“العراق” هو الوحيد الذي تجرعها بـ”الملعقة” .. العرب لم يأكلوا خبز “الديمقراطية الغربية” الفاسد !

“العراق” هو الوحيد الذي تجرعها بـ”الملعقة” .. العرب لم يأكلوا خبز “الديمقراطية الغربية” الفاسد !

وكالات – كتابات :

بحث موقع (ميدل إيست مونيتور) البريطاني؛ في تناقضات ظاهرة “الديمقراطية” في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا وموقف الغرب الملتبس منها، معتبرًا، استنادًا إلى دراسة لجامعة “برينستون” الأميركية، إنها لم تتجذر في المجتمعات العربية، وأن “العراق” كان استثناء؛ حيث أعطيت “الديمقراطية” للعراقيين بالملعقة.

واستعان التقرير؛ بدراسة شبكة (الباروميتر العربي)؛ التابعة لجامعة “برينستون”، خلصت إلى أن إعتقاد غالبية العرب أن “الديمقراطية” كنظام حكم، فشلت في تحقيق توقعاتهم، مما دفع كثيرين إلى الشعور بأنها ليست الصيغة الأفضل للتعامل مع مشكلاتهم الاجتماعية، وأن هناك ميل للإيمان بضرورة وجود رئيس قوي لمعالجة أزماتها المزمنة.

وشملت الدراسة استطلاع رأي: لـ 23 ألف شخص؛ في عشر دول عربية، وجهت لهم أسئلة عن الاقتصاد والسياسة والأكلاف المعيشية والحريات، في منطقة شملت بعض أشكال “الديمقراطية”؛ حيث نظمت انتخابات أو كانت هناك وعود بتنظيمها، من أجل التقدم بالمجتمعات إلى الأمام.

بعد 10 سنوات على “الربيع العربي”.. الحاجة إلى “زعيم” تزداد..

ولفت التقرير إلى أن الغالبية تُعبر عن تفضيلها لوجود قادة أقوياء بمقدورهم قيادتهم نحو ظروف اقتصادية أفضل؛ حتى لو كان ذلك يتطلب خرق: “القواعد” المعتمدة لإنجاز الأمور، مشيرًا إلى أن مثل هذه الخلاصة تأتي بعد عِقد من الزمن على اندلاع: “الربيع العربي”؛ الذي يُفترض أن هدفه كان تحرير الشعوب ومنحها السلطة من أجل أن تُقرر مستقبلها بيدها.

وبينما أشار إلى أن “تونس” تُشكل مثالاً جيدًا لأنها كانت معهد “الربيع العربي”؛ ثم حل “الشتاء” سريعًا، أوضح أن: 77% من التونسيين يؤيدون وجود قائد قوي ويُفضلونه على “الديمقراطية” ذاتها.

وبعدما تساءل التقرير عن سبب ذلك، قال إن: “الجواب البسيط هو أن الديمقراطية فشلت في تحقيق نتائج في جميع الدول التي حل عليها الربيع العربي تقريبًا، باستثناء العراق، حيث أعطيت الديمقراطية للشعب بالملعقة بعد الغزو في العام 2003”.

من “تونس” إلى “ليبيا”..

وتحدث التقرير عن أن التونسيين؛ الذين سبق لهم أن أجبروا الرئيس الأسبق؛ “زين العابدين بن علي”، على التنحي في كانون ثان/يناير العام 2011، هم أنفسهم من انتخبوا الرئيس؛ ق”يس سعيد”، في العام 2019، للتخلي عما قيل لهم من قبل دعاة “الديمقراطية” أنه بمثابة الفرصة الأفضل لهم من أجل تحديد مستقبلهم؛ حيث صور “سعيد” على أنه: “المُنّقذ” بعدما صارت البلاد مضطربة منذ ما بعد نشوة النصر للعام 2011، ولم يُعد البرلمان المنتخب مكانًا محترمًا في تصرفات الممثلين المنتخبين للمجتمع.

وبشكل مشابه، قال: 77% من الليبيين من أنهم أكثر تفضيلاً لوجود زعيم قوي على العملية “الديمقراطية” الهشة التي تسببت في إحباطهم بشكل مستمر منذ توجهوا إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى في العام 2012، مشيرًا إلى: “الدرس الأصعب”؛ الذي عاشه الليبيون بتعرض بلادهم إلى الغزو بخلاف “تونس”، مضيفًا أن الليبيين الآن يُقارنون بلادهم حاليًا بما كانت عليه سابقًا، حيث انتهى بهم الأمر الآن وهم أقل أمانًا وأكثر خيبة بسبب الأوهام والفقر؛ رغم أن بلادهم غنية بمكانتها كمُنّتج كبير لـ”النفط”.

“الديمقراطية” الفاسدة..

واعتبر التقرير أن السبب البسيط لهذه التناقضات يتمثل في أن “الديمقراطية” المُّروج لها في المنطقة إما إنها لم تكن تتمتع بأساس، أو إنها فاسدة وأصبحت مشلولة منذ البداية، مثلما هو الحال مثلاً في “لبنان”؛ الذي كان يُعتبر بأنه: “واحة الديمقراطية” خلال غالبية سنواته الـ 79 كبلد مستقل من خلال الممارسة الانتخابية، لكنه الآن على وشك الإنهيار، ويقول: 73% من اللبنانيين إنهم يُفضلون وجود قائد قوي يُمكنه إنجاز الأمور بغض النظر عن كيفية قيامه بذلك، في وقت يعتبر “البنك الدولي” أن “لبنان” يمر بالأزمة الاقتصادية الأكثر حدة في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وفي حين شدد التقرير على أن هذه النتائج لا تعني رفض التحول الديمقراطي في المنطقة لتعارضها مع ثقافتهم وتراثهم والعالم المعاصر، أكد على ضرورة النظر إلى “الديمقراطية” كأسلوب حياة ونظام حكم هي بمثابة عملية تعليمية تستمر لعقود وتُعزز التعايش والتسامح مع الاختلافات.

لكن التقرير اعتبر أن: “العديد من القوى الغربية التي سيطرت على المنطقة لم تكن صادقة في دعمها للتغيير الديمقراطي”، مُذّكرًا مثلاً بأنه عندما انتفض التونسيون ضد “زين الدين بن علي”، سعت “فرنسا” و”الولايات المتحدة” إلى محاولة إنقاذه، وهو أمر تكرر أيضًا خلال الثورة المصرية العام 2011.

وتابع التقرير أن “ليبيا” و”العراق”؛ بعد غزوهما غرقتا في الفوضى، إلا أن الغربيين ألقوا باللوم على مواطني الشعوب، وليس على الغرب نفسه.

وأشار إلى أن حقيقة ما جرى أن التغيير السياسي والاجتماعي المأمول صار في حالٍ أسوأ، وأن الديمقراطية في “العراق وتونس وليبيا” والعديد من الدول العربية الأخرى، فشلت لأنه لم يتم السماح لها بأن تتجذر.

وختم (ميدل إيست مونيتور) تقريره بالقول إن الممارسات الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الديمقراطيات “القديمة”؛ مثلما هو في “لبنان”، لا تسير على مسار تطور طبيعي مثلما هو الحال مثلاً في “فرنسا” أو “بريطانيا”، مضيفًا أن الغرب يدعو في العلن قيام “ديمقراطية عربية”، وإنما فقط إذا كانت النتيجة هي ما يأمله الغرب، وهو موقف متناقض تجلى مثلاً عندما رفض الغرب فوز حركة (حماس) في انتخابات العام 2006، لمجرد أن “إسرائيل” لم تُعجبها النتيجة؛ وهو أمر حدث أيضًا في “لبنان”؛ في السنوات اللاحقة، مشيرًا أيضًا إلى “ليبيا” التي أصبحت بمثابة رهينة بأيدي الميليشيات ذاتها التي كان الغرب ساعدها على إسقاط نظام “معمر القذافي”، وعندما بدأت الميليشيات بخنق البلد، تخلى الغرب عن القضية الليبية لوكلائه الإقليميين، والقى بالمسؤولية عن ذلك الوضع على الليبيين أنفسهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة