11 يناير، 2025 12:01 م

العلاقات “التركية-الإيرانية” .. مصالح حالية وقنابل موقوتة !

العلاقات “التركية-الإيرانية” .. مصالح حالية وقنابل موقوتة !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

رغم الخلافات السياسية والدينية بين “تركيا” و”إيران”؛ إلا أن العلاقات بين الدولتين في أفضل حالاتها، في الفترة الحالية. ويرى كثير من المحللون أن الفضل في ذلك يعود لمصالحهما المشتركة في المنطقة، غير أن الشراكة الحقيقية شبه مستحيلة لأن الطريق إلى ذلك مليء بالعقبات.

مستقبل سوريا الغامض !

يقول الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، “ألون دوانياس”، إن الحرب الأهلية في “سوريا” تسبب قلقًا شديدًا لكل من “تركيا” و”إيران”.

إذ كيف سيكون الحال في “سوريا” بعد الحرب ؟.. ومن سيحكمها ؟.. وهل سيتم تقسيمها ؟.. وهل سيحاول الأكراد إقامة دولة مستقلة ؟.. وما هو مصير اللاجئين الذين فروا إلى “تركيا” وأصبحوا عبئًا ثقيلًا عليها ؟

تقارب العلاقات بفضل الإسلام السياسي !

يرى “دوانياس”؛ أن المخاوف المشتركة حول الشأن السوري قد أدت إلى تعميق العلاقات بين “أنقرة” و”طهران”، وقد انعكس ذلك في كثرة الاجتماعات بين كبار المسؤولين في كلا البلدين، بما في ذلك لرئيسين “رجب طيب إردوغان” و”حسن روحاني”.

حيث انتشرت، عبر وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، صور الزعيمين وهما يبتسمان ويتصافحان، بما يعكس قوة العلاقات الودية بين البلدين.

وليس سرًا أن “إيران”، التي كثيرًا ما عانت من العزلة، قد سعت دائمًا إلى التقارب مع جارتها “تركيا”، وكلما علا شأن التيار الإسلامي في “أنقرة”، كلما سارعت “طهران” للتقارب معها. فحدث ذلك على سبيل المثال، خلال تسعينيات القرن الماضي، عندما كان “نجم الدين أربكان” يتولى السلطة، وهو ما يحدث الآن أيضًا في ظل وجود حكومة “حزب العدالة والتنمية”؛ بقيادة “إردوغان”.

أسباب التقارب مع تركيا..

بالنسبة لـ”إيران”، فإن مساعي التقارب مع “أنقرة” تُعَدُّ منطقية لعدة أسباب.

أولها، أن “تركيا”، التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة؛ تُعد سوقًا كبيرًا؛ خاصة بالنسبة لـ”النفط الإيراني”. وثانيًا، فإن “تركيا” تُعدُّ قوة إقليمية لا ينبغي فُقدان الصداقة معها، أما السبب الثالث؛ وربما الأهم، فيتمثل في الأقلية من أصل تركي وأذري، التي تشكل حوالي رُبع سكان “إيران”. ومع وجود أقلية تركية بهذا الحجم الكبير في “إيران”، فلا بد من الحفاظ على علاقات جيدة مع “أنقرة”.

عقبات تحول دون الشراكة الفعلية..

على الرغم من مساعي التقارب بين “طهران” و”أنقرة”، إلا أن هناك عقبات تحول دون  قيام شراكة فعلية بين أهم دولتين مسلمتين في الشرق الأوسط ولا تنتميان للعالم العربي.

فمن الناحية الرسمية، تُعد “تركيا” جمهورية علمانية ينتمي معظم سكانها للمذهب السُني، أما “إيران” فهي جمهورية غير ديمقراطية ينتمي معظم سكانها للمذهب الشيعي – وهما مذهبان مختلفان تمامًا في المعتقدات الإسلامية وفي طريقة التطبيق. وترى كل دولة منهما إنها مؤهلة للعب دور ريادي في العالم الإسلامي، لكن المعتقدات الدينية المختلفة قد تؤدي إلى اندلاع صدام بينهما.

القضية السورية..

أضف إلى ذلك، أن لدى “تركيا” سبب وجيه للقلق بسبب تطلعات “إيران” التوسعية، والتي يمكن أن تؤثر على جميع الدول الأخرى المجاورة.

صحيح أن الدولتين لا تريدان قيام كيان كُردي مستقل في “سوريا”، وهما تبذلان كل ما في وسعهما للحيلولة دون ذلك، لكن “إيران” وضعت كل آمالها على نظام “بشار الأسد”، وهو ما ترفضه “تركيا”.

وعلى الرغم من أن معظم سكان “سوريا” هم من السُنة، إلا أن قادة النظام من الطائفة العلوية، المنتمية إلى الإسلام الشيعي.

وربما كانت “أنقرة” تود أن تتسبب موجات “الربيع العربي” في الإتيان بقيادة سُنية جديد في “سوريا”، ولكن عندما لم يتحقق ذلك، فإن “تركيا” لن تقبل أن يظل “الأسد” يذبح رعاياه من أهل السُنة. لكن “طهران” من جانبها، تقدم الدعم لذلك النظام الذي لا يكتفي بإرتكاب المذابح في حق شعبه، بل إنه يدفع الملايين إلى الفرار من “سوريا”، والكثير منهم يتوجهون إلى “تركيا”.

تركيا والمد الشيعي..

لقد كان نظام “صدام حسين”، في “العراق”، يقوم على الأقلية السُنية، ولكن بعد سقوط النظام، أصبحت السيطرة في يد الأغلبية الشيعية، التي تمثل حوالي ثلثي السكان، وباتت “إيران” تلعب دورًا متزايدًا في الشؤون الداخلية لـ”العراق”.

هذا يعني أن “تركيا” أصبحت معزولة تمامًا عن بقية العالم السُني، حيث أن جميع جيرانها إما دول مسيحية أو شيعية. في هذه الحالة، لا ترغب “تركيا” في رؤية “إيران” قوية أو ذات نفوذ واسع بالقرب من حدودها.

جدير بالذكر؛ أن “تركيا” و”إيران” تتنافسان أيضًا على النفوذ في الجمهوريات الإسلامية في منطقة “آسيا الوسطى”، علمًا بأن العديد من سكان تلك الدول من أصول تركية وهي تعتبر “تركيا” نموذجًا يحتذى به.

كما أن إيديولوجية القومية التركية منتشرة في بلدان تلك المنطقة، ويسعى قادتها للحفاظ على علاقات جيدة مع “أنقرة”. في المقابل، فإن “إيران” تُعد أقرب جغرافيا إلى تلك الدول وتريد أيضًا تعزيز نفوذها في تلك المنطقة. فضلًا عن ذلك، فإن تصدير الإسلام الثوري يُعد أحد مباديء النظام الإيراني، وهو ما يتعاض بالطبع مع المصالح التركية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة