خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
في ظل استمرار الوضع المعقد في “العراق”، يشتعل التوتر العسكري من جديد على خلفية هجمات متبادلة بين القوات الأميركية وفصائل شيعية مقربة من “إيران” على الأراضي العراقية. وأعربت قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي عن رفضها أن تقوم القوات الأميركية، أو غيرها، بأي عمل دون موافقة الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة. وشددت على أن الغارات الجوية الأميركية في “العراق” تُضعف قدرة الدولة وتوقع المزيد من الخسائر بالعراقيين وغيرهم.
المطالبة بانسحاب القوات الأميركية..
طالب الجيش العراقي، أمس السبت، بالإسراع في إخراج القوات الأميركية من “العراق”، عقب الهجوم الصاروخي الأخير، الذي استهدف قاعدة تتواجد فيها قوات أجنبية.
وذكرت “خلية الإعلام الأمني”، أن الهجمات الأميركية تُضعف قدرة الدولة وتتسبب في إيقاع خسائر في صفوف العراقيين وغيرهم، مما يستوجب البدء بتطبيق قرار “مجلس النواب” العراقي الخاص بموضوع انسحاب القوات الأميركية.
كما طالب “الاتحاد الإسلامي” بـ”كُردستان العراق”، القوات الأميركية، بالخروج من البلاد، حيث قال الأمين العام للاتحاد، “جاسم محمد البياتي”، إن: “الإعتداء الآثم من قِبل الطائرات الأميركية على مطار كربلاء الأهلي المدني، وكذلك مقار ومواقع الحشد الشعبي غير مبرر”.
وأضاف “البياتي” أن: “العدوان الأميركي يعتبر تجاوزًا لسيادة العراق وإنتهاكًا لحرمته وأن ذريعة الأميركان لقصف مواقع مدنية وأمنية داخل حدود العراق، يُعتبر تصرفًا مرفوضًا”.
الانسحاب الأميركي خيار مُستبعد !
كشف مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون السياسية، “مارك كيميت”، أمس السبت، عن دراسة بلاده أربعة خيارات للتصرف مع “العراق” لمواجهة التهديد الايراني، مبينًا أن أحد الخيارات هو قيام الجيش الأميركي بملاحقة وتصفية بعض قيادات الميليشيات.
وقال “كيميت”؛ إن “واشنطن” تدرس حاليًا أربعة خيارات للتصرف مع “العراق”؛ أولها حث “بغداد” على إنهاء التواجد الإيراني المسلح، وثانيها القيام بعمليات عسكرية لتصفية قيادات في الميليشيات تهدد أمن الجنود الأميركيين. وأضاف أن: “الخيار الثالث هو العمل العسكري المباشر ضد أهداف مُحددة، فيما سيبقى الخيار الرابع والمسُتبعد هو الانسحاب من العراق وتركه بيد إيران”.
“الخزعلي” : قادرون على إخراج القوات الأميركية..
أدانت (عصائب أهل الحق)، بزعامة “قيس الخزعلي”، الغارات الجوية الأميركية الأخيرة ضد أهداف أمنية وعسكرية في “العراق”. وقالت العصائب في بيان لها: “نُدين بأشد العبارات ما قامت به قوات الاحتلال الأميركي من إعتداء سافر على مقرات قواتنا العسكرية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي، وكذلك المنشآت المدنية وما تسبب به هذا الإعتداء من استشهاد مجموعة من المقاتلين والمدنيين”.
وأضافت أن القوات الأجنبية تحولت إلى قوات احتلال بعد قرار البرلمان ومطالبة الحكومة العراقية بخروجها من البلاد و”إعتداءاتها” المتكررة على السيادة العراقية.
وتابعت بالقول: “من حق الشعوب مقاومة هذه القوات وبكل الوسائل لإجبارها على الانسحاب وإنهاء الاحتلال، وهذا حق كفلته شرائع السماء وقوانين الأرض”.
وهددت العصائب قائلة: “إن العراقيين قادرون على إجبار القوات العسكرية الأميركية على الخروج؛ كما فعلوا ذلك من قبل”.
بعد مماطلات حكومة بغداد !
يقول الكاتب والمحلل السياسي، “محمد النوباني”، إن عملية القصف الأخيرة التي قامت بها الوحدة الصاروخية في المقاومة العراقية لقاعدة (التاجي)، التي توجد بها قوات تابعة للتحالف الأميركي، لم تكن هي الأولى للمقاومة العراقية في الآونة الأخيرة، ولكنها الأولى التي تُسفر عن سقوط خسائر بشرية بالقوات الأميركية والحليفة لها منذ اغتيال، “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الايراني، و”أبومهدي المهندس”، نائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، في المقاومة العراقية، وهنا تكمن أهميتها الإستراتيجية.
ويرى “النوباني”؛ أن تلك العملية الأخيرة تعني أن المقاومة العراقية – التي توعدت بالبدء بمقاومة مسلحة منظمة لإخراح قوات التحالف الأميركي من “العراق”؛ ما لم تقم الحكومة العراقية بتنفيذ ذلك بالوسائل السلمية – قد يئست من مماطلات حكومة “بغداد” بهذا الصدد؛ وقررت أخذ الأمور بيدها والتعامل مع إدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، باللغة الوحيدة التي تفهمها وهي لغة القوة.
مشيرًا إلى أن أي تسويف من قِبل “ترامب” في إعادة الجنود الأميركيين أحياء إلى بلادهم يعني عودتهم جثثًا وفي أكياس سوداء، وهذا ما لا يريده “ترامب”، ليس لأنه حريص على أرواح الأميركيين؛ وإنما لأن المنصب بالنسبة له أهم وأغلى.
مطلب محفوف بالمخاطر..
فيما يرى المحلل السياسي، “أحمد نزيه”، أن قضية إخراج القوات الأميركية ليس بالأمر السهل على “العراق”، الذي يُمر بكثير من الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تسببت في احتجاجاتِ شعبيةٍ، بدءًا من تشرين أول/أكتوبر من العام المنقضي.
وأوضح “نزيه”؛ أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، توعد العراقيين بفرض عقوباتٍ لا قِبل لهم بها، إذا أصرت “بغداد” على مطلبها بإخراج القوات الأميركية من “العراق” بصورةٍ نهائيةٍ.
وكان “ترامب” قد قال، مؤخرًا؛ إن العراقيين: “إذا طلبوا منا بالفعل أن نُغادر وإذا لم يتمّ ذلك ودّيًا، فسنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها من قبل”، وقد أشار إلى أن العقوبات المحتملة ستجعل من تلكَ المفروضة على “إيران” ضئيلة مقارنةً بها.
وكان “مجلس النواب” العراقي قد صوت، في كانون ثان/يناير الماضي، لصالح قرار بإلزام الحكومة بالعمل على سحب القوات الأجنبية من البلاد.
ودعت الحكومة العراقية لاحقًا، نظيرتها الأميركية، إلى سحب قواتها، لكن “واشنطن” تمسكت ببقاء قواتها، ضمن “التحالف الدولي”.
وجاء قرار “البرلمان العراقي” بعد يومين من اغتيال كل من قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، والقيادي بهيئة (الحشد الشعبي) العراقية، “أبومهدي المهندس”، في غارة جوية أميركية بـ”بغداد”.