العمالة الأجنبية في “العراق” .. ناقوس خطر يُزيد من البطالة المحلية ويحتاج لسن تشريعات قوية نافذة !

العمالة الأجنبية في “العراق” .. ناقوس خطر يُزيد من البطالة المحلية ويحتاج لسن تشريعات قوية نافذة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يُشكل ارتفاع أعداد العمالة الأجنبية والوافدة إلى العراق خطرًا لا يستهان به؛ حيث يُزاحم العمالة المحلية ويتسبب في ارتفاع معدلات البطالة؛ خاصة ضمن الخريجين وأصحاب الشهادات العُليا، وتتوافد بشكلٍ دائم العمالة الأجنبية منها الشرعي وغير الشرعي إلى “العراق” حتى وصل عددهم أكثر من: مليون عامل أجنبي يُمارسون مهنًا في مختلف الاختصاصات، إلا أن أغلبهم بلا سند قانوني.

وسبق وأن صرح مدير إعلام “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”؛ “نجم العقابي”، إن: “العمالة الأجنبية بدأت تستحوذ على قدرٍ كبير من المهن، وتُعد منافسة للعمالة المحلية”، موضحًا أن: “مستويات البطالة العالية في العراق إحدى أسبابها وجود عمالة غير شرعية”، مبينًا أن: “عدة جهات تسرب العمالة الأجنبية إلى البلاد؛ منها الشركات المنفذة للمشاريع الاستثمارية”.

وأشار، إلى أن: “تلك الشركات لا تقوم بتسفير العمالة إلى الخارج بعد إنتهاء مهامها، وبالتالي يذهب العمال الأجانب إلى السوق السوداء بصورة غير رسمية”.

ولفت “العقابي”، إلى أن: “أعدادًا كبيرة أخرى تدخل عبر بعض المناسبات الدينية والسياحية والزيارة ويتسربون للبقاء في العراق، رغم أن سمة الدخول التي حصل عليها هؤلاء الزائرون ليست لأغراض العمل”.

وأوضح، أن: “المادة (30) من قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 تنص على حظر الإدارات وأصحاب العمل من تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلاً على إجازة العمل التي تُصّدرها الوزارة فيما تنص المادة (31) من القانون على منع وحظر التحاق العامل الأجنبي بأي عمل قبل الحصول على إجازة العمل من جانبه”.

حملات لتسفير العمالة غير الشرعية..

وتحدث “العقابي”، عن: “جهود مشتركة بين وزارتي: العمل والداخلية؛ للقيام بحملات واسعة لغرض مسك العاملين الأجانب غير الشرعيين وتسفيرهم خارج العراق”.

لكنه في الوقت ذاته، ذهب إلى أن: “تلك الحملات ليست كافية بل تحتاج إلى تضافر كل الجهود لتنظيم العمالة الأجنبية في البلاد ومحاسبة المخالفين من أصحاب الشركات”.

ومضى “العقابي”، إلى أن: “الحكومة العراقية السابقة أصدرت عدة قرارات ساهمت في تقليل العمالة الأجنبية وتنظيمها”.

إنحراف الملف عن مساره الحقيقي..

وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب؛ “حاكم الزاملي”، قد أكد، أن العمالة الأجنبية زادت من نسبة البطالة.

وذكر المكتب الإعلامي للنائب الأول لرئيس “مجلس النواب” في بيان، أن: “الزاملي؛ ترأس اجتماعًا موسعًا بحضور عدد من النواب والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية، ومدير عام الجنسية، ومدير الإقامة، ومدير عام الضمان الاجتماعي، ومدير عام العمل، في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لبحث مشكلة العمالة الأجنبية في العراق وتوفير فرص عمل للشباب العراقي في الاستثمارات والمشاريع الإستراتيجية، بحضور عدد من السادة النواب والكادر المتقدم في وزارتي: الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية”.

وأكد “الزاملي” أن: “ملف العمالة الأجنبية في العراق إنحرف عن مساره الحقيقي من استقدام خبراء وفنيين لإدارة المشاريع الكبرى وتدريب الكوادر المحلية، ليُصبح للأسف تجارة؛ (بشعة)، ومصدر (استغلال) لبعض ضعاف النفوس لتُصبح مشكلة حقيقية انعكست سلبًا على اقتصاد البلد والوضع الاجتماعي والأمني، فضلاً عن زيادة نسب البطالة بشكلٍ كبير”.

تشكيل لجنة للمتابعة..

وتابع البيان أنه: “جرى خلال الاجتماع بحث هذا الملف من جميع النواحي وتسليط الضوء على أسباب المشكلة والإجراءات والتدابير التي تحد منها، حيث جرى الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بين الجهات المختصة وعدد من أعضاء مجلس النواب، كذلك التشديد على متابعة العمالة السائبة واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وتسفيرهم لدولهم وعدم التأثر بأي ضغوط قد تمارس على الجهات المنفذة”.

وشدد “الزاملي” على ضرورة تنسيق الجهات ذات الصلة لمنح سمات الدخول وتشخيص مواطن الخلل لمعالجتها، مطالبًا “وزارة الداخلية” بمتابعة عمل الوزارات المعنية ومدى إلتزامها بالتعليمات واللوائح عند تحديد حاجتها للعمالة الأجنبية، ووضع قاعدة بيانات متكاملة تتضمن أعداد العاملين وأماكن عملهم، داعيًا إياها مع الوزارات المعنية إلى تشخيص منافذ دخول العمالة غير الشرعية وتشديد السيطرة عليها.

4000 إحالة للمحاكم..

يُشار إلى أن “وزارة الداخلية” تُعلن باستمرار على ترحيل عمال أجانب من جنسيات متعددة أبرزها آسيوية؛ لمخالفتهم قوانين الإقامة والعمل، فيما كشفت في أكثر من مناسبة عن ارتكاب البعض من هؤلاء جرائم جنائية.

وكانت “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”، قد كشفت عن وجود: 400 ألف عامل أجنبي غير شرعي في “العراق”، فيما أكدت أن لديها: 4000 إحالة للمحاكم بشان العمالة الأجنبية.

السلبيات وسوء الإدارة أدت لتفاقم المشكلة..

تعليقًا على ذلك؛ قال الخبير الاقتصادي؛ “علي الفريجي”، لموقع (المدى)، إن: “العمالة الأجنبية مسألة مقلقة جدًا وذات تأثير سلبي على حركة سوق داخل العراق”.

وتابع “الفريجي”، أن: “الاستعانة بالأيادي العاملة الأجنبية تُعدّ إيجابية في عملية نقل الخبرات والتطوير المهني والتكنولوجيا، ولكن بشرط أن تكون هناك انتقائية باختيارها؛ وأن تتم ممارستها بالشكل القانوني الصحيح”.

وبيّن، أن: “العمالة الأجنبية في العراق يصل عددها إلى مليون شخص يُمارسون مهامهم في الشركات الأجنبية والشركات النفطية والاتصالات والنشاطات الاقتصادية الأخرى”، مبينًا أن: “أغلب هؤلاء ليست لديهم رخصة عمل”.

ونوه “الفريجي”، إلى أن: “السلبيات الاقتصادية وسوء الإدارة وحجم الخراب الاقتصادي وغيرها من العوامل أدت إلى استفحال هذه المشكلة”.

وطالب: “الجهات الحكومية بالاهتمام بالقطاع الخاص، من خلال رفع مستويات الرواتب فيه وتضمينه العديد من الإمتيازات التي تُساعد على توظيف العاطلين وخريجي الجامعات من الطاقات المحلية”.

وانتهى “الفريجي”، إلى: “أهمية أن يكون دور هذه الطاقات الوطنية لا يقتصر على المشاريع المحلية، بل زجها أيضًا مع الشركات الأجنبية العاملة في العراق”.

عبء أمني واقتصادي كبير..

إلى ذلك؛ أفاد الخبير الأمني؛ “علاء النشوع”، بأن: “العمالة الأجنبية تُمثل عبئًا أمنيًا واقتصاديًا كبيرًا”.

وأضاف “النشوع”، أن: “الدولة العراقية لا تمتلك القدرات والإمكانيات الأمنية والاستخباراتية الكافية لوضع خطط وإستراتيجيات وفق أطر وسياقات تستطيع السيطرة على هذه العمالة وتحركاتها”.

داعيًا إلى سن قوانين وأنظمة تُحدد أماكن العمالة الأجنبية وعدد العاملين، مبينًا أن: “ترك الباب مفتوحًا أمام الوافدين من الخارج لغرض العمل سوف يؤدي إلى أخطار أمنية جسيمة؛ وقد يكون البعض منهم داعمًا للجماعات الإرهابية”.

مليار دولار رواتب شهرية..

واعتبر أستاذ الاقتصاد الدولي؛ “نوار السعدي”، أن: “العمالة الأجنبية في العراق موضوع شائك ويحتاج إلى دراسة وحلول وتنفيذ أولاً”، مبينًا أنه: “لا توجد بيانات دقيقة إذ تتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب الموجودين في العراق، لكن بحسب آخر أرقام لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي عام 2021، فإن هناك نحو: 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق. وبحسبة بسيطة، يتقاضى هؤلاء العمال كمعدل ما بين: 500 و1000 دولار في الشهر، بمعنى أن هناك مليار دولار تخرج شهريًا من العراق كرواتب للعمال الأجانب علمًا أن الغالبية العظمى من هؤلاء العمال هم عمال غير ماهرين، يعملون في المهن التي تحتاج إلى قوة بدنية أو التي لا يقبل العراقيون بالعمل بها”.

وبحسب “السعدي”، فإن: “هذه الأعداد منتشرة في كل القطاعات في السوق العراقية أغلبها في القطاع الخاص وعدد لا بأس به في القطاع العام. حتى في القطاع النفطي والوظائف الهندسية والقيادية تُعطى للمهندسين والفنيين الصينيين والكوريين والأوروبيين، وليس للعراقيين. وهناك بعض الحقول بخاصة التي تشرف عليها الشركات الصينية ويعمل فيها ما بين ثلاثة وأربعة آلاف عامل صيني، هم جزء من أعداد أكبر من العمال الصينيين المنتشرين في شركات تعمل في الجنوب في قطاع النفط والكهرباء أيضًا”.

وتابع: “هناك كثيرون يقولون إن العراقيين لا يعملون في كل المجالات؛ بخاصة المهن الصعبة التي تحتاج إلى جهد بدني كبير، أعتقد هذا الكلام خطأ، إذ إن في الاقتصاد رفاهية اختيار المهن تنحسر حينما تكون الأوضاع الاقتصادية سيئة، والدليل أن هناك أمثلة كثيرة تؤكد أن العراقيين يزاولون كل الأعمال، لكن المستثمرين ورجال الأعمال حتى المحليين منهم يريدون عاملاً أجنبيًا؛ لأنه يكون أقل تركيزًا على حقوقه كعامل”.

ولفت “السعدي” إلى أن: “فكرة تشغيل العمال الأجانب، فكرة مفهومة وحالة عادية في عديد من الدول، لكن في بلد مثل العراق يصل تعداد سكانه إلى أكثر من: 41 مليون نسمة، وفي ظل نسب بطالة عالية جدًا فإن تشغيل العمالة الأجنبية ينعكس زيادة في معدلات الفقر في البلاد؛ بالتالي زيادة معدلات الجريمة والطلاق وغيرها”.

تشريع قوانين دقيقة وفرض غرامات..

أما عن الحلول فيقول “السعدي”؛ إنها تحتاج إلى: “تشريع قوانين دقيقة؛ خاصة في مجال الاستثمار تُحث المستثمر على تشغيل أو إعطاء الأولوية للفرد العراقي في العمل. وكانت محاولة في ذلك من قبل وزير العمل في عام 2021، إذ أعلن فرض نسبة: 50 في المئة من العمالة المحلية على الشركات الأجنبية العاملة في العراق، لكن لا يتم تطبيق ذلك”.

ورأى أستاذ الاقتصاد الدولي أن: “هذه الحلول تحتاج إلى دولة قوية ونظام رقابي شديد يُحاسب الجميع من دون استثناء. ومن الحلول أيضًا فرض رسوم كبيرة على أصحاب العمل الراغبين في تشغيل الأجانب، وملاحقة العمال غير الشرعيين وفرض غرامات على مشغليهم، وإنهاء سوق العمل السوداء التي تسمح باستقدام هؤلاء العمال واستغلالهم”.

اشتراط الخبرة والكفاءة..

في المقابل؛ قال الباحث الاقتصادي؛ “بسام رعد”: “تُعرف العمالة الوافدة بأنهم الأفراد الأجانب الذين دخلوا العراق بطريقة نظامية أو غير نظامية للعمل، وعلى رغم أن هناك حاجة إلى فتح المجال للأيدي العاملة الوافدة لتغطية العجز في الموارد البشرية، إلا أن تزايد تلك العمالة يُفاقم مشكلة البطالة ويُشكل عبئًا أمنيًا واقتصاديًا من خلال زيادة نسبة التحويلات المالية إلى بلدانهم، إضافة إلى زيادة الضغط على السلع والخدمات”.

موضحًا: “لقد عالج المشرع العراقي عمل الأجانب في العراق من خلال قانون العمل رقم (37) لسنة 2015، إذ جاء في المادة (30)؛ أنه يُحظر على الإدارات وأصحاب العمل تشغيل أي عامل أجنبي بأية صفة ما لم يكن حاصلاً على إجازة العمل. إلا أنه لوحظ وجود عمالة وافدة كثيرة العدد انتشرت في الفترة الأخيرة؛ خصوصًا مع انخفاض عُملات دول عدة بشكل كبير أمام الدينار العراقي، فدخل هؤلاء في دورة الاقتصاد العراقي بشكلٍ غير قانوني ويعملون في وظائف متدنية الأجر وأغلبهم بلا رخص وينشطون في اقتصاد الخدمات”.

واعتبر “رعد” أن: “الحد من أخطار العمالة الوافدة يتطلب ربط استقدام العمال بحاجة السوق إلى بعض العمالة الماهرة وربطها بالخبرة والكفاءة النوعية التي تُساهم بصورة فعالة في عملية الإنتاج والتنمية، وهذا بدوره سيؤدي إلى التقليل من حجم العمالة الفائضة وغير الماهرة التي تُشكل النسبة الأكبر من العمالة الوافدة. ومن جانب آخر يجب العمل على زيادة مهارة العامل العراقي من خلال التدريب والتأهيل وإقناعه بالعمل في الوظائف التي تتطلب مجهودًا كبيرًا وذات أجر متدن”.

يجذبهم ضعف تطبيق القانون..

من جانب آخر؛ أكد الباحث الاقتصادي؛ “صالح لفتة”، أنه: “لا توجد أية مجازفة بالنسبة إلى العمال الأجانب في العراق فالوضع الأمني لم يُعد كما كان في السابق والشعب العراقي يتعامل بلطف ومحبة وتسامح مع الأجانب. وما يجذب العمالة الأجنبية هو فرص العمل الكثيرة جدًا في العراق؛ التي يبتعد عنها العراقي، ولا يرغب فيها على رغم أنها تُدر أموالاً طائلة فتغري من لا يهمه كيف يجمع الأموال أو يعتبرها مهن عادية كبقية المهن التقليدية”.

وأشار “لفتة” إلى أنه: “على رغم عدم وجود قانون ينظم دخول العمالة الأجنبية إلى السوق العراقية، لكن يوجد آلاف العمال الأجانب في العراق، فالرواتب العالية التي تُعطى لهؤلاء العمال؛ خصوصًا في الأعمال التي لا يرغب فيها العراقيون سواء كانت مشروعة بسبب الثقافة الشعبية السائدة أو أنها غير قانونية، تتم بالخفاء”.

ويجذب هؤلاء العمال ضعف تطبيق القانون بحق مخالفي قانون العمل العراقي. كما أن الشركات الأجنبية تُفضل العمالة الأجنبية على العراقية، في تقصير واضح من الحكومات السابقة في مجال منع توظيف الأجانب على حساب العامل العراقي على رغم رخص الأجور التي يتقاضاها العراقي قياسًا بالأجنبي. ولدى العراقي كفاءة وخبرة يستطيع إثباتها أكثر من الأجنبي إذ إن التفضيل عائد لحسابات الشركات في التكتم على أعمالها وما ترتكبه من مخالفات تريد بقاءها طي الكتمان.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة