اتهمت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم، الذي اصدرته اليوم الخميس، الحكومات الجديدة في دول الربيع العربي بالنكث بوعود الإصلاح، بعد الإطاحة بالزعماء الذين حكموها طويلاً وذلك خلال انتفاضات 2010 ـ 2011.
وقالت المنظمة إن النزعات المسلحة “أدت إلى وقوع خسائر فادحة في منطقة الشرق الأوسط، فالنزاع الوحشي في سوريا ضرب البلاد بعنف وأسفر عن مقتل ما يربو عن 70 ألف شخص منذ عام 2011، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة، ولا تزال قوات الحكومة والميليشيات الموالية لها تشن هجمات عشوائية تستهدف المدنيين، فيما ظلت عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب متفشية في مراكز الاعتقال”.
واضافت أن بعض جماعات المعارضة “استمرت في احتجاز الرهائن وتنفيذ عمليات قتل ميدانية ضد المدنيين على أساس آرائهم السياسية أو هويتهم الطائفية، في حين لا تزال حالة الاستعصاء الدولي مستمرة الأمر الذي يحول دون اتخاذ اجراءات حقيقية، مثل احالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
واشارت المنظمة في تقريرها إلى أن تصاعد العنف في العراق “أدى إلى بروز مخاوف من تجدد النزاع الداخلي مع تزايد الصدامات المميتة بين الجماعات المسلحة للعرب السنة وقوات الأمن عقب اندلاع احتجاجات في المناطق التي تقطنها أغلبية عربية سنية ضد التمييز المتصوّر من جانب الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة ونتيجة اساءة معاملة المعتقلين”.
وقالت “إن أعمال العنف بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة ظلت تنشب في بعض مناطق اليمن، واستمرت الحكومة الاسرائيلية في تطبيق سياسات العقوبات الجماعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك حصار غزة وفرض قيود على حرية تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث تقوم بتوسيع المستوطنات غير القانونية، وقامت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بشن حملة عسكرية دامت 8 أيام ضد الجماعات المسلحة الفلسطينية التي تطلق الصواريخ العشوائية من غزة على اسرائيل، وقُتل في النزاع 6 اسرائيليين وأكثر من 160 فلسطينياً معظمهم من المدنيين”.
واضافت منظمة العفو الدولية إن مصر شهدت العام الماضي “اعتقال عشرات النشطاء المعارضين بتهم ملفقة أو ذات دوافع سياسية، كما تعرض صحافيون واذاعيون للاستجواب بسبب انتقادهم للسلطات أو ازدراء الدين، واستمرت الاحتجاجات مع لجوء السلطات الجديدة إلى وضع قيود غير واجبة على الحق في التجمع السلمي، وجرى في تونس استخدام القوانين التي سادت في حقبة (الرئيس السابق) زين العابدين بن علي مراراً لاتهام الفنانين والمدونين والصحافيين بازدراء الدين والاخلال بالنظام العام وفي اعتداءات متزايدة على حرية التعبير”.
واشارت الى أن نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين في أماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “ما زالوا يتعرضون للتوقيف والاحتجاز والتعذيب واساءة المعاملة في بعض الحالات”.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها “إن البحرين، التي تغنت سلطاتها بالاصلاح، استمرت في حبس سجناء الرأي، ومن بينهم أعضاء قياديون في المعارضة ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، وهناك قلق في ايران من أن يتم تشديد القمع الحالي للمعارضين والصحافيين خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران/يونيو المقبل”.
واضافت أن المملكة العربية السعودية “كانت من بين الأماكن الأخرى في المنطقة التي شنت فيها السلطات حملة قمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان أو النشطاء السياسيين أو الصحافيين، واستمرت الاضطرابات في المناطق الشرقية التي تقطنها اغلبية شيعية، إلى جانب الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل اسرائيل والمناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وفي الإمارات العربية المتحدة والمغرب”.
واشارت المنظمة إلى أن قوانين جديدة “نصّت على تشديد القيود على وسائل الاعلام جرى اعتمادها في الأردن والجزائر، فيما يسعى العديد من بلدان المنطقة إلى خنق منظمات المجتمع المدني عن طريق اصدار قوانين مقيّدة لعمل المنظمات غير الحكومية وفرض رقابة على تمويلها”.
وقالت “إن ممارسات التعذيب وغيره من أشكال اساءة المعاملة ظلت متفشية في ليبيا ومصر في ظل مناخ من الافلات التام من العقاب، فيما تعرض المحتجون في اليمن، ولا سيما الجنوبيون، للاستخدم المفرط للقوة والتعذيب وغيره من ضروب اساءة المعاملة في الحجز، وأرغم النزاع في سوريا أكثر من 4ر1 مليون لاجئ على الفرار من البلاد ونحو 4 ملايين شخص آخرين على النزوح في الداخل، وألقت هذه الأزمة الإنسانية اعباء ثقيلة على البلدان المجاورة، فيما واجه العمال المهاجرون الذين تقاطروا على دول الخليج ظروف عمل فظيعة وأنظمة وصاية (نظام الكفيل) غالباً ما تتركهم عالقين في دورة الاستغلال”.
واضافت المنظمة أن السلطات في ليبيا “عجزت عن إيجاد حل دائم لمجتمعات بأكملها وادى النزاع إلى تهجيرها من قبل أفراد قبيلتي التاورغاء والمشاشية، الذين يعيشون في مخيمات تفتقر إلى الموارد ولا يستطيعون العودة إلى ديارهم خوفاً من عمليات الانتقام، فيما لا يزال المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء يواجهون عمليات الاعتقال لأجل غير مسمى والتعذيب وغيره من ضروب اساءة المعاملة بما في ذلك على أيدي الميليشيات، وتم الإتجار باللاجئين وطالبي اللجوء الإريتيريين الذين اختُطفوا من المخيمات في شرق السودان وأُرسلوا إلى صحراء سيناء المصرية، حيث يتم احتجازهم كأسرى من قبل العصابات الإجرامية البدوية لطلب فدية من عائلاتهم مقابل اطلاق سراحهم”.
واشارت المنظمة في تقريرها السنوي إلى أن النساء “لعبن دوراً بارزاً في الاحتجاجات التي عمت المنطقة، وبرزت مؤشرات على أن الانتفاضات حققت تقدماً مهماً في مجال حقوق المرأة أو في تخفيف حدة التمييز المتفشي الذي يتعرضن له في القانون والممارسة، في حين أدت الاعتداءات الجنسية على النساء في مصر وغيرها من بلدان المنطقة إلى لفت الأنظار إلى هذا الأمر على نحو فاضح”.