العراق يواجه اول امتحان سياسي خطير في مرحلة ما بعد الانسحاب

العراق يواجه اول امتحان سياسي خطير في مرحلة ما بعد الانسحاب

  

عشية مغادرة اخر جندي امريكي للعراق اليوم عابرا الحدود الى الكويت فقد تفجرت خلافات سياسية بين القوى العراقية بشكل خطير ينذر بتداعيات تثير مخاوف اندلاع اقتتال طائفي في اول امتحان للعملية السياسية الهشة اصلا التي يعيشها العراق منذ تسع سنوات.

فخلال الاربع والعشرين ساعة الماضية تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية ووصلت الى مرحلة التسقيط السياسي والشخصي من خلال تبادل اتهامات والتهيؤ لسحب الثقة عن مسؤولين كبار وصدور اوار قبض على آخرين.

فقد اعلنت القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي تعليق مشاركتها في جلسات البرلمان اعتراضا على “التهميش”، في ازمة سياسية جديدة تسبق اكتمال انسحاب القوات الاميركية من العراق.

واشارت في بيان الى انه “انطلاقا من مسؤولياتنا الاخلاقية والدستورية والسياسية (…) تعلن العراقية تعليق مشاركتها في جلسات مجلس النواب اعتبارا من يوم السبت والى اشعار اخر”.

واوضح البيان ان “العراقية (82 نائبا من 325) حذرت من مخاطر غياب مفردات الشراكة الوطنية داخل العملية السياسية وضرورة بناء حكومة وطنية قادرة على مواجهة التحديات التي يواجهها العراق استنادا الى اتفاقات الشراكة”.

وقالت القائمة انها “عبرت مرارا عن رفضها لسياسات الاقصاء والتهميش والتفرد بالسلطة (…) وعدم الالتزام بالدستور وخرق القوانين والتعامل بمنهجية القمع وارهاب الناس خاصة في ادارة الملف الامني”. ودعت “الى عقد طاولة حوار فورا لايجاد حلول ناجعة وحقيقية تعزز المسار الديموقراطي وبناء دولة المؤسسات المدنية”.

 وتشهد العلاقة بين ائتلافي رئيس العراقية بزعامة إياد علاوي ودولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي توتراً يتفاقم مع مرور الوقت في ظل بقاء نقاط الخلاف بينهما عالقة من دون حل، منها اختيار المرشحين للمناصب الأمنية في الحكومة، وتشكيل مجلس السياسات الإستراتيجية العليا الذي اتفقت الكتل على تأسيسه في لقاء أربيل ولم تتم المصادقة على قانونه حتى الآن، فضلاً عن المواقف المتخذة تجاه عدد من الدول الإقليمية، أبرزها إيران وسوريا.
كما تشهد الساحة السياسية في العراق أزمة جديدة تتمثل بمطالبات بعض المحافظات بإقامة أقاليم منها إعلان محافظتي صلاح الدين وديالى إقليماً اقتصادياً وإدارياً احتجاجا على التهميش وإجراءات الاعتقال والاجتثاث، فيما تلوح محافظات الأنبار والبصرة ونينوى بالمطالبة باتخاذ خطوة مماثلة في حال عدم تلبية مطالبها وتوفير الخدمات.
وحصلت القائمة العراقية على 91 مقعدا في الانتخابات النيابية الأخيرة وهي تضم سبعة تكتلات سياسية هي حركة الوفاق الوطني بزعامة أياد علاوي والتي حصلت على 24 مقعدا في الانتخابات، والجبهة العراقية للحوار الوطني بزعامة صالح المطلك (20) مقعدا، وتجمع عراقيون بزعامة أسامة النجيفي (19) مقعدا، وحركة حل بقيادة جمال كربولي (12)، كما تضم القائمة حركة تجديد التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي والتي حصلت على 6 مقاعد، وهي نفس المقاعد التي حصل عليها تيار المستقبل بزعامة نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي، فيما حصلت حركة أبناء الرافدين التي يقودها سلام الزوبعي على 4 مقاعد.

وتاتي الازمة السياسية المستجدة هذه في وقت تعمل القوات الاميركية على الانسحاب من البلاد التي اجتاحتها عام 2003، وهي عملية من المفترض ان تتم بحلول نهاية العام الحالي.

وتضاف هذه الازمة الى ازمة سياسية اخرى تتمثل في مطالبة محافظات بالتحول الى اقاليم مستقلة، وهو ما يثير انقسامات بين المسؤولين العراقيين.

ويواصل مئات العراقيين التظاهر في ديالى شمال شرق بغداد، لليوم الخامس على التوالي تعبيرا عن رفضهم لقرار اعضاء في مجلس المحافظة المطالبة بالتحول الى اقليم مستقل.

وكان اعضاء في مجلس محافظة ديالى وكبرى مدنها بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) اعلنوا الاثنين الماضي انهم جمعوا تواقيع 15 من بين 29 من اعضاء المجلس للمطالبة بتشكيل اقليم.

ومنذ صباح الثلاثاء ينظم مئات من سكان المحافظة تظاهرات يومية في مناطق مختلفة من ديالى التي تسكنها غالبية سنية وتنتشر فيها تيارات شيعية رافضة لتشكيل اقليم، وذلك اعتراضا على خطوة مجلس المحافظة الذي فر بعض اعضائه نحو مناطق اخرى.

وتجمع اليوم مئات الاشخاص امام مبنى مجلس المحافظة في وسط بعقوبة وهم يرفعون لافتات كتب على احداها “اهالي ديالى يستنكرون تقسيم العراق” و”كلا كلا للاقليم”.

ودفعت التظاهرات الغاضبة محافظ ديالى عبد الناصر المهداوي وعددا كبيرا من اعضاء مجلس المحافظة الى الفرار الى اقليم كردستان العراق الشمالي. واكد المهداوي انه موجود مع اغلب اعضاء مجلس المحافظة في الاقليم الكردي منذ بدء التظاهرات.

وكان مجلسا محافظة صلاح الدين ومحافظة الانبار اللتين تسكنهما ايضا غالبية سنية، اعلنا في وقت سابق عن سعيهما للتحول الى اقليم.

وتنص المادة 119 من الدستور العراقي على انه “يحق لكل محافظة او اكثر، تكوين اقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم باحدى طريقتين: اولا، طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم”، و”ثانيا: طلب من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم”.

وسبق وان اعلن المالكي عن رفضه لتشكيل اقاليم في هذه المرحلة، فيما ايد رئيس البرلمان اسامة النجيفي، السياسي السني المنتمي الى قائمة “العراقية”، دعوات مماثلة.

والليلة الماضية تراجعتْ عمليات بغداد بشكل مفاجئ عن عرض ما «وصفته» اعترافات ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ولم توضح القناة الفضائية «العراقية» الحكومية سبب تأجيل عرض «الاعترافات». وجاء في خبرعاجل بثته الفضائية العراقية بان مجلس القضاء الاعلى قرر تأجيل عرض اعترافات ما سمته بـ«الشبكة الارهابية» الى حين اكتمال الاجراءات التحقيقية. يأتي ذلك في وقت قال فيه المتحدث الرسمي باسم ائتلاف دولة القانون النائب ياسين مجيد ان المالكي طلب من مجلس النواب سحب الثقة عن نائبه صالح المطلك.

وكان مصدر في وزارة الداخلية العراقية والنائب عن ائتلاف دولة القانون حسين الأسدي قد اكدا الليلة الماضية صدور مذكرة القاء قبض على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وثلاثة من حمايته بتهم تتعلق بما أسماها المصدر بـ«دعم الارهاب».وقال المصدر إن «مذكرة إلقاء قبض قضائية صدرت بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بتهم تتعلق بتمويل هجمات مسلحة في العراق». وأضاف «صدرت  مذكرة إلقاء قبض قضائية بحق الهاشمي وثلاثة من حمايته إضافة إلى مدير مكتبه بعد ثبوت الأدلة القضائية لتورطهم بقضايا إرهاب وتمويل عمليات إرهابية في البلاد». لكن مكتب الهاشمي نفى ذلك لتبقى الامور متوترة والشد السياسي طاغ على الساحة السياسية العراقية .

وفي اخر تطور اليوم الاحد فقد مجلس القضاء الاعلى يشكل هيئة تحقيق فضائية تحقيق قضايا المنسوبة لحماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي. وقال بيان عن المجلس إن “المجلس شكل لجنة من خمسة قضاة للتحقيق في التهم الموجهة ضد حماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي”.
وطارق الهاشمي من مواليد بغداد عام 1942 وضابط سابق في الجيش العراقي ويشغل حاليا منصب نائب رئيس جمهورية العراق.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة