوتين”، على وحدة “حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، وناقش قادة الحلف، الخميس، العديد من الأمور من بينها تداعيات التقارب بين “موسكو” و”أنقرة” والتأثيرات المحتملة له، ويُعد هذا هو الاجتماع الأول للحلف منذ شنت “تركيا” العملية العسكرية شمال شرقي “سوريا”.
مخاوف من تهاوي الحلف..
ظهر التقارب منذ الاتفاق على حصول “أنقرة” على نظام روسي مضاد للصواريخ، وهو التوجه الذي أقلق دول الحلف، وتسبب في حدوث فجوة في العلاقات بين “أنقرة” وباقي دول الاتحاد؛ في الوقت الذي يواجه فيه تهديدات متكررة من جانب الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بالانسحاب، وأمام هذه الأوضاع حذر الحلفاء من أنه إذا لم يتمكنون من الحفاظ على وحدة التحالف فإنه سوف يتهاوى.
ولم تسهم جهود “واشنطن” في طمأنة الحلفاء الأوروبيين بأنها قادرة على السيطرة على الموقف ووضع حد للدور الروسي من خلال الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة 120 يومًا، وراقبت عدة دول أوروبية بكثير من الدهشة التقارب بين “تركيا” و”روسيا”، التي تُعد غريمًا تاريخيًا للحلف.
“الناتو” يراقف الدور الروسي..
اتسم موقف الحلف من العملية التركية شمال شرقي “سوريا” بالغموض، فبداية عبر عن تفهمه لما أسماه، “قلق تركيا المشروع”، على أمنها القومي، ثم رفض إدانة التدخل العسكري التركي في دولة جارة، لكنه عبر عن غضبه وطالب بسرعة إنهاء العملية، وفيما عدا تصريحات “ألمانيا وبريطانيا وفرنسا” لم يكن ثمة موقف مشترك قوي يدين العملية أو يحاول التدخل من أجل وقفها، أو طرح فكرة الوساطة للاتفاق على بنود وسطية تنهي الصراع مثلًا، لقد تعامل الأوروبيون بأريحية وكأنه لا مشكلة من استمرار القتال على الأرض، الذي تسبب في نزوح نحو 300 ألف شخص خلال نحو أسبوع واحد.
بينما إتخذت “بروكسيل”، فيما يبدو، دور المراقب للسرعة الهائلة التي تعامل بها “بوتين” مع الأحداث ليخرج مستفيدًا، إذ التقى بـ”إردغان” في مدينة “سوتشي” الروسية، الثلاثاء، في اجتماع استمر 7 ساعات، وكانت نتائج اللقاء مذهلة لغالبية المراقبين للمشهد؛ إذ اتفق الزعيمان على الاشتراك في تأمين جزء من المنطقة السورية المتاخمة للحدود التركية، من أجل إنشاء “منطقة آمنة” كانت ترغب فيها “أنقرة”.
ويبدو أن “موسكو” إعتادت خطف اللقطة من (الناتو) وحلفاءه؛ إذ كان “بوتين” قد استفاد من تردد إدارة الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”، في 2015، من أجل حجز مكان بارز لنفسه في المنطقة، واليوم بعد انسحاب دعم “ترامب”، للأكراد، أستطاع “بوتين” أن يتسلل إلى عش الدبابير، وأشار مصدر في الحلف إلى أن “بوتين”، في العام 2015؛ تأخر شهرين قبل أن يأخذ خطوة، لكنه استطاع هذه المرة أن يسيطر على الموقف في يومين فقط.
وصرح مصدر بارز في الحلف، بأن الاتفاق يقضي بأن تُسّير قوات “روسيا” و”تركيا” معًا دوريات لمراقبة المنطقة، وهو ما يشير إلى تعاون بين عضو في (ناتو) وعدو له.
“الناتو” يقلل من أهمية الدور الروسي..
خلال مؤتمر صحافي، سبق اجتماع رؤساء وزراء (الناتو)، انتقد أمين عام الحلف، “ينس ستولنبيرغ”، “أنقرة”، لكنه علق بحذر على “اتفاق سوتشي”؛ وأشار إلى أنه لا يزال من المبكر الحكم على نتائجها، لكن “ستولنبيرغ” حاول على الجانب الآخر التقليل من أهمية “اتفاق سوتشي” في إنهاء الحرب، وأشار في تصريحات صحافية؛ إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه “أنقرة” و”واشنطن” كان هو الأساس لتسوية الوضع لاحقًا، وكأنه أراد أن يقول إن (الناتو)، متمثلًا في إدارة “ترامب”، كان له دورًا هو الأبرز في وقف الصراع.
لم تنته المداولات بإقتناع “أنقرة” بضرورة وقف الحرب، رغم أنها لم تحقق كل مطامعها وأهدافها الأساسية من العملية، إذ حاولت “ألمانيا” تعديل “اتفاقية سوتشي” بإقتراح إنشاء منطقة أمنية داخل “سوريا” على الحدود مع “تركيا” تكون تحت مظلة “الأمم المتحدة”، ويشير الإقتراح إلى إنشاء “منطقة آمنة” داخل “سوريا” تشارك فيها “تركيا” و”روسيا” تحت إشراف دولي، وحظي بترحيب واسع خلال اجتماع رؤساء وزراء (الناتو).
لكن “موسكو” رفضت الفكرة، وأشار وزير الخارجية، “سيرغي لافروف”، أن بلاده ترفض سيطرة (الناتو) على المنطقة، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، “سيرغي فيرشينين”، أنه لا حاجة إلى ذلك.