خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد 6 سنوات من اقتحاح تنظيم (داعش) الإرهابي لأراضي العراق، الذي اتخذها مقرًا للخلافة، تقترب “بغداد” الآن من تشكيل محكمة خاصة بجرائم التنظيم، وهو ما أعلنه “البرلمان العراقي”، الأحد، الذي أشار إلى أن تشكيل هذه المحكمة يُعد دليلاً على عدم انتماء التنظيم المتطرف إلى أي دين أو عقيدة.
وسيعهد لهذه المحكمة المختصة التحقيق في جرائم (داعش)، حيث يحتجز العراق المئات من مسلحيه، بينهم عشرات الأجانب، إلا أن محاكمة الجهاديين الأجانب تثير جدلاً منذ إنهار التنظيم وأنحسر نفوذه في مساحات صغيرة بكل من “العراق” و”سوريا”، حيث تحتجزت أيضًا؛ “قوات سوريا الديمقراطية”، المئات من مسلحيه في سجون مكتظة.
رفض أوروبي لاستعادة مواطنيهم المنتمين لـ”داعش”..
ودائمًا ما ترفض الدول الأوروبية استعادة مواطنيها ممن التحقوا بصفوف التنظيم المتطرف واعتقلوا في “العراق” و”سوريا”. واقترح عدد منها مساعدة “بغداد” على بناء وتوسيع سجون لاستيعاب العدد الهائل من أسرى التنظيم.
ومنذ نيسان/إبريل 2019، عرض العراق محاكمة هؤلاء على أراضيه في صفقة تدفع بموجبها الدول المعنية ملياري دولار، فيما تعالت أصوات حقوقية غربية محذرة من أن الأسرى الأجانب من (داعش) قد لا يحصلون على محاكمة عادلة.
إثبات لعدم انتماء التنظيم لدين أو عقيدة..
عن التفاصيل، التقى “حسن كريم الكعبي”، النائب الأول لرئيس “مجلس النواب” العراقي، بوفد أممي يترأسه، “كريم خان”، المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة؛ لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي إرتكبها تنظيم (داعش).
وقال “الكعبي”، في بيان على إثر اللقاء، إن واحدة من أهم مهام الفريق الأممي المكلف بالتحقيق بجرائم “تنظيم الدولة الإسلامية”، وكذلك عمل المحكمة التي ستشكل في العراق؛ هو: “إثبات عدم انتماء هذا التنظيم الإرهابي لأي دين أو عقيدة” .
وأضاف أن: “تشكيل هذه المحكمة المختصة بالتحقيق بجرائم (داعش) هو انتصار آخر يضاف لانتصاراتنا بدحره على الأرض وتحرير جميع الأراضي من دنس الإرهاب المتطرف”.
وأوضح النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي؛ أن: “جرائم (داعش) اختلفت من حيث النوع والعدد عن تلك الجرائم التي إقترفها تنظيم (القاعدة) الإرهابي، حيث قام بقتل الأبرياء من كافة الأديان والمذاهب والقوميات تحت مسميات لا أساس لها من الصحة؛ ولم تسلم حتى المعالم الأثرية والمساجد والمعابد والكنائس والأضرحة المقدسة من جرائم الحرق والسلب والهدم والتخريب، وصولاً إلى الإعتداء على كرامة الإنسان وحقوقه، حيث اغتصب وباع النساء في سوق النخاسة”.
أبعاد محلية ودولية..
وخلص إلى القول بأن: “هناك رؤية مشتركة بين مجلس النواب والأمم المتحدة حول تجريم جرائم (داعش) في العراق”، مؤكدًا أن: “هذا الأمر سيكون له أبعاد محلية ودولية، فمن جهة ستعمل المحكمة على إعادة حقوق كل من تضرر جراء هذا التنظيم وإنصاف للجميع؛ والبُعد الآخر هو توحيد الجهود الدولية لمحاربة كافة الأفكار المتطرفة تحت أي مسمى كان”.
نشاط الهجمات من وقت لآخر..
وسيطر تنظيم (داعش) الإرهابي على عدد من مدن شمال وغربي العراق، في أحداث حزيران/يونيو 2014، إرتكب خلالها الكثير من المجازر المروعة بحق المدنيين فضلاً عن عمليات سبي واغتصاب للنساء وتجنيد الأطفال واستخدامهم كدروع بشرية .
وحتى الآن يقوم التنظيم المتطرف بتنفيذ هجمات دموية من حين إلى آخر، خاصة في محافظة “الأنبار”، حيث تنشط خلاياه النائمة.
وباستمرار تحذر التقارير الدولية من أن إنهيار “تنظيم الدولة الإسلامية” لا يعني زوال خطر الإرهاب. وبالفعل بعد إعلان العراق النصر على التنظيم لم تهدأ إعتداءاته في سوريا وفي العراق.
تحمل أعباء أمنية..
وفي حال تم إنشاء المحكمة الخاصة بجرائم (داعش)؛ فإن العراق سيتحمل أعباء أمنية رفضت دول غربية تحملها.
وكان القضاء العراقي قد أكد أن محاكمه ذات اختصاص؛ استنادًا إلى أن الأراضي التي كان يسيطر عليها “تنظيم الدولة الإسلامية”، كانت تمتد على مساحات بين “سوريا” و”العراق”. وبحسب مصدر حكومي عراقي فإن الأسرى من تنظيم (داعش) يتحدرون من 52 دولة.
مسألة شكلية..
وتعليقًا على هذا الموضوع، قال الدكتور “طارق حرب”، الخبير القانوني، إن: “تشكيل محكمة خاصة بجرائم تنظيم (داعش) هي مسألة شكلية؛ لأن العراق لم يتأخر عن محاكمة (الدواعش)”، مضيفًا أن “الأمم المتحدة” لا تقوم بالدور المفترض في هذه القضية.
واستنكر “حرب” انتقاد “الأمم المتحدة” لمحاكمة “الدواعش” في العراق، وأنها لا تتبع المعايير، مؤكدًا أن المحاكمة سليمة قضائيًا ويطبق بها القانون العراقي وتراعي كل ما يلزمه القانون من إجراءات، مشددًا على أن “العراق” يتحمل عبئًا كبيرًا بسبب محاكمات “الدواعش” الأجانب؛ وأن دول هؤلاء “الدواعش” لا تقدم الدعم الكافي للعراق وغير مهتمة بسير المحاكمات.
يساهم في تقليص الدعم المقدم للتنظيم..
من جانبه؛ قال المحلل السياسي، “مناف الموسوي”؛ إن: “تشكيل محكمة دولية لمحاكمة أعضاء تنظيم (داعش) الإرهابي يساعد بشكل كبير على مواجهة هذا الفكر الإرهابي، لأن خطر التنظيم ليس محليًا فقط وإنما دوليًا أيضًا”، مؤكدًا أن العراق بذلك يساهم في تقليص الدعم المقدم للتنظيم المتطرف؛ سواء من جهات أو من دول، وتابع: “إن الأمم المتحدة ستقوم بتأسيس هذه المحكمة، وبالتالي ستمتلك شرعية دولية من خلال هذا التأسيس”.
وأكد “الموسوي” على أن وجود هذه المحكمة سوف يقلل الضغط على العراق، حيث إن هناك عددًا كبيرًا من المحكومين بأحكام تصل إلى الإعدام، وقد لا يكون العراق قادر وحده على محاسبتهم.