“العراق” يلجأ إلى الطرق الدبلوماسية في إخراج القوات التركية من أراضيه .. فهل ينجح ؟

“العراق” يلجأ إلى الطرق الدبلوماسية في إخراج القوات التركية من أراضيه .. فهل ينجح ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة تُعيد مسألة التجاوزات التركية في “العراق” إلى الواجهة من جديد، وفي الوقت الذي تكثف فيه القوات التركية حملاتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في “حزب العمال الكُردستاني”، أفادت الحكومة العراقية بأنها تسعى إلى إخراج القوات التركية من أراضيها بالوسائل الدبلوماسية.

الوثيقة الرسمية، التي وقعها، الدكتور “عبدالكريم هاشم”، مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، قالت إن: “الحكومة العراقية تدرك أن تواجد القوات التركية على أراضيها يؤثر سلبًا على أمن واستقرار البلدين، وهي تسعى إلى إنهاء التواجد التركي على أراضيها بالوسائل الدبلوماسية”.

وأضافت الوثيقة أن: “عدد قوات التحالف الدولي في العراق بلغ، حتى شهر كانون أول/ديسمبر الماضي، 8956 فردًا؛ منهم 6132 من القوات الأميركية بصفة مستشارين ومدربين ودعم وإسناد جوي”.

وذكرت الوثيقة، التي جاءت تفاصيلها بناء على طلب من النائب في البرلمان العراقي، “فالح حسن جاسم”، من كتلة (السند الوطني)، أن اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقعة بين “العراق” و”الولايات المتحدة الأميركية”، نهاية عام 2008، لم تحدد مدة بقاء تلك القوات، لافتًة إلى تنظيم الأنشطة خلال وجود القوات الأميركية في “العراق” بشكل مؤقت.

بطلب من الحكومة العراقية..

من جانبه؛ قال النائب العراقي، عن ائتلاف (الفتح)، “حامد الموسوي”، إن التدخل التركي العسكري في “العراق” جاء بطلب من الحكومة العراقية؛ إبان احتلال تنظيم (داعش) الإرهابي ثلث مساحة البلاد.

وأضاف “الموسوي” أنه ينبغي أن ترحل القوات التركية بعد أن هُزم (داعش)، وهو ما طلبته الحكومة العراقية من القوات العسكرية التركية.

وتابع؛ أن القوات العراقية قادرة على ضبط الأمن على الحدود مع “تركيا”، وبالتالي فلا حاجة لوجود قوات الأخيرة، مؤكدًا أنه سيتم تنظيم انسحاب القوات بين حكومة البلدين.

وحول القانون المقدم من البرلمان لإخراج القوات الأجنبية من “العراق”، أوضح “الموسوي” أن: “البرلمان العراقي ترك تشخيص مدى حاجة العراق  للقوات الأجنبية لرئيس الوزراء”.

حملة عسكرية مكثفة على “حزب العمال الكُردستاني”..

هذا المسعى العراقي؛ يأتي في وقت أعلنت فيه “وزارة الدفاع” التركية، أنها كثفت حملتها العسكرية لملاحقة عناصر “حزب العمال الكُردستاني”؛ (الذي تصنّفه أنقرة تنظيمًا إرهابيًا).

وقالت الوزارة، في بيان، إن: “مقاتلات سلاح الجو شنت غرات على مواقع، حزب العمال الكُردستاني، في منطقتي هاكورك أفاشين- باسيان شمالي العراق”.

وأضاف البيان؛ أن الغارة الجوية أسفرت عن تدمير مرابض أسلحة وملاجيء ومخابيء ومستودعات أسلحة للحزب المحظور في “تركيا”.

وذكرت الوزارة أن هذا التحرك جاء ردًا على هجمات “حزب العمال الكُردستاني”، مساء السبت، التي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود في “هكاري”؛ جراء قصف من شمالي “العراق” ومقتل رابع في “تل رفعت”، شمالي “سوريا”.

وتأخذ “تركيا” مسألة ملاحقة المقاتلين الأكراد كذريعة لبسط سيطرتها على مناطق شمال “العراق”، وهو ما وتر العلاقات بين البلدين على مر السنوات الماضية.

ومنذ فترة؛ تطالب كتل وتيارات في “البرلمان العراقي” بإصدار قانون يتيح إخراج القوات الأجنبية من “العراق”، الأمر الذي ترفضه التيارات السُنية التي ترى أن الخطر لا يزال يحيط بـ”العراق” من الجماعات الإرهابية.

وجود عسكري تركي..

ولـ”تركيا” وجود عسكري في قاعدة “بعشيقة”، على بُعد 25 كيلومترًا من مدينة “الموصل” العراقية، وعزت “أنقرة” تواجدها إلى الحرب على تنظيم (داعش)، بعد أن طالبتها الحكومة العراقية بالانسحاب منها في أكثر من مناسبة.

ونشرت القوات المسلحة التركية، في كانون أول/ديسمبر 2015، فوجًا من 150 جنديًا و25 دبابة، في “بعشيقة”، في مهمة زعمت “أنقرة” أنها تهدف إلى تعزيز أفراد الجيش التركي الموجودين هناك، لتدريب قوات “البيشمركة” وميليشيا “الحشد الوطني”، وهو المعادل السُني لـ”الحشد الشعبي” الشيعي، بحجة تأهيلها للمشاركة في عملية استعادة “الموصل” من يد تنظيم الدولة الإسلامية.

استنساخ للدور الإيراني..

واعتبر المراقبون، هذه الخطوة، بمثابة استنساخ تركي للدور الإيراني في دعم الميليشيات الشيعية، وتريد من خلالها، “أنقرة”، توظيف معاناة سكان المناطق السُنية لتوجد لنفسها موطيء قدم في “العراق” و”سوريا” المجاورة.

وحينها؛ استدعت “وزارة الخارجية” العراقية، السفير التركي في “بغداد”، لإبلاغه الاحتجاج على الوجود العسكري التركي شمال البلاد، وفي خطوة تصعيدية أخرى، طالبت بتدخل “مجلس الأمن الدولي” لإيجاد حل لهذه المشكلة.

وتصاعدت حدة التوتر، في آذار/مارس 2018، بين “بغداد” و”أنقرة”، عندما أعلنت الأخيرة إنها تسعى إلى إطلاق عملية عسكرية في شمال “العراق” من أجل “تطهيره من العناصر الكُردية المسلحة”.

ودائمًا ما يصف العراقيون، القوات التركية في شمال البلاد، بأنها قوات “محتلة”.

الزيارة لم تتطرق إلى ملف تواجد القوات التركية..

يُذكر أن النائب في مجلس النواب العراقي، “حسن سالم”، قد طالب، الجهات الحكومية العليا، بالضغط على وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، خلال زيارته لـ”بغداد” منذ أسبوعين، من أجل سحب قوات بلاده من شمال “العراق”.

وخلال الزيارة لم يرشح شيء مهمّ بشأن قوات بلاده في “العراق”، فيما إستحوذ ملف التعاون الأمني والاقتصادي على أجندة الزيارة.

توجد بدون علم بغداد..

تعليقًا على التحرك العراقي، قال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية، “واثق الهاشمي”: “إن ما يربط العراق وتركيا ملف الأمن والاقتصاد، وإن القوات التركية الموجودة في شمال العراق موجودة بدون علم بغداد، وذلك بحسب الحكومة العراقية، أما الجانب التركي فيقول إن قواته موجودة بدعوة من، مسعود بارزاني”.

مشيرًا إلى أن “بغداد” تسعى الآن لحل هذه المشكلة سلميًا عن طريق الحوار، وهناك زيارة قريبة للرئيس التركي لـ”بغداد”، وبالتالي قد يتم الوصول إلى حل، خاصة أن القوة المتبقية في منطقة “بعشيقة” ليست كبيرة، لافتًا إلى أن ملف “حزب العمال الكُردستاني”، الذي تعتبره “أنقرة” إرهابيًا، يمكن حله بالتعاون بين البلدين.

أسباب الصمت العراقي..

عن أسباب الصمت العراقي على الوجود التركي على أراضيه، الفترة الماضية، قال “الهاشمي”: “إن هناك أسباب لذلك؛ أولها علاقات السيد مسعود بارزاني مع الجانب التركي، حيث كانت تركيا تستغل هذه الأوضاع وتدخل إلى مناطق في شمال العراق لضرب حزب العمال الكُردستاني”.

ضغوط خارجية لتحقيق مكاسب سياسية..

على الجانب الآخر؛ قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، “فراس رضوان أوغلو”، إن: “وجود القوات التركية في الشمال العراقي لمواجهة خطر، حزب العمال الكُردستاني، الذي تعتبره أنقرة إرهابيًا والموجود في سنجار وجبال قنديل ومناطق أخرى، بالإضافة لوجود الخلافات السياسية حتى الآن في العراق، وكذلك لمواجهة خطر (داعش) الذي لم ينته بعد”.

لافتًا إلى أنه لا توجد ضمانات حتى من قِبل الجانب العراقي لنظيره التركي لإقناعه أن الجيش العراقي قادر على مواجهة التحديات الأمنية، متوقعًا أن تقدم “تركيا” ضمانات لتواجد قواتها في “العراق” ورؤية أمنية وسياسية، وأن تشارك “أنقرة” في ملف الاستخبارات العراقية.

وأعرب “أوغلو” عن إعتقاده أن القضية ليست فقط بين “العراق” و”تركيا”، ولكن هناك تدخلات خارجية وضغوط على الحكومة العراقية لتحقيق مكاسب سياسية، سواء من بعض دول “الاتحاد الأوروبي” أو من “إيران” أو من “الولايات المتحدة”، التي تستخدم “العراق” للضغط على “تركيا”.

لعدم إثارة الخلافات مع تركيا..

وترى صحيفة (العرب)؛ أنه يمكن تصنيف الليونة العراقية، في التعامل مع ملف القوات التركية، ضمن حرص حكومة “بغداد” الواضح على تجنّب إثارة الخلافات مع “تركيا”، التي تشعر بالحاجة إلى التعاون معها في ملفات مهمّة مثل ملفّي “الأمن” و”المياه”، بعد أن كانتا قد تعاونتا بفعالية في إحباط المسعى الانفصالي لأكراد “العراق”، والذي اتضحت معالمه بتنظيم استفتاء على استقلال إقليمهم، في خريف سنة 2017.

موضحًة أن “بغداد” لا ترغب، من جهة ثانية، في تصعيد موضوع القوات الأجنبية على وجه العموم، وتؤثر التعامل معه بهدوء لتجنّب إثارة حماسة الأطراف السياسية الراغبة في إخراج القوات الأميركية من “العراق” والساعية لسنّ تشريع في البرلمان يجبر حكومة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، على “طرد” تلك القوات، وهو أمر يتجاوز قدرتها الفعلية ويسبب لها حرجًا بالغًا ومتاعب متوقّعة تضاف إلى متاعبها السياسية والاقتصادية.

موافقة عراقية غير معلنة..

وتشير الصحيفة إلى أن مصادر عراقية قالت؛ إنّ “تركيا” باتت تحظى بموافقة عراقية، غير معلنة، على الإبقاء على قواتها في “العراق” وتنفيذ عمليات عسكرية هناك بفعل تدخّل من “إيران” لدى حكومة “بغداد” ولدى الميليشيات الشيعية، وذلك نظرًا لحالة الوفاق الكبيرة بين “أنقرة” و”طهران” والإنتعاشة غير المسبوقة في علاقاتهما، على خلفية عدائهما المشترك لعدد من البلدان العربية، وأيضًا لوقوعهما تحت الضغوط الأميركية وتعاونهما في مواجهتها.

وأكّد مصدر عراقي على أن مسؤولين إيرانيين سبق لهم أن نقلوا لنظرائهم العراقيين طلبًا بالتعاون مع “تركيا”، في محاصرة عناصر “حزب العمّال الكُردستاني”؛ كمصلحة أمنية مشتركة لدى الأطراف الثلاثة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة