29 مارس، 2024 2:14 ص
Search
Close this search box.

العقوبات ضد “روسيا” انعكست سلبيًا على “أوروبا” .. “ألمانيا” أكثر المتضررين .. فإلى أين تتجه ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع استمرار الحرب الأوكرانية وتداعياتها، وانعكاسات العقوبات التي شنتها “أوروبا” و”أميركا” على “روسيا”، ومع مضي “الاتحاد الأوروبي” لإقرار حزمة عقوبات سادسة ضد “موسكو”، تتضمن حظرًا على شراء “النفط والغاز”، بدأت تنقلب الطاولة عليهم، وتدخلهم في أزمة تلو الأخرى حتى بات الوضع على طريق الإفلاس، حيث أشار بعض المحللين والخبراء إلى تكبد “أوروبا” العديد من الخسائر في خضم أزمة اقتصادية كبرى تضرب العالم كله.

كما تخوف المراقبون من وصول نسب التضخم داخل الدول الأوروبية إلى مستويات غير مسبوقة، في ظل غياب أفق لمستقبل الصراع مع “روسيا”، مع استمرار الضغوط لحصار النظام الروسي اقتصاديًا وسياسيًا.

وكانت “المفوضية الأوروبية” قد أنجزت اقتراحها الخاص بقطاع الطاقة الروسي، الذي ينص على وقف تدريجي للمشتريات الأوروبية خلال: 06 إلى 08 أشهر حتى نهاية 2022، مع استثناء لـ”هنغاريا وسلوفاكيا”، لكنه أثار جدلاً حادًا ولم يُقر إلى الآن.

وتُشكل إمدادات “الغاز” الروسية: 40 بالمئة من احتياجات “الاتحاد الأوروبي”، في حين يُشكل “النفط الروسي”: 26 بالمئة من واردات التكتل.

ركود حاد خلال 2023..

وتُعتبر “ألمانيا” من أهم النماذج لذلك، حيث حذر تقرير صُدر مؤخرًا عن “مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني”، من ارتفاع معدلات التضخم في البلاد الذي وصل؛ في آذار/مارس الماضي، إلى: 7.3 بالمئة، بينما ارتفعت الأسعار؛ في نيسان/إبريل الماضي، بنسبة قاربت: 7.5 بالمئة، مقارنة بمستواها خلال نفس الشهر من العام الماضي.

مصدر الصورة: رويترز

وتُعد “ألمانيا” من أكبر مشتري الطاقة من “روسيا”، إذ تعتمد على “موسكو” في ثُلث وارداتها من “النفط”، و45 بالمئة من مشترياتها من “الفحم”، و55 بالمئة من واردات “الغاز”.

وقبل أيام، ذكرت المعاهد الاقتصادية في “ألمانيا” أن الوقف الفوري لواردات “الغاز الروسي” من شأنه أن يدفع “ألمانيا” إلى: “ركودٍ حاد” العام المقبل.

وبحسب تقارير أوروبية، فإنه من المتوقع أن انخفاض النمو إلى: 1.9 بالمئة في عام 2022، ودفع “ألمانيا” إلى مزيد من الركود في عام 2023، مما يتسبب في انكماش الاقتصاد بنسبة: 2.2 بالمئة.

ويُقدر الخبراء أن الخسائر الاقتصادية لـ”ألمانيا” من العقوبات على “روسيا” قد تصل لنحو: 3 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي.

03 تحديات كبرى أمام “ألمانيا”..

وتواجه “ألمانيا” 03 تحديات كبرى تُعيق جهود الحكومة لمحاولة الإفلات من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الأوكرانية، أولها هو تأثر قطاع الإنتاج إلى حدٍ كبير بسبب ارتفاع أسعار الطاقة؛ وأيضًا تقليل العرض والطلب تأثرًا بظروف التوتر السياسي والأمني في “أوروبا” بوجه عام.

ويتمثل التحدي الثاني، في الارتفاع الجنوني لأسعار السلع بشكل عام، وعدم قدرة الشركات الألمانية على الحفاظ على معدلات الانتاج أو تقليل التكلفة، وكذلك نقص بعض المواد الأساسية من الأسواق، ما يؤثر على ارتفاعات غير مسبوقة في أسعارها.

ويتعلق التحدي الثالث بضعف المطالب على المنتجات الألمانية محليًا ودوليًا بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة بالمنتجات الصينية أو الآسيوية.

الموازنة سياسيًا واقتصاديًا..

وتُحاول “ألمانيا”؛ خلال الفترة الراهنة، الموازنة بين دورها السياسي وحماية اقتصادها من الإنهيار، خاصة أنها تواجه ضغوطًا ثقيلة لتقديم أقصى دعم لـ”أوكرانيا”.

وتواجه “ألمانيا” ارتفاعًا في أسعار الطاقة وارتفاعًا في التضخم بسبب فرض عقوبات على “روسيا” بعد بدء عملية خاصة لنزع السلاح من “أوكرانيا”، وأثرت الإجراءات بشكل أساس على القطاع المالي وتوريد منتجات التكنولوجيا الفائقة.

لكن الدعوات لتقليل الاعتماد على موارد الطاقة الروسية، أصبحت أعلى في “أوروبا”.

ويعيش أكبر اقتصاد أوروبي مرحلة تاريخية، في ظل ركود متوقع في حال قطع إمدادات “الغاز” من “روسيا”، حيث ارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير.

مصدر الصورة: رويترز

مخاوف من انتشار حالات الإفلاس..

وجاء حديث رئيس مجلس إدارة (كومرتس بنك)؛ “مانفريد كنوف”، ليزيد القلق الألماني، حيث أكد أن إمدادات الطاقة في “ألمانيا” معرضة للخطر، الأمر الذي قد يؤدي لانتشار حالات الإفلاس في البلاد.

وقال “كنوف”، في تصريحات صحافية لموقع (هاندلزبلات)، إن إمدادات الطاقة في “ألمانيا” مهددة، وسلاسل الإمداد تنكسر، بالإضافة للتضخم المرتفع في البلاد.

وتابع قائلاً: “لكن لا ينبغي لنا أيضًا أن نخدع أنفسنا، من المُرجح أن تزداد حالات الإفلاس في أسواقنا”.

التأثيرات تشمل كل دول العالم وتختلف باختلاف قدرة كل دولة..

ويرى السياسي الألماني؛ “حسين خضر”، أن العالم كله وفي القلب منه القارة الأوروبية يُعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة جراء الحرب الأوكرانية وما خلفته من تداعيات التحمت بالتأثيرات السلبية الناتجة عن انتشار جائحة (كورونا)، وما أنتجته من مخاطر وأزمات حقيقية لنمو الاقتصاد بوجه عام.

ويقول “خضر” إن الأسعار في البلاد قد سجلت ارتفاعًا غير مسبوق، فضلاً عن عدم توافر بعض السلع والمنتجات مما يؤثر بشكل كبير على مضاعفة أسعارها بشكل مباشر أو غير مباشر تأثرًا بارتفاع أسعار الطاقة، خاصة أن “روسيا” لاعب رئيس في عملية تصدير “الغاز”؛ لـ”أوروبا”.

ويُشير “خضر” إلى الارتفاع القياسي أيضًا لأسعار السلع الأساسية وفي مقدمتها “القمح”، بينما تُحذر تقارير عدة من تفاقم الوضع على المستوى العالمي إذا استمرت الحرب لمدة أطول، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية البديلة لـ”القمح”، مثل “الأرز” أو “البطاطس”.

ويؤكد “خضر” أن التأثيرات الاقتصادية سوف تشمل كل دول العالم، مع تفاوت نسب التأثر، ومدى قدرة الحكومات على وضع إستراتيجيات ناجزة للتعامل مع الأزمة وتوفير بدائل لتفادي المخاطر الكارثية لتلك الأزمة.

الاتحاد يدفع ثمن الحرب..

ويرى الزميل غير المقيم في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي؛ “بول سوليفان”، أنه مع اتخاذ بعض القرارات الكبيرة مثل الحظر الكامل لـ”النفط والغاز الروسي” فمن المحتمل أن يكون هناك ركود كبير، إن لم يكن كسادًا، في العديد من دول “الاتحاد الأوروبي”، إذ إنها غير مستعدة لتخزين “النفط” أو توفير الإمدادات البديلة بشكل سريع حتى الآن.

وقال “سوليفان”؛ لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن: “الاتحاد الأوروبي يدفع فعليًا ثمن الحرب ضد أوكرانيا، وهم يعرفون ذلك ويشددون عليه، خاصة أن البدائل الجاهزة ليست متوفرة في الوقت الراهن”، موضحًا أن بعض البلدان مثل: “ألمانيا وإيطاليا والنمسا ودول البلطيق” اعتمدت أكثر من غيرها على الطاقة الروسية، لكن “دول البلطيق” فرضت حظرًا على الطاقة الروسية بسرعة أكبر بكثير من “ألمانيا والنمسا”.

وبحسب “سوليفان”، يمكن للسياسة الداخلية أن تُحدد مدى سرعة أو بطء تحرك بلد ما في التماهي مع العقوبات على “روسيا”، بما في ذلك حظر “النفط والغاز”، مشيرًا إلى أنه: “على سبيل المقال؛ فإن مصافي التكرير الألمانية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بخطوط أنابيب النفط من روسيا، وبالتالي يمكن ربط النجاح الاقتصادي لبرلين على مدى العقود الماضية بالغاز القادم من موسكو، ومن ثم قد يكون حظر الغاز والنفط الروسي ضربة كبيرة للاقتصاد الألماني”.

ومطلع نيسان/إبريل الماضي، أوقفت دول البلطيق، “إستونيا ولاتفيا وليتوانيا”، استيراد “الغاز الطبيعي” من “روسيا”، معتمدة على احتياطات “الغاز” المخزنة تحت الأرض في “لاتفيا”.

مصدر الصورة: رويترز

قرارات سياسية دون منفعة اقتصادية..

ويقول الرئيس التنفيذي لمركز (كوروم) للدراسات الإستراتيجية في لندن؛ “طارق الرفاعي”: “على سبيل المثال؛ فإن قرار دول البلطيق له تأثير سلبي على اقتصادات تلك الدول، لأن هذه القرارات ذات صبغة سياسية واضحة، دون منفعة اقتصادية لها أو لشعوبها”، مضيفًا أنه: “قبل الأزمة الراهنة، كنا نرى ارتفاع التضخم، والآن نرى موجة تضخمية أكبر بالنظر لاعتماد الدول الأوروبية على جزء ليس بالهين من الغاز الروسي”.

الخاسر الأكبر في المعركة..

كما أشار الباحث في العلاقات الدولية؛ “عبدالمسيح الشامي”، إن: “أوروبا هي الخاسر الأكبر في هذه المعركة، إذ بات أمن أوروبا الاقتصادي والمعيشي على حافة الهاوية، لأن هناك قطاعات مهددة بالإنهيار والجميع يعرف أن الطاقة هي عصب الاقتصاد في أي مكان بالعالم”.

مشددًا على أن قدرة “أوروبا” على التطور مبنية في الأساس على القوة الاقتصادية، لافتًا إلى أن معاناة اقتصاد القارة من العديد من الأزمات في الوقت الحالي، فـ”على سبيل المثال؛ قطاع السيارات مُهدد بسبب غياب الشرائح التي تدخل في تلك الصناعة لأنها تستورد من روسيا وأوكرانيا بالأساس”.

ورغم “الاتحاد الأوروبي” على حظر “النفط الخام” من “روسيا”، فإن الأمر لا يتوقف على ذلك، إذ تستورد “أوروبا” أيضًا منتجات “النفط” المكررة مثل: “الديزل”، لتزويد سيارات الركاب وتلك المستخدمة في القطاع الصناعي بالوقود، ومن شأن استيراد “الديزل” من مناطق أبعد من “روسيا” زيادة تكاليف الشحن، وبالتالي رفع الأسعار في محطات الوقود.

وأوضح “الشامي” أن: “الأمن الغذائي تلقى ضربة جراء هذه الأزمة نتيجة عدم توفير الأسمدة التي تحتاجها الزراعة، فضلاً عن أزمات بصناعات مهمة كالبلاستيك والأدوية، وامتداد القلق إلى الخوف من عدم توفير طاقة للتدفئة في الشتاء”.

وتابع: “رغم أن العقوبات موجهة لروسيا، فإن تأثيرها لم يتجاوز: 20 بالمئة بالداخل الروسي على عكس ما أثرت داخل أوروبا ذاتها”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب