دعا النائب المستقل حسن العلوي رئيس المجلس الاسلامي الأعلى عمار الحكيم الى الاستفادة من الفرصة التي اتاحها له زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتحالف معه والخروج من الإنحسار الى الإمتداد وتشكيل وحدة اجتماعية من /المجلس والتيار/ .
وقال العلوي في رسالة مفتوحة وجهها الى الحكيم اليوم:” لقد كان اغتيال السيد محمد باقر الحكيم فرصة نادرة لبريق نجوم كانت رؤيتها صعبة في الافق البعيد ، ولو كان السيد الحكيم على قيد الحياة لكانت الخارطة السياسية وطبقتها الحاكمة مختلفة عما هي عليه الآن ، انه الحكيم لقباً وسلوكاً ، والمجرِب الذي ورث عن أبيه الكثير من عناصر الزعامة ، ومازلت اذكر اكثر من لقاء لي مع جدكم آية الله العظمى السيد محسن الحكيم ، وكنت في وفد يرأسه الدكتور احمد عبد الستار الجواري لمفاتحته في نية تغيير الوضع الذي كان قائماً قبل عام 1963 ، ثم في المرة الثانية قبيل حركة 17 تموز 1968 ، وكان جوابه في المرتين واحدا (لستُ ممن يوافق بهذه السهولة على أمر جسيم لاتعرف عواقبه ولم نكن في يوم ما طرفا في نزاع سياسي وانتم المسؤولون عما ستقدمون عليه إن خيرا وإن شراً ) “.
وأضاف :” لكن عائلة السيد محسن الحكيم دفعت ثمنا باهظا رغم حياديته ، فاُعدم من أبنائه وأحفاده أكثر من عشرين شهيدا واغتيل ابنه السيد محمد مهدي الحكيم الذي ربطتني به علاقة صداقة ، لاسيما عندما وصلنا لندن وعملنا في مشروع المعارضة ، وكنت مع سعد صالح جبر قد رفضنا حتى اللحظة الأخيرة فكرة سفره الى الخرطوم حيث اغتيل هناك “.
وتابع العلوي :” أما السيد محمد باقر الحكيم فقد كان بالنسبة لي روحا علياً يفتقر الميدان السياسي اليوم لمثله ، وقد أكرمني عندما سمح لي بالاطلاع على دفتر مدرسي كان والده قد سجل عليه بعض اجاباته على أسئلة مريديه وأتباعه ، وكان ما أثار انتباهي سؤال عن جواز أو عدم جواز العمل في حزب سري ، فكان جوابه كما أذكره بالنص (أن حركة الاسلام تؤكد على وجوب اشهار العمل وعدم الميل نحو العمل السري منذ عام الهجرة الأول وخروج النبي (ص) الى المدينة المنورة ، وفي عصرنا الحالي يبدو الحزب السري مجهول القيادة ومجهول التوجهات والقاعدة أن لابيعة لمجهول ) “.
واضاف :” وعقّبتُ قائلا للسيد الحكيم بعد اطلاعي على هذه الفتوى (إن خلو المجتمع الشيعي من حزب سياسي دفع السيد نواف صفوي زعيم /فدائيان إسلام/ التي اغتالت الكثير من رجالات شاه إيران محمد رضا بهلوي ، وهيأت وساندت ثورة الدكتور مصدق عام 1951 ، الى مطالبة جماهير الشيعة بالإنضمام الى جماعة الإخوان المسلمين ، وكان صفوي يتحدث ، والى جانبه في مطار دمشق المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور السباعي الذي حل ضيفا عنده ، وانتهت الزيارة بالإتفاق على تنسيق المواقف بينهما ، فأجابني الحكيم (ان حزبا شيعيا قد يقسم الشيعة الى فريقين متناحرين ، وانهم لهذا السبب شكلوا مجلسا اسلاميا وليس حزبا) “.
وبين العلوي :” ومن هنا أيها السيد الحفيد جاءت فكرة المجلس الإسلامي وليس الحزب الإسلامي الذي أسس في طهران من ستة اسماء قيل ان الإمام الخميني عندما التقاهم وتفرس في وجوههم قال (أهذا مجلس إيراني أم عراقي؟ فإن كان إيرانيا كما أراهُ فلسنا بحاجة اليه ، وإن كان معنيا بالشأن العراقي فليس العراقيون بحاجة الى مجلس إيراني يقودهم) ، ومنذ ذلك الحين التفت الإمام الخميني نحو شاب عراقي عربي لم يتلوث في قول أو عمل ، فاختير السيد محمد باقر الحكيم رئيسا للمجلس رغم صغر سنه آنذاك قياسا بمعتمري العمائم هناك ، واختار بدوره أعضاا عراقيين وانضوت جميع الحركات السياسية الشيعية العراقية تحت لوائه ، ولم يكن ذلك مقبولا لدى حزب الدعوة الذي يمتلك نظرية تنظيمية خاصة وجمهورا وشهداء ومشروعا للمستقبل هو غير مشروع السيد الحكيم ، فكان هذا التشكيل إيذانا بحصول إنقسام في التشيع السياسي واستمر الى يومنا هذا ، فلا أهل الدعوة يطمأنون للمجلس ولا المجلس يثق باهل الدعوة ، فإذا التقيا فهو لقاء المجاملة أو مكايدة خصم مشترك “.
واستطرد :” وكنتُ أكرر الرأي على السيد محمد باقر الحكيم أن يغير اسم حركته ويحذف مصطلح (الثورة الإسلامية) لكونه مصطلحا إيراني الإيحاء ، وأن يكتفى بإسم المجلس الإسلامي العراقي وتحذف أيضا كلمة (الأعلى) التي توحي بالتسامي والتعاظم ، وهو امر لايرحب به في الأوساط الشعبية ، وأترك لك تقدير الموقف الشرعي من مسألة العلو والتعاظم ، وأودعت آرائي هذه في مقالات نُشرت في صحف المعارضة في تسعينيات القرن الماضي وبرسائل شخصية له مازالت محفوظة في ارشيفي “.
وبين العلوي :” وقد تطورت العلاقة مع المجلس الى درجة أنني تطوعتُ للإشراف على جريدته (نداء الرافدين) الصادرة في دمشق عام 1991 وتطويرها ، وعندما تعارض تطوعي للعمل في هذه الجريدة مع عقد عمل موقع لصالح جريدة الشرق الأوسط اللندنية بخمسة آلاف دولار شهريا ، تركتُ الشرق الأوسط وآلافها وقلتُ لصديقي رئيس تحرير (الشرق الأوسط) أنني سأنتصر لجريدة محلية وسأقوم بعملي متطوعا فأرجو قبول اعتذاري عن مواصلة كتابة عمودي اليومي الموسوم (في وضح النهار) ، وإن كلا من السيدين باقر جبر الزبيدي وعدنان ردام العبيدي (مدير تحرير جريدة نداء الرافدين) يعرفان هذه الحقيقة ، حتى اوشكتْ ان تكون (نداء الرافدين) جريدة المعارضة الأولى في تسعينات القرن الماضي ، وهي تحمل نفسا ليبراليا أودعناه فيها ، انا والأخ الزبيدي وكادر الجريدة وكتّابها “.
وأشار الى انه :” لم تنفصم عرى هذه العلاقة إلا عندما امتطى المجلس الاعلى للثورة الإسلامية صهوة السلطة وذاق حلاوتها ، فأقسم أن لايعود الى أيامٍ تذكره برجال أمثال كاتب السطور ، وقد امتنع جميع اعضاء المجلس من رئيسه الى وزرائه بعد عام 2003 عن استقبال أي موفد بعثته اليهم من دمشق ، الى ان اتخموا ولا اظنهم قد شبعوا ، فانقطعت وشائج الصلة من خيوط غزلت بمغزل السيد محمد باقر الحكيم الذي كتبتُ في يوم رحيله رائعة النهار البيروتية تحت عنوان (الحكيم حيث لاتدفن الرايات) ، وخيوط من عباءة السيد مهدي الحكيم الذي كتبتُ في يوم رحيله تأبينية تاحت عنوان (حيث تستريح العباءة) ، وكل من هذين المقالين يساويان في المعيار الأخلاقي والأدبي جميع بكاشيات المجلس التي استثنت السيد محمد مهدي وكأنه من طينة غير طينتنا ، وكتبتُ مائة مقال مدبجة بقلمي حبا من الوجدان لجهاد من جاهد منهم “.
واضاف :” من المؤذي لتاريخ العائلة المدمي أن يتشكى عامة النجفيين من أشخاص محسوبين على المجلس بات يشار اليهم على أنهم أكلة الأراضي النجفية والمستحوذون على مواقعها التجارية الأولى ، فأوشك النجفيون قبل غيرهم أن ينسلوا عن المجلس ويسحبوا بيعتهم ، وقد انسلوا لولا أن قصور القيمين على أمر الحكومة وميلهم الى العزلة وتهميش الحليف قبل الخصم ، والاستفراد بثروة العراق وسلطته ، قد اتاح للمجلس الاسلامي ان يرفع رصيده من الأصوات المحتجة على أداء حكومة الحليف والذي انسحب على وضع كوادر الحزب الفاشلة في معظم الدوائر الإنتخابية ، ولسان حالهم يردد قول القائل :لاأذودُ الطيرَ عن شجرٍ … قد بلوتُ المرًّ من ثمرِه “.
وخاطب العلوي الحكيم قائلا :” هذا شطر من اشطار الماضي السياسي المدون من علاقتي بآل الحكيم ، وانت تخطو الآن خطوات مسددة ، فعسى ان تكون سديدة نحو خطاب سياسي بديل للخطاب الديني فعسى ان يستمر الخطاب دون الحاجة الى المنتدى الثقافي في أماسي الاربعاء ، لشبهه بصف مدرسي يلقي فيه المعلم درسه الاسبوعي على طلاب قد يكونون اكثر عمقا في الفقه والدراسات الدينية واطول عمرا وتجربة في العمل السياسي من معلمهم ، فليس المطلوب من الزعيم ان يكون معلما بهذه الطريقة التي تثير احتجاجي الشخصي ، فأكتبُ رسائل هاتفية الى بعض أصدقائي الحاضرين في الامسية احتجاجا على حضورهم وعدم مفاتحة السيد عمار بردود فعل كثيرة يسببها المنتدى الثقافي وقد قيل أن كلفته الشهرية تكفي لإعاشة خمسين عائلة (شيعية) “.
واضاف :” إن رؤوسا في المجلس آثرت الصمت أو المشاغلة عن حضور خطبة الأربعاء بعد ان اكتشفوا ان لادور لهم سوى الحضور والإستماع ، فيما كان المطلوب ان يتحول المنتدى الى خلية ثقافية فلسفية تذكرنا بمجلس الشريف الرضي وأمالي المرتضى ، يتحدث فيها أهل الرأي المؤيد والمعارض ، ويشارك علية المثقفين في المجلس وخارجه كما يحصل في ديوانيات بدائية يقيمها الكويتيون واهل الخليج عامة ، وقد اثار اعتراضي انني بعد ان كلفتُ موظفين في مكتبي بإعداد استبيان عن الأخبار التي تنشر في الفضائيات الحركية ، وجدت 36 خبرا خاصا بالسيد عمار منشورة على الشاشة وفي شريط الأخبار خلال اسبوع ، ولم اجد في ذلك الاسبوع خبرا ينسب لشيوخ وقادة امثال الدكتور عادل عبدالمهدي والشيخ همام حمودي وباقر الزبيدي والشيخ جلال الدين الصغير الذي وإن خصص موقع براثا لشتمي شخصيا فرأيي الحركي به انه رجل مواجهة يقول في العلن ما يردده الآخرون في السر وان موقع مثل هذا الرجل ينبغي أن يكون حيث يقف الصقور وليس في أقنان الدجاج ، ولو كان الحكم صحيحا لأصبح الشيخ جلال الدين رئيسا للوقف الشيعي بلا منازع “.
وتابع :” أما إصرارك على إجراء مصالحات تلفزيونية فإنها لم تعد ذات جدوى بدليل عدم حصول الصلح بين من تبادلوا القبل الصماء ، وهذه المصالحة بتقديري الخاص نوع من المنافقة السياسية يكذب فيها رؤساء الكتل على المشاهد ، وأضيفُ رأيا آخر حول ما يبدو واضحا من استخدام سياسة التردد في اتخاذ القرار ، وهو أمر يحول بين المجلس وبين التمدد الشعبي ، معتقدا مرة انها دبلوماسية ومرة انها نوع من الحياد يجعل المختلفين يذهبون اليك كلما عصفت بهم هوجاء الحماقة ، وهذا التصور غير صحيح ، فرؤساء الكتل الذين حضروا اللحظة السوداء في مجلسك لم يتصالحوا ، ولم يحضر في الأساس من كان الأمل معقودا على حضورهم ، لكن إعلام المجلس ينزلق وحتى هذا اليوم للحديث عن امجاد المصالحة السياسية وهي عندي من سلبيات المجلس وليست من حسناته “.
وأشار الى :” إن المجلس الإسلامي الاعلى مقيد بما أسلفت ، سواء في عدم الإقدام وكثرة التردد وكثرة الحياد ، والإسراف الدبلوماسي حدا جعل موقف المجلس (بلا موقف) “.
وبين :” إن رهان المجلس القائم على مدّ يدين اثنتين في وقت واحد لخصمين محاولة تقليدية لطالما خاضها المتكلمون وعُرفتْ بالتوفيقية التي لم تجلب التوفيق لأصحابها ولم يسجل للتوفيقيين تاريخ ناصع ، وأزمة التوفيقيين تنتهي بالخيبة ، فقد يشتط الإثنان فيأخذ أحدهما يمينك والآخر يسارك ، فيقع (التوفيقي) في الخلع لاقدر الله “.
وأوضح أنه :” لاسبيل امام المجلس الاسلامي سوى الفرصة التي يتيحها له مقتدى الصدر مالك السواد الأعظم في الشارع الشيعي ، وكلاكما في المقتبل ، وكلاكما وارث زعامة ، وكلاكما في بيت المرجعية ، وكلاكما من ضحايا النظام السابق ، ولاطريق للخروج من الإنحسار الى الإمتداد ما لم تتشكل الوحدة الاجتماعية للمكون الشيعي من المجلس والتيار ، باعتبارهما خارج الأطر الحزبية وآلياتها السرية ، وكلاكما يعمل في الهواء الطلق “.
وأضاف العلوي :” ان الهمسة الأخيرة ، كنا نحن ثلاثة رجال قد همسناها في أذن عمكَ الشهيد محمد باقر ، الشيخ الدكتور احمد الوائلي ومصطفى جمال الدين وكاتب السطور ، في آذار 1991 ، والرسالة مكتوبة بخط السيد مصطفى جمال الدين نفسه تقول له (إن الشيعة هم اوسع نفرا وأكثر عدة من المنتمين للحركة الإسلامية الشيعية ، فإذا أصررتم على ان الشيعي هو من يعمل في المجلس أو حزب الدعوة او منظمة العمل الاسلامي ، فالصحيح ان الشيعة موجودون في الحزب الشيوعي وحزب البعث وفي مختبرات العلم واتحاد الأدباء وملاعب الكرة ، وفي منافي العالم ، وإن الاستئثار بالقرار الشيعي ليس حكرا على الحركة الاسلامية وعلى المجلس الإسلامي بشكل خاص) “.
وتابع :” أما الموقعون الى جانب هؤلاء الثلاثة فهم : فاضل الانصاري عضو القيادة القومية لحزب البعث وهاني الفكيكي وشفيق (هاشم الياسري) والدكتور علي كريم ، وهؤلاء جميعا من قادة حزب البعث العراقي في سوريا ، كما وقع ماركسيون وقوميون عرب وليبراليون وشيوخ دين وعقدوا لهذا الغرض ندوات في منزل السيد مصطفى جمال الدين وفي منزل كاتب السطور ، فإذا شئتَ عزيزي السيد عمار الحكيم فاطلبْ ملف عمك من سفيرنا الذي لايهش ولاينش ولايبش والمعمر بقراركم في طهران والذي كان سكرتيرا شخصيا للراحل محمد باقر الحكيم “.