19 أبريل، 2024 2:33 ص
Search
Close this search box.

“العراق” يغلي .. “ميدل إيست آي”: هل الحرب الأهلية في “البيت الشيعي” على الأبواب ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

يبدو أن “العراق” مُهدد بحدوث حرب أهلية شيعية؛ بسبب الخلاف بين (التيار الصدري) والميليشيات والفصائل الموالية لـ”إيران”.

وتدهورت العلاقات بين “مقتدى الصدر”؛ وخصومه من الفصائل الشيعية المدعومة من “إيران”، بعد أشهر من الخيبات والأزمات، واشتد الخلاف بين الطرفين حتى إن زعماء شيعة عراقيين باتوا لا يستبعدون وقوع اشتباكات مسلحة بينهما، حسبما ورد في تقرير لموقع (ميدل إيست آي) البريطاني.

وبعد أن توعد “الصدر”؛ حلفاء “إيران”، مؤخرًا، عقد قادة الأحزاب والميليشيات التابعة لـ”طهران” اجتماعًا وضعوا خطة فيه للتعامل مع “الصدر”؛ بما في ذلك احتمال اللجوء للسلاح؛ بحسب التقرير البريطاني.

ويأتي ذلك على خلفية عرقلة حلفاء “إيران” لإنعقاد “البرلمان العراقي”، لمنع “الصدر” وحلفائه السُنة من تشكيل حكومة بدونهم، بعد أن حقق (التيار الصدري) انتصارًا واضحًا على منافسيه في الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة؛ التي أجريت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، وتصدّر (التيار الصدري) البرلمان؛ بفوزه: بـ 73 مقعدًا من أصل: 329، وشكّل تحالفًا مع أكبر كتلتين للسُّنة؛ تحالف (السيادة) والأكراد؛ (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)؛ باسم: (إنقاذ وطن).

مصدر الصورة: رويترز

إلا أن انتصاره سرعان ما أعقبته سلسلة من الهزائم؛ التي أعجزته وحلفاءه عن تشكيل الحكومة.

أسباب الأزمة الحالية في “العراق”..

وقد أدى التنافس الشرس بين المعسكرين، الذي يقود أحدهما زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، والآخر (الإطار التنسيقي)؛ المدعوم من “إيران”، (والذي يضم أبرز القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري)، إلى منع تشكيل حكومة جديدة.

وكان هدف “الصدر” إخراج الفصائل الشيعية الموالية لـ”إيران” من الحكومة، والاعتماد في تشكيلها على تحالف بين “الصدر” والكتلة السُنية والحزب (الديمقراطي الكُردستاني)، لكن “المحكمة الاتحادية العُليا” أصدرت حكمًا يشترط نُصابًا قانونيًا مُعينًا لعدد أعضاء “مجلس النواب” اللازم حضورهم خلال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ولأن “الصدر” لم ينجح في تأمين حضور هذا النُصاب بسبب مقاطعة المنافسين للبرلمان، لم يتمكن مرشَّحاه لمنصب الرئيس ورئاسة الوزراء من أداء اليمين الدستورية وتشكيل الحكومة.

وتحتاج جلسة انتخاب الرئيس الجديد؛ حضور ثُلثي أعضاء البرلمان؛ (210 نواب)، وهو العدد المطلوب لمنح الثقة لأحد المرشحين، حيث يُعد انتخاب الرئيس خطوة لابد منها دستوريًا للمضي قدمًا في تشكيل الحكومة.

واستقر “الصدر” بعد ذلك؛ على التمسك بالحكومة الحالية، التي يقودها “مصطفى الكاظمي”، والتي يتمتع بنفوذ فيها، حيث يُنظر إلى “الكاظمي” على أنه مُعادٍ للنفوذ الإيراني، وأنه هندس الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ التي عُقدت مبكرًا وأدت لتراجع مقاعد القوى الشيعية الموالية لـ”إيران”.

إلا أن “المحكمة الاتحادية العُليا” ما لبثت أن حكمت بخلاف ما يرغب مرة أخرى، وأعلنت أن حكومة “الكاظمي” ليست إلا حكومة تصريف أعمال، وأن عملها يقتصر على تسيير الأمور اليومية، وليست مفوضة بالقرارات الكبرى، مثل تقديم مشروعات القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العُليا للدولة أو الإعفاء منها أو إعادة تنظيم الوزارات والدوائر.

“الصدر” يُحذر حلفاء “إيران” من نفاد صبره..

أطلق ذلك العنان لغضبٍ هادر من “الصدر”؛ لم يشهده خصومه منذ بدء مفاوضات تشكيل الحكومة، ودفعه الأمر إلى مهاجمة المؤسسة القضائية علنًا، متهمًا إياها: بـ”مسايرة” الأفعال “المُشينة” لـ”الثُلث المعطِّل” من النواب الذين قاطعوا البرلمان.

والثُلث المعطل؛ هو مصطلح مشتق من الثقافة السياسية اللبنانية، تحتفظ بموجبه الأقلية السياسية بثُلث حقائب الحكومة زائد واحد؛ لضمان حلها أو عدم تمرير القرارات، في حال عدم موافقة الأقلية على قراراتها، وكان شرط أن تتضمن الحكومة الثُلث المعطل مطلبًا مطروحًا من (حزب الله) وحلفائه، وكان يُصر عليه لتشكيل أي حكومة إذا لم يحصل تحالفه على الأغلبية.

ويُشير موقف “الصدر” إلى رفضه النمط اللبناني لتشكيل الحكومات؛ والذي تم استيراده إلى “العراق”، وأدى فعليًا في “لبنان” إلى مشاركة (حزب الله)؛ الموالي لـ”إيران”، وحلفائه في الحكومة والقدرة على تعطيلها وحلها، حتى لو لم يكن معهم الأغلبية.

مصدر الصورة: الميادين

وقال “الصدر” في خطاب بُثَّ الأسبوع الماضي؛ إن نواب: “الثُلث المعطِّل” عطَّلوا تشكيل الحكومة؛ لأنهم: “لا وجود لهم من دون السلطة”، وتعهد بعدم التخلي عن مشروعه، الذي يعتزم فيه التخلص من الحكم بالتوافق الذي شمل الأحزاب المدعومة من “إيران”؛ طيلة عقدين.

وحذر “الصدر”؛ خصومه، من غضبه ونفاد صبره، وقال: “أم هل تظنون أن أفعالكم هذه ستُجبرنا على التحالف معكم ؟.. كلا، وألف كلا، فلن نُعيد العراق إلى مربع المحاصصة والفساد والتوافق المقيت”.

لم يستغرق الخطاب سوى ثلاث دقائق، لكنه أرعب الكثير من العراقيين وأغضب معارضي “الصدر”، لا سيما قادة الفصائل الشيعية المسلحة.

أنصاره ينشرون أسماء وعناوين قادة “حزب الله” العراقي !

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل زادت الأمور سوءًا، إذ سرعان ما بدَّد “أبومصطفى الحميداوي”، المسؤول العام عن (سرايا السلام)؛ (الجناح العسكري للصدر)، أيَّ التباس حول مقاصد “الصدر”، وكتب تغريدة يقول فيها: “جاهزون، فانتظرونا”.

بعد ذلك، خرج مئات من مقاتلي (سرايا السلام) في “مدينة الصدر”، وهي حي فقير شرقي “بغداد” ومعقل “مقتدى الصدر”، في مسيرة أعلنوا فيها استعدادهم لتنفيذ أوامر زعيمهم.

وبدأت منصات إعلامية تابعة لـ”الصدر” تنشر خلال ذلك أسماء قادة (عصائب أهل الحق) و(كتائب حزب الله العراقي)، أعنف الفصائل المسلحة الشيعية وأعظمها نفوذًا. وأتبَعتها أسماءهم وعناوينهم ومقراتهم وصورهم، ونُذر التهديد والوعيد.

أذرع “إيران” ترد بعقد اجتماع لبحث خطة المواجهة..

وقال زعماء شيعة مطلعون لموقع (ميدل إيست آي)، إن قادة الفصائل الشيعية، وعلى رأسها الفصائل المسلحة، استفزهم خطاب “الصدر”، وبدأوا في حشد مقاتليهم، وأمروهم بضبط النفس.

وبعد ساعات، التقى قادة تحالف (الإطار التنسيقي) الشيعي؛ في 16 آيار/مايو 2022، بمنزل رئيس الوزراء السابق؛ “حيدر العبادي”، في “بغداد”، للبحث في كيفية الرد على تهديدات “الصدر”.

وأسفر الاجتماع، الذي استمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، عن بيانٍ مكتوب، يستنكر إقدام “الصدر” على: “التشكيك” و”الطعن” في قرارات “المحكمة الاتحادية”، ويصف الأمر: بـ”التطور الخطير الذي يؤسس للفوضى وعدم الاستقرار”.

وطالب البيان؛ “مقتدى الصدر” وحلفاءه بالإنصراف عن مساعيهم لتشكيل حكومة أغلبية، و”تغليب المصلحة الوطنية، والتخلي عن سياسة الاستحواذ والإنفراد بالسلطة، والتعامل بإيجابية ومسؤولية مع المبادرات (الرامية إلى إنهاء الأزمة السياسية)”.

لكن ما لم يُصرح به البيان، هو أن قادة (الإطار التنسيقي) الشيعي: “استفزتهم تحركات الصدر بشدة”، وأنهم عدَّلوا صياغة البيان عدة مرات للتخفيف من حدة الغضب البادي فيه، حسبما قال شخصان حضرا الاجتماع للموقع البريطاني. وقال أحدهما: “كان جميع الحاضرين غاضبين ومستَنفرين، وخاصة قادة الفصائل المسلحة، فالصدر تجاوز الحد هذه المرة”، على حد تعبيره.

وأشار المصدر إلى أن “نوري المالكي”، رئيس الوزراء الأسبق وأبرز القادة السياسيين في (الإطار التنسيقي)، رفض الإنجرار إلى مبادلة “الصدر” تهديدًا بتهديد، و”ألح كثيرًا على تغيير مضمون البيان وصياغته أكثر من مرة”، وقال المصدر: “لم نرد الاندفاع إلى الصدام الذي كان وشيكًا”.

مصدر الصورة: رويترز

خيارات “الإطار” المقترحة أمام “الصدر”..

يُدرك قادة الفصائل المسلحة المدعومة من “إيران”؛ أنهم نجحوا في تقويض استفادة “الصدر” من الأغلبية البرلمانية التي حققها، وكذلك أنه يواجه أزمة حاليًا بعجزه عن تشكيل الحكومة، ومن ثم فقد قرروا في اجتماعهم بمنزل “العبادي”؛ البناء على ما نجحوا فيه واعتماد خطة جديدة.

ويقول أحد قادة الفصائل الشيعية المسلحة، وهو عضو أيضًا في (الإطار التنسيقي)، للموقع البريطاني؛ إن إستراتيجية احتواء “الصدر” يجب التخلي عنها؛ لأنها عظَّمت لديه شأن نفسه كثيرًا، و”أصبح يظن أننا خائفون من مواجهته، وأنه يمكنه الإفلات بما يفعله هو وأتباعه، لكنه مخطيء أشد الخطأ إن ظنَّ ذلك”.

وتابع قائد الفصيل الشيعي: “لقد طال صبرنا عليه، لكنه ظنَّ صبرنا خوفًا أو ضعفًا. هذه المرحلة انتهت، وسيرى منَّا وجهًا آخر في الأيام المقبلة”.

وقال مصدران لموقع (ميدل إيست آي)؛ إن المجتمعين توافقوا على التقدم بثلاثة خيارات لـ”مقتدى الصدر”:

الخيار الأول؛ هو التحالف مع (الإطار التنسيقي)، لتشكيل حكومة توافقية تتقاسم السلطة وتستمر عامًا واحدًا فقط، وإن فشلت هذه الحكومة، يُشكِّل “الصدر” حكومة الأغلبية التي يُريدها.

الخيار الثاني؛ هو حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة.

أما الخيار الثالث؛ فهو إبقاء الحال على ما هو عليه، ولكن ذلك يشمل: “الرد بكل الوسائل المتاحة”، على أي محاولة من “الصدر” أو حلفائه لإجراء تغييرٍ في الحكومة أو تعديلٍ تشريعي من شأنه المس بميزان القوى الحالي.

مصدر الصورة: الميادين

وقال قائد بارز في فصيل شيعي مسلح، للموقع البريطاني: “كان أكبر مخاوفنا طوال الوقت هو اندلاع قتال بين الشيعة، لذلك كنا نغض الطرف عن تهديداته واعتداءات أتباعه. لكن الخوف لم يُعد يمنعنا عن شيء الآن، فإن تحدث بلغة التهديد، سنرد عليه باللغة نفسها، وإن تجاوز ذلك واختار المواجهة المسلحة، فلا مانع لدينا”.

وفيما يبدو أنه تلويح بإشعال حرب أهلية شيعية، قال قائد الفصيل الشيعي: “الفصيل المسلح للصدر ليس بالقوة التي يظنها، ففصيله أضعف بكثير من بقية الفصائل. هو يُدرك ذلك، وسيُفكر ألف مرة قبل أن يختار المواجهة المسلحة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب