24 أبريل، 2024 11:59 ص
Search
Close this search box.

العقوبات الأميركية على “نتسياح يهودا” .. إلى أي مدى يمكن أن تؤثر في إسرائيل وفي علاقتها بواشنطن ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في إجراء نادر يحدث للمرة الأولى؛ فرضت إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، لفرض عقوبات على كتيبة (نيتسح يهودا) في الجيش الإسرائيلي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في “الضفة الغربية”.

ونقل موقع (أكسيوس) عن مصادر أميركية؛ أن: “العقوبات ستّمنع الكتيبة وأعضاءها من الحصول على أي نوع من المساعدة أو التدريب العسكري الأميركي”، مضيفًا أن سبب قرار “الخارجية الأميركية” ضد الكتيبة الإسرائيلية سلوكها العدواني، وتورطها في حوداث وقعت قبل 07 تشرين أول/أكتوبر، خاصة في “الضفة الغربية”.

وتُرجّح المصادر أن تفرض العقوبات بموجب “قانون ليهي”، في 1997 الذي يحظر وصول المساعدات الأميركية إلى وحدات الأمن والجيش التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان.

كما أوضحت المصادر أن “الخارجية الأميركية” بدأت التحقيق مع الكتيبة أواخر 2022؛ بعد تورطها في حوادث عنف ضد المدنيّين الفلسطينيين.

غضب “نتانياهو”..

وأثارت الخطة الأميركية غضبًا رسّميًا في “إسرائيل”، بما في ذلك رئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”، الذي هاجم  الإدارة الأميركية بشكلٍ غير مسّبوق، إذ قال إن فرض “أميركا” عقوبات على وحدة في الجيش الإسرائيلي: “قمة السّخافة والتدني الأخلاقي”.

وكتب “نتانياهو”؛ على موقع (إكس): “لا يجب فرض عقوبات على الجيش الإسرائيلي.. كنت أعمل في الأسابيع الأخيرة ضد فرض عقوبات على الإسرائيليين، بما في ذلك في محادثاتي مع الإدارة الأميركية. في الوقت الذي يُقاتل فيه جنودنا تأتي نية فرض عقوبات عليه !.. هذه قمة السّخافة والانخفاض الأخلاقي”، معلنًا التزامه بمحاربة هذه الخطوة.

ما هي كتيبة “نيتسح يهودا” ؟

و(نيتسح يهودا)؛ وحدة عسكرية إسرائيلية متّمركزة في “الضفة الغربية”، وأصبحت وجهة للمسّتوطنين اليمينيين المتطرفين الذين لم تقبلهم أي وحدة قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.

وتعني (نيتسح يهودا)، يهودا الأبدي، وكانت تُعرف باسم: (ناحال حريدي)، وهي كتيبة تسمح لليهود المتدينيّن بالانخراط في الجيش الإسرائيلي، في جو يتوافق مع معتقداتهم الدينية.

ولا تضم الكتيبة في صفوفها نساء، وتعتمد على (الكوشر) الطعام الحلال وفقًا للشريعة اليهودية، وتتبع عسكريًا (لواء كفير) الإسرائيلي، منذ تأسيسها في 1999.

وكانت الكتيبة تعمل في “رام الله وجنين”؛ في “الضفة الغربية”، وهي جوهر “الخدمة الحريدية” في الجيش الإسرائيلي، ويخدم فيها حوالي: (1000) جندي في جميع الأوقات، حسّب وسائل إعلام إسرائيلية.

ويخدم جنود الكتيبة ما مجموعه عامين و(08) أشهر في الجيش الإسرائيلي، وتستمر الدورة التدريبية حوالي (08) أشهر، تليها الخدمة كجنود لمدة (16) شهرًا إضافية.

وعلى مّر السنوات أصبحت هذه الوحدة وجهة للعديد من “شباب التلال”، المسّتوطنين اليمينيّين المتشّددين؛ حسّب موقع (أكسيوس).

و”شباب التلال” أو “شبيبة التلال”؛ تيار يميني متطرف متهم بشّن هجمات ضد الفلسطينيين، وفق (فرانس برس).

وتركزت أعمال (نيتسح يهودا) في “الضفة الغربية”؛ خاصة في مخيم (جنين)، واشتهرت بأنها الكتيبة: “الأكثر عنفًا”.

ولطالما كانت كتيبة (نيتسح يهودا) سبب العديد من الخلافات المرتبطة بالتطرف اليميني والعنف ضد الفلسطينيين المثيرة للجدل، خاصة بعد تورطها في مقتل الأميركي من أصل فلسطيني؛ “عمر أسد”، (80 عامًا)، في كانون ثان/يناير 2022، حيث اعتقله جنودها عند نقطة تفتيش في “الضفة الغربية” في وقتٍ متأخر من الليل؛ وبعد أن رفض فحصّه، قيّد الجنود يديه وكمّموا فمه وتركوه على الأرض في البرد، ليعثر عليه ميتًا بعد ساعات من اعتقاله.

وفي كانون ثان/يناير 2023؛ نُقلت الكتيبة من “الضفة الغربية” إلى “هضبة الجولان”، حيث ذكرت صحيفة (هاآرتس) وقتها؛ أن القرار كان بسبب الحوادث العديدة التي استخدم فيها جنودها العنف ضد المدنيّين الفلسطينيين، ولكن في مطلع العام الجاري نقلت الكتيبة للقتال في “غزة”، وفق (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية.

يُشار إلى أن العديد من المهتمين بشؤون الجيش في “إسرائيل” طالبوا بتفكيّك الكتيبة غير العادية، فهي تحت إشراف الحاخامات، وتسمح بالخدمة العسكرية، إلى جانب مواصلة الدراسة التوراتية، والدينية الأخرى التي لا علاقة لها بالجيش والحياة العسكرية.

تحقيق أميركي..

والاثنين؛ أكد وزير الخارجية الأميركي؛ “أنتوني بلينكن”، أن “الولايات المتحدة” تُحقق في مزاعم عن انتهاكات “إسرائيل” لحقوق الإنسان في عملياتها ضد (حماس) في “غزة”.

وفي معرض كشفه عن التقرير السنوي لـ”وزارة الخارجية” حول حقوق الإنسان؛ نفى “بلينكن” ازدواجية في المعايير الأميركية مع “إسرائيل” وحقوق الإنسان. وقال “بلينكن” للصحافيين: “هل لدينا معايير مزدوجة ؟ الجواب هو لا”.

وقالت “وزارة الخارجية” الأميركية في تقريرها السنوي، إن الحرب بين “إسرائيل” وحركة (حماس) التي أودت بحياة عشرات آلاف الفلسطينيين في “غزة”، وأسّفرت عن أزمة إنسانية حادة كان لها: “أثر سّلبي كبير” على وضع حقوق الإنسان.

وتشمل القضايا المهمة أيضًا في التقرير؛ القتل خارج إطار القانون، والاختفاء القسّري والتعذيب والاعتقالات غير المبررة لصحافيين، وغيرها، حسّب التقارير القُطرية لسنة 2023 حول ممارسّات حقوق الإنسان.

وأضاف التقرير أن حكومة “إسرائيل” اتخذت خطوات موثوقة لتحديد ومعاقبة المسؤولين الذين ربما تورطوا في تلك الانتهاكات.

ويخضع السلوك العسكري الإسرائيلي لتدقيق متزايد بعد أن قتلت قواتها: (34) ألف فلسطيني في “غزة”، وفقًا للسلطات الصحية في القطاع، كثير منهم من المدنيّين والأطفال.

وشّنت “إسرائيل” هجومها ردًا على هجوم لـ (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، الذي تقول “إسرائيل” إنه أسّفر عن مقتل: (1200) شخص.

وتحدثت جماعات حقوق الإنسان عن حوادث عديدة ألحقت أضرارًا بالمدنييّن خلال الهجوم الإسرائيلي على “غزة”، كما دقت ناقوس الخطر عن تصاعد العنف في “الضفة الغربية” التي تحتلها “إسرائيل”.

تؤسس لإنهاء العلاقة الخاصة بين “إسرائيل” و”أميركا”..

وعّلقت الصحافة العبرية على القرار الاستثنائي من زاوية مختلفة، بوصفه يؤسس لمرحلة خطرة، ويحمل تداعيات كبيرة، تضّر على المدى البعيد بالعلاقة الوطيدة بين البلدين، وتفتح الباب أمام مزيد من العقوبات الأميركية والغربية.

ويقول الخبير القانوي الإسرائيلي؛ الدكتور “ماتان غوتمان”، في مقالٍ له بصحيفة (يديعوت أحرونوت)، إن العقوبات مرحلة أولية تؤسس لإنهاء العلاقة الخاصة بين “إسرائيل” و”أميركا”، وثغرة يمكن أن تؤدي إلى فرض عقوبات دولية وسياسية وشخصية من قبل دول أخرى ومنظمات دولية على أي كيان إسرائيلي مرتبط بعلاقات مع الغرب، بدءًا من البنوك والقطاع المالي، إلى ضباط وجنود الجيش، وصولاً إلى الإسرائيليين الذين يعيشون في المسّتوطنات.

ويُضيف الخبير القانوني أن العقوبات الجديدة بدون شك تؤثر على الجيش الإسرائيلي ككل، وعلى الاقتصاد، ومكانة “إسرائيل” الدولية.

وسبق أن فرضت “الولايات المتحدة” النوع نفسه من العقوبات على وحدة من القوات الخاصة التابعة للجيش الإندونيسي؛ متهمة بتنفيذ عمليات اختطاف وقتل مدنييّن، وعلى وحدات عسكرية في “باكستان، وبنغلاديش، وكولومبيا، وغواتيمالا، وهندوراس، وإندونيسيا، والمكسيك، ونيجيريا، وتركيا، وسريلانكا”.

ويرى “غوتمان” أن العقوبات بمثابة تعبير علني عن عدم ثقة “الولايات المتحدة” في النظام القضائي العسكري للجيش الإسرائيلي، وقدرته على فرض القانون بين جنوده.

لإحداث تغيّير جذري..

ويُمثل قرار “الولايات المتحدة” بفرض عقوبات على كتيبة (نيتساح يهودا) سابقة، وسوف يخلص إلى أن نظام إنفاذ القانون الإسرائيلي قد فشل في “الضفة الغربية”، وبالتالي فمن الضروري فرض عقوبات دولية صارمة ضد مواطنيها المشاركين في النشاط الإسرائيلي في المنطقة.

ويُضيف الخبير أن استخدام العقوبات ضد كتيبة (نتساح يهودا) مُّقلق للغاية ويعكس مدى قدرة إدارة “بايدن” لاستخدام هذا السلاح ضد “إسرائيل”.

وبحسّب “غوتمان”، فيبدو أن “الولايات المتحدة” قررت استخدام عقوبات قاسّية ضد الجيش الإسرائيلي لإحداث تغيّير جذري في سياسة “إسرائيل” تجاه الفلسطينيين.

ويختم الخبير: “إذا استمر هذا المنّحى، فسيأتي اليوم الذي ستُّصدر فيه مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزراء إسرائيل، وكبار ضباطها، ولذلك يتعين على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسّعها لمنع فرض عقوبات أميركية على الجيش”.

لماذا الآن ؟

عن أسباب التفكير في فرض عقوبات على الكتيبة الإسرائيلية الآن؛ يقول المحلل السياسي؛ “جواد الشامي”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن المنظمات الأميركية ترصّد تجاوزات الكتيبة في حق المدنييّن في “الضفة”، خاصة بعد تورّط الكتيبة في قتل مواطن أميركي هناك، عمره: (70 عامًا)، سنة 2022؛ و”إسرائيل” تتهرب من معاقبة الجنود.

كما أن هذه الكتيبة تحوي متشّددين ومتطرفين، وهي معروفة بأن أداءها عليه علامات استفهام، بتعبير “الشامي”.

أضرارها قليلة..

وبشأن فاعلية العقوبات الأميركية المحتملة على الكتيبة؛ يقول المحلل السياسي، إن العقوبات الأميركية على القوى العسكرية مقسّمة لعدة درجات، وأعتقد أن العقوبات على الكتيبة المذكورة ستكون أقل درجة، وليست كبيرة، وقد تتضمن منع الحصول على أسلحة أميركية معينة، أو عدم المشاركة في تدريبات مع وحدات أميركية، أو حظر سفر مسؤوليها وجنودها إلى “الولايات المتحدة”.

أما بخصوص فرض عقوبات على أشخاص بعينهم؛ فمِن الصعب أن تسمّي “الخارجية الأميركية” ضباطًا وجنودًا وتعاقبهم؛ فما زالت “إسرائيل” حليفتها، ولن تتخلى عنها.

العقوبات بالتأكيد سيتم رفعها سريعًا؛ فهي نوع من الضغط على “نتانياهو”، لكن إذ لم تسّتجِب “إسرائيل” لتلك الضغوط، ستكون هناك أزمات أكبر لها، وقد توسّع “أميركا” العقوبات بشكلٍ أقسّى.

بالنسبة إلى تأثير ذلك على مستقبل علاقات؛ فأعتقد أنها تضررت بفعل ما يحدث الآن، لكن “إسرائيل” مرتبط وجودها بقوة “أميركا”، وهذا يعني أن ما يحدث سيسّتمر وقتًا وينتهي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب